وجهت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي صفعة كبيرة للكيان الصهيوني، بعد استباحته الدم الفلسطيني منذ توقيع التهدئة مع الفصائل الفلسطينية في نوفمبر عام 2012م، من خلال شن عملية قصف صاروخية منظمة ومفاجئة رداً على اعتداءاته المتواصلة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، ما أجبر الاحتلال إلى استجداء التهدئة.
معركة كسر الصمت التي أطلقتها سرايا القدس نجحت في استعادة قواعد لعبة الردع مع الاحتلال الصهيوني التي كانت قائمة خلال السنوات الفائتة على فكرة أي خرق صهيوني للتهدئة يقابل برد فعل فلسطيني وهو ما حدث في كسر الصمت.
ورأى خبراء عسكريون أن عنصر المفاجأة الذي استخدمته سرايا القدس في "كسر الصمت" قلبت الموازين ونجحت في استعادة قواعد اللعبة مع العدو الصهيوني وجعلته يتخبط ويدخل في حيرة وقلق، مؤكدين على أن تطور قدرات المقاومة في هذه المعركة كان بإخفاء مواقع إطلاق الصواريخ، وعدم تحديد الجيش الصهيوني لها، إضافة إلى عدم وقوع إصابات في مجاهديها.
بداية المعركة
وكانت سرايا القدس أطلقت معركة "كسر الصمت" والتي يصادف ذكراها الثامنة اليوم الأحد (12 - 3) رداً على اعتداءات الاحتلال الصهيوني ضد شعبنا المجاهد في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، والتي كان آخرها آنذاك اغتيال 4 من أبناء شعبنا في الضفة الغربية المحتلة واستشهاد ثلاثة من مجاهدي سرايا القدس جنوب قطاع غزة وهم: "عبد الشافي معمر" و"شاهر أبو شنب" و"إسماعيل أبو جودة" في قصف صهيوني استهدفهم خلال تصديهم لتوغل صهيوني شرق خانيونس.
وتمكنت سرايا القدس من قصف المواقع العسكرية والمغتصبات الصهيونية في غلاف غزة ( سديروت – ناحل عوز – نير اسحق – صوفا – كيبوتس سعد – كفار عزا – مفلسيم – زكيم – نتيفوت ) بـ 130 صاروخاً وقذيفة خلال عشرون دقيقة في هجمة صاروخية منظمة لم يتوقعها العدو الصهيوني مما شكلت صفعة قوية لقادة الكيان.
مفاجأة المعركة
في إطار المفاجئات التي توعدت بها سرايا القدس العدو الصهيوني، كشفت السرايا في مقطع فيديو نشره الإعلام الحربي راجمة صواريخ أرضية جديدة استخدمتها لقصف المغتصبات الصهيونية بصواريخ "107" الموجهة.
وأطلقت الراجمة التي خرجت من بطن الأرض بطريقة آلية، وهي تحمل شعار سرايا القدس ، عدة قذائف صاروخية باتجاه المغتصبات الصهيونية بغلاف غزة، وكانت أولى مفاجآت سرايا القدس، ضمن معركة "كسر الصمت" التي أطلقتها رداً على العدوان الصهيوني.
السرايا تفاجئ العدو
من جهته، شدد الخبير العسكري يوسف الشرقاوي في حديث خاص لموقع السرايا أن عنصر المفاجأة الذي استخدمته سرايا القدس في "كسر الصمت" جعل قيادة العدو الصهيوني في حيرة، منوهاً إلى أن المقاومة لا بد أن يكون لديها مفاجئات متتالية للعدو حتى تحسم المعركة لصالحها كما في معركة كسر الصمت والبنيان المرصوص وغيرها من المعارك.
وأشار الشرقاوي إلى أن "كسر الصمت" أعطت رسالة للكيان الصهيوني أن المقاومة من الممكن أن تقبل بالتهدئة وأيضاً تستطيع أن ترد على أي عملية اغتيال متى شاءت، موضحاً أن هذه المعركة أدخلت قاعدة جديدة على نمط المقاومة من خلال تكثيف ردها على العدوان في وقت قصير.
