أكثر ما يثير الجدل والاستهجان في قطاع غزة، هي ازدواجية المعايير التي يتم السير على نهجها في التعامل مع المواطنين، ففي الوقت الذي تشن فيه بلديات القطاع حملاتها المكثفة ضد "تعدي" أصحاب البسطات الفقراء على "الرصيف" وتُطالب بإزالة "تعدياتهم"، فإنها تُؤجِّر الرصيف نفسه مقابل دفع مبلغ مالي لها -وفق ما يقوله كثير من النشطاء-.
آخر تلك الحوادث "السيئة" هو "اعتداء" أحد موظفي بلدية غزة من خلال سكب قدر بطرف قدمه يحتوي على الطعام يصنعه الشاب سعيد اللولو ويقدِّمه كمبادرة خيرية فس ساحة الجندي المجهول وسط القطاع؛ لإطعام الصائمين المتأخرين عن بيوتهم في شهر رمضان المبارك،
هذا المشهد أثار حفيظة الكثير من رواد التواصل الاجتماعي، فينما اعتبره البعض سلوكاً لا أخلاقياً وعملاً غير حضاري وينم عن غياب الوازع الديني لمرتكبه، برَّره البعض بأنه ردة فعل على "التعدي" والوقوف في مكان غير مسموح به -وفق قولهم-.
الكاتب حسن القطراوي، وصف هذا التصرف بـ"القميء والوضيع، ويكرّس الصورة الحقيقية لمدينة تضع مكياج لتبدو جميلة، وليس أجمل من وجوه الفقراء" -على حد قوله-.
وكتب القطراوي، في تدوينة عبر صفحته بالفيس بوك: "المظهر الحضاري للمدينة يلزمه أشخاص حضاريون، وما فعله موظف البلدية يكشف زيف حضارة المدينة، وأساس الحضارة احترام كرامة الإنسان، المدينة التي لا تحترم كرامة أبنائها مدينة بائسة، يفضحها بطون المحرومين".
ويتفق الروائي يسري الغول، مع ما طرحه القطراوي، إذ علَّق قائلاً: "سلوك موظف بلدية غزة تجاه مبادرة سعيد لولو مشين ومخجل، وهذا السلوك ينم عن استعلاء تجاه التعامل مع المواطنين، حتى لو كانوا مخطئين".
بدورها، أرفقت لجنة الدفاع عن الخريجين، مقطع الفيديو الذي يوثق قيام موظف البلدية بسكب القدر بقدمه، وعلقت بمنشور مطول، جاء فيه: " الشاب الذي يعمل في مبادرة إفطار سريع "عدس" في ساحة الجندي المجهول، هو خريج جامعي أجبره الواقع الصعب في غزة على العمل في كشك، ثم جاء موظّف بلدية مفكّر حاله فوق القانون والناس والدنيا كلها كب المياه الساخنة على الأرض بطرف رجله وباستعلاء وبطريقة همجية غير حضارية بحجة إنه المنظر مش حضاري، رغم أنها كانت مبادرة لوجه الله تعالى، ورغم أخذه موافقة مسبقا لعمل هذه المبادرة".
وتساءلت اللجنة: "تخيلوا لو واحد انحرق من سخونة العدس لحظة سكبه؟" مطالبةً بـ"إيقاع عقوبة مناسبة لهذا الموظف حتى يعرف حدوده ويحترم شعبه".
أما صاحب مبادرات "البركة"، محمود كلخ، فاكتفى بالقول: "أقل شيء أن تقوم البلدية بتمويل مبادرته لآخر رمضان.. الاعتذار وحده لا يكفي"
وذهب الناشط رمزي حرز الله بعيداً عن الآراء السابقة، إذ خرج في بث مباشر عبر تطبيق "تيك توك"، وطالب "بلدية غزة بفصل العامل من عمله على تصرفه الغير مسؤول وغير إنساني".
من جهته، كتب علام ضاهر ساخراً: "يا أخي وزع تشيز المرة الجاية علشان تحافظ على جمال المدينة، كل مرة عدس، عدس، عدس، ما بصيييير".
وأشاد محمد نصر الدين، بردة فعل الشاب صاحب المبادرة، فعلَّق قائلاً: "إذا هاي ردة فعل الشاب سعيد لولو، فأشهد بالله انه شاب محترم جدا و قدير جدا وفخم جدا "
رد البلدية
تعقيب بلدية غزة على الحادثة، جاء في تصريح لها، عبر صفحتها بالفيس بوك، سرعان ما حذفته، ثم أعادت نشره مرة أخرى.
وأكدت البلدية في بيانها "دعمها كافة المبادرات الشبابية التطوعية التي تساهم في ترسيخ مبدأ التسامح والترابط الاجتماعي".
وأعربت عن "رفضها لسلوك أحد الموظفين غير المقبول"، مؤكدةً أنه "سلوك فردي، وسوف يتم إحالة مرتكبة للتحقيق".
ودعت البلدية المبادرينَ إلى اتخاذ إجراءات الأمن والسلامة، والتنسيق مع دائرة الأنشطة في البلدية؛ لمساعدتهم على تنفيذ المبادرات في جو من الأمن، والسلامة، والحفاظ على المظهر العام للبلد".