حَمَلت صواريخ المقاومة الفلسطينية، الليلة الماضية، عدة رسائل ودلالات في ترسيخ معادلة وحدة الساحات الفلسطينية التي فرضتها المقاومة وغلى رأسها سرايا القدس بقوة البارود والنار؛ إذ إنها اللغة الوحيدة التي يفهمها الاحتلال، وعبَّقتها بدماء شهدائها القادة.
وتسعى حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة لإثبات وجودها وهيمنتها من خلال إراقـــة الدماء الفلسطينيــة، وتتصاعد انتهاكاتها مع حلول ما يسمى "عيد الفصح العبري"؛ لتثبيت وفرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك وتدنيسه وتهويده.
هذا الواقع التلمودي ترفضه فصائل المقاومة وتحذر حكومة الاحتلال من مغبة الاستمرار فيه، وهو ما أكده تصريح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة: "إن ما يجري في المسجد الأقصى المبارك يشكل تهديداً جديّاً على مقدساتنا، وعلى الشعب الفلسطيني أن يكون حاضراً بكل مكوناته للمواجهة الحتمية في الأيام القادمة".
تصريحات القائد النخالة تعني -وفق مراقبين-، جهوزية المقاومة لخوض المواجهة الحتمية مع الاحتلال حال استمرار عدوانه على الشعب الفلسطينية والمقدسات.
سيف القدس لم يُغمد
وأكد مسؤول العلاقات الفلسطينيــــة لحركة الجهاد الإسلامي في لبنان، أبو سامر موسى، أن سيف القدس سيبقى مشرعاً في وجه الاحتلال طالما بقي الأقصى مستباحاً.
وشدد موسى، في حواره مع "شمس نيوز"، على أن صواريخ المقاومة التي أُطلقت من قطاع غزة صوب مناطق غلاف غزة، تُرَسِّخ معادلة وحدة الساحات الفلسطينية، وتحمل رسائل رادعة لكيان الاحتلال الإسرائيلي في حال استمرار عدوانه وتغوله.
وقال: "حركــة الجهاد وسرايا القدس أعلنت ورفعت حالة الاستنفار لدى مجاهديها في إشارة منها ومن فصائل المقاومـــة إلى أن معركــة سيف القدس (في أيار من العام 2021 دفاعاً عن المسجد الأقصى) ليست ببعيدة عن واقعنا الجديد، وخاصة أن الجهاد الإسلامي خاضت معركة وحدت الساحات (في آب من العام 2022)؛ للحفاظ على إنجازات سيف القدس.
وأضاف أن دعوات المستوطنين المتطرفين لاقتحام الأقصى المبارك وذبح القرابين، ووضع مكافأة ماليــة لذلك، وإقامـــة الشعائر التلمودية، سيشعل فتيل المنطقة وسيجر إلى مواجهة شاملة لا تُحمد عقباها على الاحتلال.
وأشاد موسى ببسالة المقدسيين والمرابطين في المسجد الأقصى المبارك الذين شدوا الرحال إليه؛ لمواجهة الحملة اليهودية الشرسة، مشيراً إلى أنهم يسطرون بصدورهم العارية المليئة بالإيمان، أسمى معاني العزة والصمود؛ متسلحين بمنطق الحق وقوة الحق في مواجهة منطق الباطل وظلاميـــة المحتل.
وقال: "نحن على ثقة كاملة وتامـــة بقوة وصلابـــة أهلنا في أراضي الضفة الغربية وفلسطين المحتلـــة عام 48، باعتبارهم رأس الحربـــة المتقدمة في مواجهة آلة الإجرام الإسرائيلية".
وشدد على أهمية تضافر الجهود والتضامن معاً والسير قدماً باتجاه كسر الحواجز الإسرائيلية، والوصول الى باحات الأقصى لمن يستطع ذلك، والاحتشاد في كل الأماكن التي يستطيع الفلسطيني الوصول إليها على تخوم المسجد الأقصى، وفي شوارع القدس، والتضامن في البلدات والمدن والقرى الفلسطينيـــة في أرضي 48.
