تشهد فرنسا، اليوم الثلاثاء، موجة جديدة من الاحتجاجات والإضرابات على مستوى البلاد بعدما خيمت على مسيرات الأسبوع المنصرم أسوأ أعمال العنف في الشوارع منذ سنوات.
وتتسم الاحتجاجات الرافضة لخطط الرئيس إيمانويل ماكرون، لتأخير سن التقاعد عامين ليصبح 64 عاماً، بالسلمية إلى حد بعيد حتى الآن.
واعتُمد قانون إصلاح نظام التقاعد، قبل أيام، استناداً إلى المادة الـ 49.3 من الدستور الفرنسي، التي تسمح بتمرير المشروع من دون تصويت في الجمعية الوطنية، ما لم يؤدِّ اقتراحٌ بحجب الثقة عن الحكومة إلى إطاحتها.
وحطم محتجون من جماعة "بلاك بلوك" نوافذ محلات ودمروا محطات حافلات ونهبوا فرعاً لسلسلة مطاعم "ماكدونالدز" في باريس خلال أحدث أيام الاحتجاجات التي عمت فرنسا. وشهدت مدن أخرى أعمال عنف مشابهة.
من جهته، حذّر وزير الداخلية جيرالد دارمانان، أمس الاثنين، من "مخاطر حقيقية للغاية" من اندلاع المزيد من العنف اليوم في العاصمة وخارجها. وسينتشر نحو 13 ألفاً من أفراد الشرطة أثناء المسيرات وسيكون أقل من نصفهم في باريس.
وقال الوزير الفرنسي، خلال مؤتمر صحافي، إنّ جماعات تنتمي لأقصى اليسار تريد "إحراق فرنسا" وإنّ بعضها جاء من الخارج.
أما الشرطة فنصحت أصحاب المحلات الواقعة في خط سير الاحتجاج بإغلاقها اليوم. وستتعطل خدمات القطار والرحلات الجوية وستغلق بعض المدارس أبوابها مثلما كان الحال في أيام الإضرابات السابقة منذ منتصف كانون الثاني/يناير.
وترى الحكومة الفرنسية أنّ مشروع قانون التقاعد ضروري حتى لا تفلس المنظومة، ويرى المحتجون أنّ هناك سبلاً أخرى لتحقيق هذا الهدف.
وطلبت النقابات من ماكرون سحب مشروع القانون أو إيقافه بعض الوقت لتهدئة الأمور، وتم إقرار التشريع لكنه لم يُنشر بعد بانتظار مراجعة المجلس الدستوري.
ورد ماكرون بأنّه على أتم الاستعداد للحديث مع النقابات، ولكن بخصوص أمور أخرى.
4 من أكبر 6 مصافي تكرير في فرنسا تعمل جزئياً
ويعمل قطاع تكرير النفط في فرنسا بجزء بسيط من طاقته التشغيلية، مع دخول الإضرابات العمالية احتجاجاً على تعديلات الحكومة لنظام التقاعد أسبوعها الرابع.
وذكرت وكالة "بلومبرغ" للأنباء أن 4 من أكبر 6 مصافي تكرير في فرنسا تعمل بالكاد حالياً، بعد أن قررت شركة "إكسون موبيل" الأميركية وقف تشغيل أكبر مصفاة تابعة لها في فرنسا، مطلع الأسبوع الحالي، بسبب عجزها عن توفير النفط الخام اللازم للتشغيل نتيجة الإضرابات العمالية.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أنّ الإضرابات في فرنسا أثّرت في سوق النفط العالمية، حيث تراجعت أسعار النفط الخام من بحر الشمال وغرب أفريقيا، باعتبار فرنسا سوقاً رئيسياً لإنتاج المنطقتين.
وقالت شركة "إنيرجي أسبيكتس للاستشارات" إنّ الإضرابات خفضت إمدادات الديزل (السولار) في فرنسا بنحو 200 ألف برميل يومياً.
وبحسب بيانات "بلومبرغ"، فإنّ حوالى 80% من الطاقة التشغيلية لمصافي تكرير النفط في فرنسا يمكن أن تتوقف عن العمل بسبب نقص إمدادات الخام.