ربما يجد البعض هذا التحليل غريبا بعض الشيء، لكن بتقديري أن الأيام القليلة المقبلة فارقة في عمر هذا الكيان، لا أقول أنه سيختفي ويزول، لكن جبهته الداخلية ستزداد تمزقاً فوق تمزق، كيف ذلك؟
في حال بقيت الأمور على ما هي عليه وانتهت هذه الجولة بهذه النتيجة دون أن يحقق العدو شيء، فإن هيبة هذا الكيان ستزداد تآكلا فوق تآكل، والمستوطنين سيصيبهم المزيد من الإحباط خصوصاً بعد هذا الاستعراض الكبير من فرقة الاوركيسترا في حكومة اليمين برئاسة نتنياهو، وبالتالي المعارضة ستبدأ في نهش وجلد الحكومة ورئيسها، ومع تحميل المعارضة المسؤولية لنتنياهو ولليمين المتطرف فإن الحوار الهش الجاري بينهما سيفشل وسيبقى الحَكم هو الميدان والتظاهرات وشاشات التلفزة، ومع أول حادثة اغتيال سياسي داخل هذا الكيان ستشاهدون علامات الانهيار الاقتصادي والاجتماعي سريعا.
لذلك من المهم لهذا العدو ألاّ يخرج من دائرة البحث عن صورة النصر، وليبقَ يراوح مكانه دون تحقيق هدفه، ولتبقَ المقاومة راشدة وثابتة في ميدان المعركة.
عادة هذه الكلمة نسمعها دوماً في المعارك مع العدو الصهيوني، لكني أراها الآن تُترجم وتتجسد واقعاً في هذه الأوقات:
العدو يبحث عن صورة للنصر
فهو لا يزال العدو بقصفه منذ الأمس لم يُقنع مستوطنيه ولا إعلاميه ولا حتى نفسه أنه حقق منه شيئاً، ولا يزال يدور في حلقة مفرغة كمن يبحث عن شيء، فإن وجده بدأ حينها معركته الحقيقية.
المقاومة تدرك ذلك، ما الدليل؟
كلنا يرى تصرف المقاومة الميداني واستخدامها لسياسة خفض استخدام الصواريخ، سواء على مستوى المديات أو مستوى كثافتها، وكأن المقاومة تحافظ على بقاء العدو في هذه الدائرة المفرغة، بحيث يبقى في طور البحث دون تحقيق مراده.
بجانب بحثه عن هدف في غزة، أصبح الآن العدو يترقب رد فعل حزب الله نتيجة استهدافاته في لبنان، وبذلك هو صار أمام ضغط البحث عن هدف في غزة وضغط رد فعل حزب الله في لبنان.
يعني العدو الآن مضغوط أمنيا وعسكرياً، ولن تصبر عليه جبهته كثيراً، فللحكومة الصهيونية خصوم كثر يتربصون بها الدوائر، ولن يصبروا عليها كثيراً، لذلك هنا الحاجة الماسة للصبر الاستراتيجي، والحذر عالي المستوى حتى لا يحقق العدو شيئا من أهدافه.