وطالب بتحشيد إمكانيات الأمة العربية والإسلاميـــة وسفارات وبعثات الدبلوماسية العربية لتكثيف نشاطها وممارسة أقصى درجات العمل الدبلوماسي؛ لفضح زيف هذا الاحتلال المجرم، كما طالب الدول العربيــــة بالتضامن الفعلي مع قضية فلسطين المركزية، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وقطع أشكال التنسيق والتعاون والتطبيع مع الاحتلال.
ودعا موسى إلى حراك جماهيري عربي إسلامي واسع وكثيف من خلال الخروج بمسيرات عارمة منددة بكيان الاحتلال وداعميه.
بقعة الزيت ستتسع!
من جهته، يوضح الكاتب والباحث السياسي عمر المصري، أن إقدام الاحتلال على اقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين الآمنين والتنكيل بهم واعتقال عدد كبير منهم، هو انتهاك صارخ لحرمة شهر رمضان الفضيل، واستفزاز لمشاعر الفلسطينيين والمسلمين على امتداد الكرة الأرضية.
ويعتقد الباحث المصري، في حواره مع "شمس نيوز"، أن استمرار هذه الجرائم سيكون له عواقب وخيمة على الاحتلال، "ويمكن أن تتدحرج الأمور إلى تصعيد، خاصة في حال قيام ما تسمى جماعات الهيكل بتنفيذ مخططاتها بذبح قرابين عيد الفصح داخل المسجد الأقصى".
ونبَّه إلى أن ذبح القرابين يعتبر تصعيداً إسرائيلياً خطراً، وخطوةً استفزازيةً تُمَهِّد الطريق للمشروع التلمودي بتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً؛ تمهيداً لتغيير الواقع التاريخي والإسلامي للمسجد المبارك.
وقال: "صواريخ المقاومة التي أطلقتها صوب غلاف غزة هي رد طبيعي على إجرام الاحتلال، وتحمل دلالة واضحة بأن غزة ليست منفصلة عن باقي المدن الفلسطينية، وتضع احتمالية كبيرة لدخولها على خط المواجهة، إذ إن فصائل المقاومة تتشاور فيما بينها؛ للرد الأنسب على هذه الاستفزازات".
ويرى الباحث السياسي احتمالية كبيرة لتصاعد الرد العسكري من غزة حال أقدمت جماعات الهيكل على تنفيذ مخططهم، مشيراً إلى أن "باطن تصريحات فصائل المقاومة وخاصة حركة الجهاد الإسلامي تشير إلى أنها لن تقبل بتمرير المخططات الإسرائيلية أو استمرار العدوان على المقدسيين والمسجد الأقصى".
وحول دلالة تصريحات القائد النخالة، بيَّن المصري أنها إشارة وضوء للمقاومين بالاستعداد ورفع درجة الجهوزية، إذ إن طبول المعركة على وشك أن تقرع، والمواجهة مع الاحتلال قد تتجدد في أي لحظة دفاعاً عن المقدسات".
ويؤكد الباحث المصري أن كل الاحتمالات مفتوحة وعلى الأصعدة كلها، مبيِّناً أن الكُرة الآن في ملعب حكومة الاحتلال الإسرائيلي، إذ إنها من تقرر إما الهدوء وذلك بوقف استفزازات المستوطنين كافة في المسجد الأقصى، وإما ستتجه الأمور إلى التصعيد العسكري إذا منحت المستوطنين الحرية الكاملة في ممارسة طقوسهم التوراتية.
ويرجح الباحث السياسي أن حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة ستكون أقرب للخيار الثاني، وهو ما يؤشر إلى انجرار الأمور إلى تصعيد عسكري سيكون صعباً على "إسرائيل".
وأصيب الليلة الماضية، عدد من الفلسطينيين، فيما اعتقلت قوات الاحتلال المئات من المعتكفين داخل الأقصى، بعد تصديهم لاعتداء جنود الاحتلال، خلال اقتحامهم المصلى القبلي لإخراج المعتكفين منه بالقوة.
واعتلت قوات الاحتلال سطح المصلى القبلي قبيل اقتحامه، وحطمت عدداً من نوافذه وألقت عبرها قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع على المعتكفين داخله، ما أدى لوقوع إصابات في صفوفهم.
واعتدت قوات الاحتلال بالضرب على المعتكفين قبل أن تُخرجهم بالقوة من المسجد، فيما اقتحمت العيادة الطبية الملاصقة للمصلى القبلي.