أثار ضعف مستوى الرد الإسرائيلي على الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان صوب المستوطنات شمال فلسطين المحتلة، حالة من الغضب والاستياء داخل (الكيان) ممزوجة بموجة من الاستهزاء والسخرية من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقادة الائتلاف الحكومي.
وتحول نتنياهو خلال الساعات الماضية إلى "أضحوكة" بيد المعارضة الإسرائيلية التي باتت تستهزأ به، وتهاجمه في كل وقت وحين، والتي أكدت أن ضعف الرد على الصواريخ تسبب بتآكل قوة الردع، وبث روح الانهزامية في صفوف المستوطنين الإسرائيليين.
ويرى مراقبون بأن ضعف مستوى الرد الإسرائيلي على صواريخ لبنان وعدم الدخول بحرب مفتوحة، تسبب بتعميق الأزمة الداخلية في (الكيان) إذ فقد المستوطنون الشعور بالأمن والأمان، واكتشفوا خديعة برنامج الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو.
صاعق لتعميق الأزمة الداخلية
الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. عدنان الأفندي يرى بأن نتنياهو والائتلاف الحكومي تلقوا ضربة قاسية من صواريخ لبنان ما أصابهم بصدمة كبيرة وتخبط وارتباك واضح في التصريحات وردود الأفعال التي كشفت زيف برنامج الحكومة المتطرفة.
ويعتقد د. الأفندي في تصريحات لـ"شمس نيوز"، ضعف الرد الإسرائيلي سيُحدث زلزال داخل دولة الاحتلال، إذ أن برنامج الائتلاف الحكومي المتطرف بتوفير الأمن والأمان للمستوطنين والضرب بيد من حديد لكل من يهاجم "إسرائيل" بات حبر على ورق ولم يعد يقنع المستوطن الإسرائيلي.
وأشار إلى أن ثلاثي الحكومة "بنيامين نتنياهو وايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش" تحولوا إلى مادة سهلة للانتقادات والهجوم اللاذع داخل (الكيان) بسبب ما جرى من رشق مستوطنات شمال فلسطين المحتلة بصواريخ لبنانية وما تبعه من رد فعل باهت لجيش الاحتلال.
ورجح الكاتب الأفندي أن تكون حالة الضعف وتآكل قوة الردع أمام المقاومة الفلسطينية واللبنانية، بمثابة الصاعق الذي يفجر ويعمق الأزمة الداخلية للكيان خلال المرحلة القادمة.
المعركة لم توحد الجبهة الداخلية للعدو
واتفق الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي حسن لافي مع رأي د. الأفندي، إذ يرى بأن الأزمة الداخلية التي تعيشها "إسرائيل" قبل صواريخ لبنان تفاقمت حدتها اليوم مع ضعف الردود الإسرائيلية، لافتًا أن اعتقاد البعض بأن أزمة الصواريخ ستوحد الجبهة الداخلية الإسرائيلية كان خاطئ جدًا والدليل على ذلك استمرار المعارضة الإسرائيلية في تنظيم مظاهرات ضد نتنياهو.
وقال الكاتب لافي في تصريح لـ"شمس نيوز": "هناك انقسام في المعارضة الإسرائيلية بسبب الأحداث الأخيرة، فمنهم من منح حكومة نتنياهو الغطاء؛ لاستعادة قوة الردع الإسرائيلية، ومنهم من رفض ذلك بسبب تفاقم الأزمة الداخلية".
وأشار إلى أن المتظاهرين الإسرائيليين لم يُلغوا مظاهراتهم واحتجاجاتهم، بل سيخرجون مساء اليوم السبت دعمًا لجيش الاحتلال ورفضًا لحكومة نتنياهو، بالتالي يعتقد المختص في الشأن الإسرائيلي حسن لافي أن الأزمة ستتعمق وتزداد أكثر خلال المرحلة القادمة.
