يولي الشعب الليبي، كجيرانه الإيطاليين، أهمية كبيرة للقهوة، ويتعامل الناس في البلد العربي الوحيد الذي استعمرته إيطاليا، بجدية فائقة مع "الإسبرسو" وأخواتِها، مع اقتراب شهر رمضان، يستعد الصائمون لحرمان أنفسهم من مشروبهم المفضل خلال النهار.
وسط طرابلس العاصمة، يجتمع الرجال خلال شهر رمضان أمام عدد لا يحصى من المقاهي، غالبًا ما تكون أكشاكاً صغيرة مجهزة بآلات تحضير القهوة متطورة للغاية وإيطالية المنشأ.
ويلاحظ محمد الزرقاني الذي يدير أحد هذه المقاهي في قلب المدينة القديمة بطرابلس، أن القهوة التي يشربها الليبيون عادةً في 16 ساعة يومياً، يشربونها خلال شهر رمضان في غضون ساعتين بعد أذان المغرب، في محاولة لتعويض ما فاتهم في ساعات الصيام.
يعود تقليد القهوة في ليبيا إلى القرن الخامس عشر، إذ كانت ممراً أساسياً لنقل حبوب البن التي تُزرع في اليمن من شبه الجزيرة العربية إلى أوروبا. ومن ثم اعتمد الليبيون "الإسبريسو" الشهير تحت تأثير الإيطاليين الذين احتلوا ليبيا عام 1911، بالإضافة إلى القهوة التركية التي أطلقوا عليها اسم "القهوة العربية".
وتزخر قوائم المشروبات الساخنة بتشكيلة واسعة من الأنواع الإيطالية، من الإسبريسو، إلى الأفوغاتو، مروراً بالأميركانو.
وعلى شرفة مقهى آخر في طرابلس، يتجاذب رجال من كل الأعمار أطراف الحديث بهدوء أثناء تناول القهوة، ومنهم عبد الباسط حمزة الذي ترك متجره لبيع الحقائب، كي يتسنى له أن يأتي ويشرب القهوة عصراً.
ويقول الرجل ذو اللحية البيضاء البالغ 63 عامًا، وهو يمسك كوب قهوة "لا يوجد شيء نشربه أكثر من القهوة". ويضيف: لا تجد قهوة بهذه الجودة في البلدان المجاورة.
وعقب صلاة المغرب مباشرة، يُقبِل بحماسة على شرب القهوة. أما الشاب علي الخوجة الذي يواظب على شرب القهوة منذ مرحلة المراهقة، فيستعد هو الآخر لحرمان نفسه من القهوة خلال رمضان.
ويشير إلى أن "القهوة حاضرة على كل موائد الإفطار".ويختم مبتسماً: "نقضي المسا ء (بعد الإفطار) نشربها في الخارج مع الأصدقاء".