تكثرُ مشاهد الفرحة في استقبال شهر رمضان الكريم بشوارع قطاع غزة، فتتزين الحارات والطرقات والمحال التجارية بالفوانيس وأحبال الإضاءة المُعلقة، فيما يجتمع الأطفال في الأحياء والحارات السكنية بعد تناول طعام الإفطار مباشرة، غير أنَّ ما ينغص تلك المشاهد هو استخدام الصبية للألعاب النارية والمفرقعات، التي حوَّلت حياة الكثيرين إلى مأساة حقيقية.
وفي كل عام يتعرض كثير من الفتية والصبية لإصابات البتر والحروق الناتجة عن استخدامهم للألعاب النارية والمفرقعات، الأمر الذي دفع الجهات الحكومية إلى ملاحقة بائعي ومروجي هذه الألعاب الخطرة.
شكاوى وانزاع
الشّاب طارق النملة (22 عامًا)، يقول: "الألعاب النارية والمفرقعات مزعجة جدًا، وتعكر صفو الأجواء الرمضانية والايمانية، عدا عن كونها تشكل خطرًا على حياة الأطفال، إذ أصيب عدد من أبناء الحيِّ الذي يسكن فيه بشظايا الألعاب النارية.
وذكر أن الإزعاج الأكبر من المفرقعات والألعاب النارية يبدأ أثناء صلاة التراويح، إذ يجتمع الأطفال أمام المسجد ويباشروا إطلاق الألعاب النارية والمفرقعات ما يزعج المصلين بشكل كبير، وقد يُسبب ذلك شجارات بين الأطفال قد تمتد لتصبح عائلية بسبب المفرقعات.
الحاجة أم علي خطاب (62 عاماً) تشكو هي الأخرى من المفرقعات الصوتية، التي تربك الأجواء الرمضانية الروحانية، وتخشى ان يصبح أحد أحفادها أحد أولئك المصابين بالحروق نتيجة تلك الألعاب.
وتدعو الحاجة الجهات المعنية إلى معاقبة ومحاسبة كل من يقف خلف تلك الصناعة والتجارة التي تجلب الويلات لعوائل الفلسطينية في غزة، مستذكرةً كيف كانت الأجواء الرمضانية قبل عقود مضت، إذ كانت تسيطر على مسامعهم الناس أصوات قراء القران عبر المذياع، واصوات المسحراتية، والابتهالات الرمضانية.
إنذارات وعقوبات
المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية بغزة العقيد أيمن البطنيجي، أكد أن الشرطة بدأت فعلياً قبل أسبوعٍ بمتابعة تجار ومروجي الألعاب النارية، ووجهت انذاراتٍ شديدةٍ لهم، محذرةً إياهم بيع هذه المفرقعات والألعاب بشكل نهائي.
وذكر البطنيجي أنَّ خطة الشركة ترتكز إلى متابعة دقيقة في كل منطقة من قبل مراكز الشرطة الموجودة فيها، لمنع بيع وتداول الألعاب النارية، والمفرقعات الصوتية.
وحثَ البطنيجي المواطنين بضرورةِ مساعدتهم بالإبلاغ عن مروجي وبائعي المفرقعات الصوتية، والألعاب النارية، حتى يتسنى للجهات المعنية اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المروجين والبائعين، مؤكدا أن الإجراء التي ستتخذ بحق أي مخالف ستكون حاسمة وقاسية.
وأشار إلى انَّ الشرطة الفلسطينية أوقفت عدداً من صانعي الألعاب النارية والمفرقعات الصوتية الذين خالفوا التعهدات بشأن تصنيع هذا النوع من الألعاب، واتخذ بحقهم الإجراءات القانونية اللازمة.
ولفت إلى أنَّ جهاز الشرطة يعكف على اعداد توجيهات وارشادات إعلامية، توضح خطورة استخدام المفرقعات، والألعاب النارية، لتوعية الجمهور بخطورتها، ولحث المروجين للكفِ عن بيعها.
المفرقعات حرام شرعاً
وفي هذا السياق، ورد سؤال لدار الإفتاء المصرية، عن الحكم الشرعي حول استعمال المفرقعات النارية، وإن كانت حلال من عدمه، وأجاب عنه الدكتور علي جمعة، في فتوى نُشرت على موقع الدار الرسمي، قال فيها إن المفرقعات النارية حرام شرعا، ولا يجوز استعمالها في الاحتفالات أو غيره، تحت أي مسمى.
وأوضح جمعة، أنّ الألعاب النارية فيها نوع من أنواع الترويع للمواطنين الموجودين في المكان وقت انطلاق الألعاب النارية، وهذا ما نهى عنه الشرع، مشيرا إلى حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي قال فيه: مَنْ رَوَّعَ مُؤْمِنًا؛ لَمْ يُؤَمِّنِ اللهُ رَوْعَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.
وأكد علي جمعة، أن استعمال الألعاب النارية كصورة من صور الاحتفال في المناسبات المختلفة، هو غير جائز شرعا، في كل المناسبات دون استثناء، لما فيه من ترويع للناس، إلى جانب الأخطار الوارد أن يتعرض لها البعض إثر استعمالها، مشيرًا إلى أنّ الألعاب النارية إضاعة للمال، والذي يعتبر من التصرفات غير المستحبة، فمن سمات الرشد أن يحافظ المرء على ماله ويحسن التصرف فيه، ولا يقوم بصرفه فيما لا نفع منه ولا فائدة، وإنما الحرص على استعماله فيما يعود بالنفع على الإنسان، فهو أفيد له ولمن حوله.