أسباب عدم التوجه لحرب مفتوحة
وعدد لافي أسباب صدمة نتنياهو وحكومة الائتلاف والمعارضة من إطلاق صواريخ من جنوب لبنان قائلًا: "إطلاق الصواريخ من لبنان كشف ضعف الاستخبارات الإسرائيلية فهي لا تمتلك أي معلومات عن نية إطلاق الصواريخ ولم تكن جاهزة مطلقًا للتعامل مع هكذا حدث".
ولفت إلى أن إطلاق الصواريخ جاء بتوقيت حساس جدًا حيث يستعد (الكيان) لاحتفالات عيد الفصح اليهودي، قائلًا: "هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها (الكيان) لقصف في ظل الأعياد مع تسبب بفقدان الأمن الشخصي للمستوطنين".
كما أشار إلى أن الإشكاليات الداخلية والمظاهرات داخل الكيان دفعت حكومة نتنياهو لرد باهت وضعيف، كي لا تتدحرج الأوضاع إلى حرب مفتوحة مع حزب الله أو معركة إقليمية على الجبهات الشمالية والجبهات داخل فلسطين المحتلة.
ويعتقد الكاتب لافي أن إسرائيل فقدت استراتيجية الردع السريع وعنصر المفاجئة وبداية المعركة، قائلًا: "إسرائيل لم تعد كالسابق تعاقب كل من يعتدي عليها بالسرعة الممكنة، فهي تبحث اليوم عن وقت وظرف وطريقة مناسبة للرد، وهذ دليل على تآكل قوة الردع الإسرائيلية".
الرد كان نكتة
يُشار إلى أن عضو الكنيست ووزير مالية الاحتلال السابق أفيغدور ليبرمان أكد أن "الرد الإسرائيلي كان نكتة مضحكة، والردع في مقابل المقاومة الإسلامية في لبنان تأكّل كلياً".
وقال ليبرمان، تعليقاً على العملية في غور الأردن: "إن هذه الأيام قاسية جداً"، مضيفاً أن رئيس الحكومة نتنياهو يواصل بث الضعف والانهزامية، ويدمر الردع الإسرائيلي"، وفق ما نقلته وسائل الإعلام العبرية.
وبحسب ليبرمان، فإن نتنياهو جرّ "إسرائيل"، خلال ثلاثة أشهر، إلى وضع مستحيل، قائلاً إن "إسرائيل" لم تشهد مثل هذا الانهيار من الداخل، والعزلة من الخارج، على الإطلاق.
وفي السياق ذاته رأت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى أنّ الصراع المحتمل مع لبنان قد يستخدمه نتنياهو لمصلحته علمًا أنه لم يفعل شيء منذ توليه للحكومة سوى إرسال الدولة إلى حالة من الانهيار؛ وقد يتسبب التصعيد بإجبار المعارضة على إعادة النظر في مسارها لوقت آخر.
وتعتقد الصحيفة الإسرائيلية أن تهديدات جنود الاحتياط بالامتناع عن تقديم الخدمة العسكرية في الجيش قد تتوقف مؤقتًا بصبب التصعيد الأمني الملموس.
وأشارت الصحيفة إلى أنه إذا لم يؤدِ التصعيد على طول الحدود إلى تعديل ساحة اللعب الداخلية للكيان، فقد تمتد حركة الرفض الجماعي بين جنود الاحتياط إلى ضباط محترفين من الرتبة المتوسطة وبقية أجهزة جيش الاحتلال.
يذكر أن دولة الكيان تشهد مظاهرات احتجاجية كبيرة بسبب التعديلات التي يرغب بتنفيذها نتنياهو وقد تتعمق المظاهرات والاحتجاجات بعد انتهاء التصعيد الملموس.
يُذكر أنّ نتنياهو تراجع، عن المضي قدماً في خطة التعديلات القضائية، وقرّر تجميد العمل بها، لغاية الدورة الصيفية لـ"الكنيست" التي تنتهي في تموز/يوليو المقبل، وذلك بعد خروج مئات الآلاف للتظاهر ضد حكومته، الأمر الذي أدّى إلى فقدان السيطرة داخل الأراضي المحتلة.