ولفت إلى أن السرايا نجحت في هذه المعركة من خلال استطاعتها أن تطلق قذائف من مناطق تحت الأرض بدون أن تكتشفها تكنولوجيا العدو وطائرات الاستطلاع الصهيونية.
وبيّن الخبير العسكري أن أوضاع المقاومة خلال المعارك السابقة مع المحتل كانت نحو الأفضل من حيث تحسين الأداء والتركيز القوي وإدارة النار كانت أفضل من أي وقت سابق، مطالباً المقاومة بتطوير أدائها وسلاحها وان لديها مفاجآت وسلاح نوعي توظفه في المكان المناسب لخدمة أهدافها لأن العدو متطور بأسلحته وإمكانياته.
يحسبون ألف حساب
من جهته، رأى الخبير العسكري اللواء واصف عريقات أن سرعة اتخاذ القرار وقدرة سرايا القدس على إطلاق عدد كبير من الصواريخ في 20 دقيقة بمعركة كسر الصمت إضافة إلى الانضباط في بداية القصف ونهايته كان عنصرا مفاجئاً في المعركة، لافتاً إلى تطور المقاومة في هذه المعركة كان بقدرتها على إخفاء مواقع إطلاق الصواريخ، وعدم تحديد الجيش الصهيوني لها.
وأكد عريقات لموقع السرايا أن قدرة سرايا القدس على الإخفاء والتمويه وعدم إفساح المجال للطائرات الصهيونية والأقمار الصناعية التي تقوم برصد المواقع أقلق قادة جيش الاحتلال وجعلهم يحسبون ألف حساب في أي معركة قادمة.
وشدد عريقات على أن السرايا استطاعت التغلب على العدو الصهيوني في معركة "كسر الصمت" من خلال التكتيكات العسكرية والقدرة على استخدام راجمات الصواريخ والحركة المنظمة واستخدام الأدوات الموجودة لديها بانتظام وفعالية، مشيراً إلى أن سرايا القدس تُطور من أدائها العسكري نحو الأفضل مما يجعلها تُبدع وتقلب الموازين في المعارك القادمة مع العدو الصهيوني.
السرايا وجهت رسالة قوية
لم تُفاجأ حكومة الاحتلال برد سرايا القدس لكنها تفاجأت من حجم الرد، ومن جرأة الاستعداد لإطلاق عملية قد تكون مفتوحة يحدد سقفها وعمقها رغبة الاحتلال في امتصاصها أو الرد عليها، الأمر الذي أربك قادة الاحتلال في " تل أبيب" وكشف حقيقة موقفهم ومخاوفهم وجوف تهديداتهم ورغبتهم الشديدة في التمسك بالتهدئة حينها.
سرايا القدس نجحت بمعركة “كسر الصمت” في توجيه رسائل تحذير وتهديد للاحتلال من مغبة استمراره في خروقاته للتهدئة، وفي رسم سياسات جديدة تبتز المقاومة وتستنزفها، كما أن طبيعة العملية عكست أسلوب الذكاء والحنكة في إدارة الصراع، وتحطيم الصمت وعدم القبول بالاغتيال واستمرار العدوان، وفي نفس الوقت عدم التهور والتصعيد غير المحسوب، وقد سيطرت على لهب المعركة بصورة تثير الإعجاب، وربما في “كسر الصمت” كسرت السرايا حواجز داخلية وفيتو غير معلن، حيث قادت معركة من ألفها إلى يائها وكانت هي العنوان الوحيد لجهة التفاوض، الأمر الذي أكسبها الكثير من النقاط ويبوئها موقعاً نوعياً أكثر تقدماً، وهذا ما ركز عليه الاعلام الصهيوني في قراءته لمردود نتائج المعركة على حركة الجهاد.