قائمة الموقع

"بأس الصادقين" .. معركة بطولية رسخت بالنار معادلة الارتباط بوحدة الساحات

2023-02-23T14:04:00+02:00
باس-الصادقين.jpg
شمس نيوز - خاص

تصادف اليومَ الثالث والعشرين من فبراير، الذكرى السنوية الثالثة لمعركة "بأس الصادقين" التي خاضتها سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، رداً على إقدام قوات الاحتلال باغتيال الشهيد محمد الناعم، أحد مجاهدي وحدة النخبة للسرايا، والتنكيل بجثمانه من خلال سحبه بواسطة "جرافة عسكرية"، بعد توغلها شرقي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، في جريمة بشعة، ثم احتجزت جثمانه حتى اللحظة.

وكانت معركة بأس الصادقين تأكيداً على جهوزية سرايا القدس في الرد على أي جريمة يرتكبها الاحتلال ضد أبناء شعبنا، -وفق مراقبين-، وتصديقاً لتصريحات الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة (أبو طارق)، في الذود عن دماء المجاهدين وأبناء شعبنا مهما كلف الثمن.

القصف بالقصف

وقال الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي، أ. طارق سلمي: "إن معركة بأس الصادقين فرضت معادلة "القصف بالقصف"، ورسخت فكرة الاشتباك المباشر مع العدو الإسرائيلي، وتمسك المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها سرايا القدس بخيار الجهاد والمقاومة، حتى دحر الاحتلال وكنسه عن فلسطين المحتلة"

وأضاف سلمي، في تصريح خاص لـ "شمس نيوز": "إن المعركة أظهرت هشاشة الاحتلال وضعفه، وأفشلت مخططاته الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء المقاومة والرواية الوطنية الفلسطينية".

وخلال المعركة، تصاعد العدوان الإسرائيلي، إذ قصفت طائراته الحربية موقعاً للسرايا في العاصمة السورية دمشق، ما أدى إلى استشهاد المجاهدين زياد منصور وسليم سليم. 

وحول دلالة الارتباط بين غزة وسوريا، أكد الناطق باسم الجهاد أن محاولة الاحتلال فصلَ جسم المقاومة الممتد من قطاع غزة ليصل دمشق، هي محاولة فاشلة، مشدداً على أن المقاومة حاضرة من خلال فعلها الميداني في مواجهة الاحتلال.

وكان القائد النخالة قال قبل المعركة بأيام قليلة، خلال مؤتمر "فلسطين لا تقبل القسمة ولا التجزئة"، مُحفِّزاً المجاهدين على الاستعداد والجهوزية: ""ولنذهب إلى القتال كما نذهب إلى الصلاة، وكلاهما التقاء الروحِ بخالقها، وليفعلُ الله بنا بعد ذلك ما يشاء".

وأصبحت هذه المقولة قاعدةَ عمل مهمة في العمل الجهادي والارتباط بالصراع مع المحتل، -كما يُبيِّن سلمي-، مشدداً على أنه "طالما هناك احتلال سيذهب المقاوم لمواجهة المحتل كما يذهب للصلاة، لأن العدو لا يفهم إلا لغة القوة والاشتباك والتحدي".

 

الحساب مفتوح بتوقيت المقاومة

ويتفق المختص في الشأن الإسرائيلي، أ. نبيه عواضة، مع الناطق سلمي، في أن المقاومة تمكنت من فرض معادلة "القصف بالقصف" على الاحتلال الإسرائيلي، واستطاعت أن تدك -في كل معركة تخوضها معه- مسماراً في نعشه الأخير، من خلال منعه من تحقيق أهدافه الرامية إلى طمس الهُوية الفلسطينية وتهويد المقدسات.

ويعتقد عواضة في حواره مع "شمس نيوز"، أن الاحتلال فهم المعادلة جيداً، وبات يدرك أن خوض أي مغامرة من شأنها أن تكبده خسائر كبيرة، أو تزعزع أمنه الهش.

ويوضح عواضة أن المعركة لم تعد اليوم معركة التوقيت الإسرائيلي، بل هي بتوقيت المقاومة، وفيها من الوعي ما يؤسس لنموذج التضحية والعطاء، الذي يمثله الشهداء بوصاياهم الأخيرة كما بطلقاتهم.

