"لا تَخَافُوا نحنُ منْ رحمِ أمةٍ ٍمعهودةٌ بالجودِ، وَعِنْدِهَا المِليارُ من عددِ الجنود"، بهذا البيت من الشعر يمكننا وصف مشاركة المئات من المقاتلين في حفل تأبين كوكبة من شهداء جنين، إذ أن المشاركة الواسعة من المقاتلين تبعث برسائل عدة أبرزها وأهمها أن الشهيد يُحيى الملايين ليرفع اللواء قائد جديد.
ومن الرسائل التي يرغب المقاتلين بإرسالها في حفل تأبين شهداء جنين وفقًا لمختصين سياسيين وعسكريين أن جذوة المقاومة لا يمكن أن تنطفئ وأن المقاتلين في الميدان على قلب رجل واحد لمواجهة الاحتلال بكل الامكانيات المتاحة.
المختص في الشأن العسكري أحمد عبدالرحمن أكد أن مشاركة مئات المقاتلين في حفل تأبين كوكبة من شهداء جنين شمال الضفة، يحمل رسائل قوية للمحتل الإسرائيلي، أهمها وأبرزها أن أعداد المقاتلين تزداد بشكل لافت وتشكيلاتها العسكرية تتمدد في جميع مدن وقرى الضفة المحتلة.
وأوضح عبدالرحمن في حوار مع "شمس نيوز" أن أعداد المقاتلين المشاركين يدلل أن هناك عمل مدروس ومخطط له، ولم يكن عشوائيًا أو عبثيًا، مستذكرًا عدد المقاتلين قبل عامين إذ أشار أن عدد كتيبة جنين لم يتجاوز أصابع اليد قبل عامين أما اليوم فهناك المئات من المقاتلين في الكتيبة وغيرها من التشكيلات العسكرية.
واللافت وفقًا للمختص العسكري من خلال حشد المقاتلين هو الوحدة الميدانية لكافة التشكيلات فهناك مقاتلين من كتيبة جنين سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى لواء الشهداء وكتائب القسام وغيرها من التشكيلات، مشددًا أن ما تشهده جنين من وحدة ميدانية أمر يبعث بالفخر والعزة، ويزيد من حالة القلق التي تعيشها منظومة أمن الاحتلال الإسرائيلي.
وبين أن الحشد الكبير من المقاتلين في جنين ونابلس يُعد ملهم لجميع الفلسطينيين، وقد يؤسس لنماذج أخرى لتتمدد المقاومة في مدن وقرى فلسطينية جديدة تشكل قلقًا كبيرًا لدى الاحتلال الإسرائيلي.
ويعتقد المختص عبدالرحمن أن حشد المقاتلين في جنين ونابلس وأداء المقاتلين قد يُعيد الضفة لمجدها التليد قبل 17 عامًا قبل سحب سلاح المقاومة، قائلًا: "الرسالة الأهم للحشد تتمثل بقوة المقاومة مهما كانت امكانياتها قليلة إضافة إلى الالتفاف عموم الشعب الفلسطيني خلف المقاومين".
ويحمل حشد المقاتلين رسالة سياسية مهمة، ردًا على مؤتمر العقبة الذي يُعد العدة وفقًا لمصادر إسرائيلية وأمريكية لوأد المقاومة من الضفة المحتلة وخاصة من جنين ونابلس، إذ قال عبدالرحمن: "إذا صحت الأخبار المتداولة عبر وسائل إعلام الاحتلال فإن الضفة ستتجه إلى أوضاع خطيرة جدًا قد تصل –لا سمح الله- إلى الاقتتال الداخلي".
وفيما يتعلق بخطاب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة قال المختص العسكري: "إن الاحتلال الإسرائيلي يعتبر النخالة المسؤول الأول للنقلة النوعية التي تشهدها مدن الضفة المحتلة من انتشار واسع للمقاتلين، كما أن النخالة أعاد اللحمة في ميدان القتال بين سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى".
ويرى عبدالرحمن أن ظهور التشكيلات العسكرية وخطاب الأمين العام للجهاد الإسلامي يدلل على وجود ترتيبات وعمل جدي كبير شمال الضفة سيتقدم بشكل لافت خلال المرحلة المقبلة بزيادة أعداد الكتيبة وتمددها في كل مدن الضفة المحتلة.
وتطرق المختص العسكري لخطاب الأمين العام الذي حذر فيه المقاتلين من الهواتف النقالة والتقاط الصور والظهور العلني والمشاركة عبر منصات التواصل الاجتماعي قائلًا: "إن المقاومة في الضفة حققت معجزة بإعادة الزخم للعمليات القتالية أمام جيش يمتلك أقوى الأسلحة في المنطقة، لكن يجب أن تكتمل الصورة بالالتزام بما حذر منه القائد النخالة ويجب على المقاتلين أن يعودوا للعمل السري والتخفي الكامل والابتعاد عن الأماكن المكشوفة اثناء الاشتباكات".
وفي السياق ذاته يرى الكاتب والمحلل السياسي عادل شديد أن مشاركة المقاتلين في حفل تأبين شهداء جنين يقرأ من زاويتين الأولى إن الظهور للمقاتلين يدلل على وجود زيادة في أعدادهم وظهور تشكيلات جديدة لم تكن موجودة قبل سنوات.
وقال شديد لـ"شمس نيوز": إن القراءة الثانية وهي تحذيرية للمقاتلين بأن واقع الضفة المحتلة هو واقع أمني مكشوف للاحتلال الإسرائيلي والظهور العلني للمقاتلين قد يؤدي إلى اكتشاف شخصياتهم وإمكانية الوصول إليهم بسهولة من قبل جيش الاحتلال وعملائه".
وأضاف: أكثر الأعمال المقاومة في الضفة المحتلة والمزعجة للاحتلال الإسرائيلي هو العمل ضمن خلايا مخفية لأن احتمالية اكتشفاهم تكون أقل من الظهور العلني للمقاتلين، مؤكدًا أن ما يجري في الضفة عامل مهم يجب الحفاظ عليه بطرق أمنية وعسكرية بعيدة عن الإعلام.
ونظمت حركة الجهاد الإسلامي مساء يوم الجمعة 3 مارس/أذار 2023 حفل تأبين لكوكبة من شهداء مخيم مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، بمشاركة جماهيرية حاشدة، ومشاركة لافتة من مئات المقاتلين المسلحين الذين جابوا شوارع مخيم جنين.