شمس نيوز / عبدالله عبيد
"حماس وفتح مثل (توم وجيري)، يتخاصمان مرة ويتصالحان مرة،وهذا ما لمسناه بعد زيارة رئيس الوزراء الحمدالله الأخيرة لغزة". بهذه الكلمات عبّر المواطن أبو بلال (44 عاماً) من مخيم جباليا عن سخطه من استمرار الخلافات بين حركتي حماس وفتح، وكثرة الحديث عن المصالحة دون معاينتها على أرض الواقع.
وجهة نظر "أبو بلال" تلخص حال المحاصرين بغزة عامة، ولا تقتصر على جملة عابرة، فمنذ ثمانية أعوام يعاني الفلسطينيون في القطاع مرارة الحصار الإسرائيلي الذي تخلله ثلاثة حروب متتالية حصدت الأخضر واليابس وأتت على آمال المواطنين جملة وتفصيلا.
وقال "أبو بلال" لـ"شمس نيوز" خلافات الحركتين لا تعد ولا تحصى، ووضعت أهالي غزة في حالة يأس مزمنة، لأنهم باتوا على قناعة بأن الخصمين لن يتصالحا أبداً، واتفاقياتهم لا تتجاوز كونها حبرا على ورق.
زيارة الدكتور رامي الحمدالله رئيس حكومة التوافق شكلت في حينها بصيص أمل بالنسبة للغزيين، كون أن أزماتهم ومشاكلهم قد "طافت حد الكيل"، لكن الآمال تبددت مثل سحاب الصيف، بعد أن غادر الحمدالله غزة في اليوم التالي.
وصرَّح الحمدالله فور وصوله القطاع خلال مؤتمر عقده في فندق "الموفنبيك"، بأن أي حلّ لأزمات القطاع لن يكتمل إلا بتسليم المعابر للرئاسة، وجباية الضرائب لحكومة التوافق لتمكينها من السيطرة على القطاع وتولي زمام الأمور فيه" بحسب تعبيره.
وأضاف الحمدالله أن الحكومة وضعت خطة وطنية لاحتواء أزمة الموظفين بما يضمن لهم العدالة والإنصاف، مؤكدًا أن الحكومة لا تتعامل بتمييز بين الموظفين بل وفق معاييرٍ وقوانين محددة.
واجتمع رئيس الحكومة بوزرائه الثلاثاء الماضي، وقرر تشكيل لجنة لترتيب استلام معابر القطاع بالإضافة إلى إعادة تشكيل اللجنة الإدارية القانونية لدراسة القضايا المدنية والمشاكل الإدارية الناجمة عن الانقسام والتي تشمل الموظفين، الأمر الذي اعتبرته حماس تنكراً للتفاهمات التي تمت معها، مؤكدة أن إعلان الحكومة أن قراراتها الأخيرة المتعلقة بالمعابر والموظفين، جاءت بالتوافق مع الحركة "غير صحيح".
حل حقيقي
حماس من جهتها أوضحت أن المطلوب من حكومة الوفاق حل حقيقي للمسائل العالقة والأزمات الموجودة في قطاع غزة، وليس زيارات شكلية وبروتوكولية، واصفة الزيارات التي تقوم بها حكومة الحمد الله بالزيارات " الشكلية والبروتوكولية".
وقال القيادي في حماس، اسماعيل رضوان لـ"شمس نيوز": ليس هناك تواصل بين حكومة رام الله ووزرائها في غزة، ولا حل لمشاكل الموظفين ولا للمعابر والأزمات في الصحة والتعليم وغيرها من المؤسسات التشغيلية"، مبيّناً أن الزيارات لن تحل شيئاً إذا لم تكن هناك إرادة سياسية جادة وصادقة للالتزام بالتفاهمات وتطبيق اتفاق المصالحة.
وشدد رضوان على أن ما تقوم به حكومة التوافق الوطني هو استمرار للتهميش والاستقصاء وعدم تغليب الشراكة في المشاكل العالقة، منوهاً إلى أن القيادة في رام الله "لا تؤمن بعقلية الشراكة ولا تلتفت إلى قطاع غزة وليس فقط حماس"، على حد قوله.
المعاناة مستمرة
المحلل السياسي، طلال عوكل، عدّ الخلافات بين حماس والحكومة التي ظهرت على خلفية نتائج زيارة الحمد الله لغزة، استمراراً للمعاناة وتفاقمها بالنسبة للمواطن الغزي، وتبخر التفاؤل والأمل لتغيير مثل هذا الواقع.
ورجّح عوكل خلال حديثه لـ"شمس نيوز"، أن تكون هذه الخلافات لها علاقة بالحوار السياسي بين أصحاب القرار، مبيّناً أن الحكومة ليست صاحبة قرار، "إذا هي حكومة توافق تعمل على ما يتفق عليه الطرفان فتح وحماس"، على حد قوله.
وقال: في ظل هذا الوضع كيف يمكن أن نتفاءل بأن تفعل الحكومة شيئاً، سيظل اللعب على النصوص قائما في ظل غياب النوايا الحقيقية للاتفاق"، لافتاً إلى أن كل طرف يحاول تفسير ما يجري الاتفاق عليه بطريقته الخاصة.
وأكد عوكل أن الخلافات القائمة بين الطرفين ستزيد من حدة الأزمات في قطاع غزة، مضيفاً: عناوين الأزمات معروفة، ولكن كل الملفات ما تزال على حالها والأزمات تتفاقم، وكلما استمر الوضع على حاله بين الطرفين كلما تعمقت أزمات المواطنين".
الجدير ذكره، أن عملية إعمار قطاع غزة ما زالت تراوح مكانها، حيث عقد مؤتمر بشأن عملية الإعمار وتعهد المانحون خلاله بدفع 5.4 مليار دولار لإعمار القطاع، ولكن لم تصل هذه الأموال حتى الآن.
يُذكر أن الاحتلال الإسرائيلي دمر خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة نحو تسعة آلاف منزل بشكل كامل وثمانية آلاف بشكل جزئي، وفق إحصائيات وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.