تتدلى أحبال الزينة ذات الألوان الزاهية من مدخل السوق، وإلى اليمين يجلس البائع معتز سالم مشغولًا بتعبئة وتغليف الدُمى، فيما يساعده أحمد بترتيب زينة رمضان بشكل هندسي أنيق، يحاول الشابان لفت انتباه الزبائن، أملًا في إنقاذ الموسم الذي تعرض لانتكاسة قبل بدايته لأسباب متعددة.
الشابان "معتز وأحمد" ينشغلان منذ أيام بتزيين بسطتهم في سوق الزاوية التاريخي بمدينة غزة، بجميع أشكال زينة رمضان من أحبال زينة وفوانيس ودمى متنوعة، إلا أنهما فوجئا بالعروض التجارية التي نشرها التجار على حساباتهم في منصات التواصل الاجتماعي والتي باتت تهدد أصحاب البسطات من الحصول على الأرباح التي كانوا يرغبون بتحقيقها في موسم رمضان.
يقول الشاب أحمد لـ"مراسلنا" ويعلوا صوته الحزن والألم: "بدأنا بشراء مستلزمات رمضان قبل شهر تقريبًا من التجار الكبار بـ"سعر الجملة"؛ لكن تفاجأنا قبل 10 أيام من أول أيام رمضان بالعروض المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي".
وأشار إلى أن أسعار العروض التجارية للناس هي بنفس "أسعار الجملة"، فمثلًا "حبل الزينة الهلال والنجمة 3 أمتار بطول 60 سم يبلغ سعره جملة بـ 14 شيكلاً، وه نفس السعر الذي يباع للناس، متسائلا ماذا سنستفيد نحن الباعة؟.
الشابان طالبا عبر "شمس نيوز" وزارة الاقتصاد لحماية الباعة المتجولين من جشع كبار التجار، الذين يبتاعون زينة رمضان بأقل من أسعارها داخل السوق فيما يعرف بـ "العروض التجارية" هي نفسها أسعار الجملة التي تُباع للباعة المتجولين.
وما أن تقترب عقارب الساعة من الرابعة عصرًا حتى تبدأ الحركة التجارية في سوق الزاوية تشهد دخول أفواج من الناس، إذ تتجه الأسر الغزية المكونة من "الأب والأم والأطفال" لشراء ما يلزمهم من زينة رمضان ومستلزماته من الأطعمة والمشروبات تزامنًا مع بدء العد التنازلي لقدوم شهر الخير والبركة.
فكلما تعمقت داخل سوق الزاوية تستمع إلى موسيقى وأغاني رمضان والتي تسيطر عليها أغنية "حالو يا حالو رمضان كريم يا حالو" فهذه الأغنية واحدة من أهم وأبرز الأغاني التراثية لشهر رمضان والتي مر على غنائها عصور عدة.
وفي زاوية وسط سوق الزاوية يجلس الشاب مهند الترتوي (34 عامًا) على كرسيه يُعبئ دمى رمضان، يقول لمراسلنا: "أبيع الدمى وزينة رمضان في سوق الزاوية منذ نحو 10 أعوام في أحد المحال التجارية، وقد شاهدت اختلافا كبيرًا في الاحتفاء بموسم رمضان من عامِ إلى أخر".
يتحدث الترتوري عن البضاعة ويداه كانتا تغوصان داخل الدمى: "هذه الدمى نستوردها من مصر ونقوم بتعبئتها بالقطن على أبواب المحال التجارية؛ لتباع بأقل سعر من الجاهزة"، مشيرًا إلى أن البضاعة المستوردة اليوم تتعرض للغلاء بسبب فرض الجمارك مرتين عليها.
ولفت إلى أن مصر تفرض جمرك على البضاعة، إضافة إلى جمارك غزة التي تفرض على كل ما يدخل من بضاعة، وهذا الأمر وفقًا للترتوري يقلل من أرباح التجار الذين اضطروا للبيع كغيرهم من المحال التجارية.
وعن أسعار الفوانيس ذكر الترتوري أن هناك أنواع مختلفة شعبية وأخرى ماركة، فأسعار الماركات يصل سعر الفانوس الكبير من 35 إلى 40 شيكلاً بينما الصغير من 25 إلى 30 شيكلاً، وفيما يتعلق بأسعار الفوانيس الشعبية فإن سعرها يتراوح ما بين (5 إلى 20 شيكل) حسب الحجم.
الترتوري يقضي جل وقته في سوق الزاوية، لا سيما وأنه يخرج من البيت في تمام الساعة الثامنة صباحًا ليمكث حتى آذان المغرب ليلًا، مرجعًا سبب طول ساعات العمل لقلة المشترين ما يضطر صاحب العمل والتجار لفتح أبواب محالهم التجارية لوقت متأخر حتى يتمكنوا من بيع بضاعتهم.
تبتعد بخطوات قليلة إلى اليسار عن محل الترتوري؛ لتقترب تلقائيًا إلى بسطة مزينة بأجود أنواع العصائر والتمور ورائحة الخروب، والتي تزين مائدة الصائمين في "السحور والإفطار" طيلة أيام شهر رمضان المبارك.
وتتزين جميع المحال التجارية ببضاعة رمضان المميزة من صناديق تمور بأنواع مختلفة، وزيوت زيتون ومختلف أنواع المكسرات والبهارات، وفواكه مجففة، ليقبل الصائمون على شراء تلك البضاعة استعدادًا للصوم.
ويأمل أصحاب المحال التجارية أن تشهد أيام ما قبل رمضان حركة تجارية تُنعش الأسواق، والتي ستفتقد طيلة أيام رمضان بسبب لجوء الناس إلى العبادة باستثناء ساعة ما قبل آذان المغرب.