ويقول: "جسدت إرادة سرايا القدس في معركة بأس الصادقين بإرادتها وحنكتها العسكرية امتداداً تراكمياً للفعل المقاوم، إذ أظهرت خبرة في التعامل مع مبدأ تحويل التهديد إلى فرصة".

وجاء رد السرايا سريعاً ودقيقاً وكثيفاً، واتبعت تكتيكاً ميدانياً جديداً في تضييق وتوسيع مساحة النيران؛ مما جعل قادة العدو يتخبطون ويسارعون إلى استجداء التهدئة عبر الوسطاء، -كما يشير المختص في الشأن الإسرائيلي-.

وحول دلالة ربط القائد النخالة، القتال بمواقيت الصلاة، يرى عواضة أنه يمكن إدراج ذلك ضمن منهج وعقيدة انتهجتها حركة الجهاد، ولا يمكن الفصل فيها بين أركان الواجب، إيماناً، واقتداراً، وتفاعلاً؛ حتى تحقيق الأهداف.

وجاءت عملية بأس الصادقين تحذيراً للاحتلال بأن دماء المجاهدين في كل الساحات واحدة، وغالية، ولن تذهب هدراً، -وفق ما يؤكده عواضة-، إذ إن الدم الذي سُفك في قطاع غزة هو نفس الدم الذي سُفك في دمشق، وحدة واحدة لا تقبل التمييز أو التفريط.

وَحَّدَت الساحات

كما يتفق الكاتب والمحلل السياسي د. ثابت العمور، ما طرحه المختص عواضة، قائلاً: "معركة بأس الصادقين رسخت أن قتال الاحتلال ركن أصيل من العقيدة، وليس فقط مجرد ثأر أو رد عدوان".

ويقول المحلل العمور، في حواره مع "شمس نيوز": "إن هذه المعركة ثبتت فكرة المقاومة كخيار استراتيجي للشعب الفلسطيني كله، وثبتت جملة معطيات سياسية وعسكرية على الأرض وفي معادلات الاشتباك مع العدو".

أولى هذه المعطيات، -وفق المحلل السياسي-، أنه لا يمكن ترك الاحتلال يتغول ويرتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، دون رد أو ثأر بحجم جرائمه التي ينفذها، وأن قواعد الاشتباك لا تتغير بمضي السنوات، لأن رد المقاومة سيكون أكبر من الجريمة".

ويضيف: "فشلت كل مخططات الردع والترويض في وقف المقاومة أو منع تنامي قدراتها، فلاحظنا أن القتال في غزة لا يمنع المشاغلة في الضفة".

وكانت سرايا القدس، قصفت مغتصبات الاحتلال في غلاف غزة -خلال المعركة- بما يزيد عن 70 صاروخاً، كما دكت مدينة عسقلان المحتلة بصاروخ بدر 3، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات وأضرار مادية في المنازل والمنشآت الإسرائيلية.

وفي هذا السياق، يقول العمور: "رأينا كيف كانت صواريخ السرايا تنطلق من غزة مع كل آذان وكل تكبيرة، في دلالة واضحة على أن المقاومة عقيدة راسخة في فكر الجهاد الإسلامي وحق إنساني ووجودي وواجب شرعي، وإن من يتخلى عنها كمن يترك الصلاة (..)".

وكانت معركة بأس الصادقين مقدمة صادقة لمعركة وحدة الساحات التي خرجت إليها حركة الجهاد الاسلامي منفردة؛ رداً على العدوان الإسرائيلي باغتيال الشهيدين القائدين خالد منصور وتيسير الجعبري، وعدد من قادة الجهاد ومجاهديها، -كما يعتقد الكاتب السياسي-. 

ويرى أنها ثبتت وحدة الدم والمصير، فلا فرق بين دم ودم، ولا بين ساحة وساحة، مشيراً -في الإطار ذاته- أنها "رسخت بالنار معادلة الارتباط بين غزة ودمشق، ما يعني أن الساحات واحدة، سواء أكانت في فلسطين كأريحا وجنين ونابلس، أو حتى خارج فلسطين كسوريا أو لبنان أو غيرها".

اخبار ذات صلة