بقلم/ الصحفي وسام زغبر
عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين /غزة
يصادف يوم السابع عشر من إبريل/ نيسان من كل عام اليوم الوطني للأسير الفلسطيني، الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، في دورته العادية عام 1974، وفاءً للأسرى وتضحياتهم والتأكيد على ضرورة نصرتهم ومساندتهم وفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم ودعمهم في نيل حريتهم، ويوماً للوفاء لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة.
في الذكرى الـ(49) لولادة اليوم الوطني للأسير الفلسطيني، لا بد من الإشارة إلى أعداد الأسرى القابعين في سجون وزنازين الاحتلال، حيث تواصل ما تسمى «مصلحة السجون» احتجاز نحو (4900) أسيراً وأسيرة، بينهم (160) طفلاً بينهم طفلة واحدة، إضافة إلى (31) أسيرة، و(1000) معتقل إداري دون توجيه أية تهمة لهم أو محاكمتهم من بينهم (6) أطفال وأسيرتان، إلى جانب (700) مريض بينهم (24) بحاجة ماسة للعلاج لم تشفع لهم حالتهم الصحية وأبرزهم الأسير وليد دقة، و(19) صحفياً لم تنقذهم قوانين الحماية الدولية، و(23) أسيراً من قدامى الأسرى والمعتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، جميعهم يتذوقون مرارة السجن وعذابات السجان.
وفي هذا اليوم الوطني، نستذكر نحو (236) أسيراً استشهدوا داخل سجون ومعتقلات الاحتلال منذ العام 1967، وتواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامين (12) أسيراً أقدمهم الشهيد أنيس دولة وآخرهم ناصر أبو حميد ووديع أبو رموز. نتذكر من الشهداء الأسرى الرفيق عمر القاسم «مانديلا فلسطين» إلى جانب إخوانه ورفاقه الشهداء الأسرى الذين حولوا مرارة الاعتقال والسجن إلى مدرسة لتخريج المناضلين، وأفشلوا أهداف الاحتلال لتحويل السجون إلى مقابر لتدمير القضية والإرادة الوطنية.
إن الشعب الفلسطيني منذ انطلاق ثورته الفلسطينية المعاصرة يخوض نضاله الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي بشتى الوسائل والسبل ممثلاً بـ م.ت.ف التي قدمت آلاف بل وعشرات الآلاف من الشهداء والأسرى ومن خيرة مناضليها على طريق الحرية والعودة وتقرير المصير. فالأسرى الفلسطينيون قضيتهم وطنية بامتياز ولا سيما أنهم صاغوا وثيقتهم التي سُميت لاحقاً «وثيقة الوفاق الوطني» عام 2006 عندما استفحل الانقسام الفلسطيني ونخر الصف الوطني وأساء لنضالات الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني.
الأسرى في سجون ومعتقلات وزنازين الاحتلال الإسرائيلي يعانون مرارة السجون وقساوة السجان الذي يمارس شتى أشكال التنكيل والتعذيب والحرمان والإهمال الطبي والاعتداءات الجسدية والاعتقال الإداري، وفرض القوانين والتشريعات العنصرية بحقهم، ولعل أبرز تلك القوانين، «إعدام الأسرى، احتجاز جثامين الشهداء، التغذية القسرية للمضربين عن الطعام، عقوبة الحبس الفعلي للأطفال الفلسطينيين دون (14 عاماً)»، إضافة إلى مشاريع لقوانين خطيرة أخرى، كمشروع «قانون «الإرهاب»، وتشديد العقوبة على محرري «صفقة شاليط»، وتطبيق القانون الجنائي على الأسرى الأمنيين».
أمام تلك الأرقام والاحصائيات عن أعداد الأسرى في سجون الاحتلال، وأمام جُملة من القوانين والتشريعات الإسرائيلية العنصرية التي تطال الأسرى الفلسطينيون، فلا بد من تبني خطاب إعلامي فلسطيني موحد يستند إلى المقاومة الدبلوماسية والتي هي شكل من أشكال المقاومة الشعبية الشاملة وخاصةً أننا نمتلك أدواتاً إعلامية، لذلك تقع المسؤولية على نقابة الصحفيين الفلسطينيين ووزارة الإعلام بضرورة بناء إستراتيجية إعلامية موحدة تتبنى خطاباً إعلامياً استقطابياً وعقلانياً وإنسانياً يستند لحقائق التاريخ والقانون الدولي، وعلى عدالة القضية والحقوق الوطنية، كون الشعب الفلسطيني صاحب حق وقضية عادلة ويناضل دفاعاً عن نفسه وعن حقوقه وكرامته الوطنية في وجه المحتل الغاصب والجُناة المجرمين.
حول ما هية وشكل الخطاب الإعلامي المنوط بناءه وخاصة أن شعبنا ما زال يعيش في مرحلة التحرر الوطني فلا بد أن يكون الخطاب الإعلامي استقطابياً وعقلانياً وإنسانياً ويخرج من عباءة الحزب ويستند لحقائق التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي والإنساني، ويُميز بين الخطاب المحلي والدولي، حيث المحلي يتجه نحو الشعب ودعم صمودهم ورفع معنوياتهم في معركتهم الوطنية، ودعوتهم للوحدة ورص الصفوف ودحض ومحاربة الشائعات ومخاطبة المقاتلين في الميدان باعتبارهم الذراع الحامي والمدافع عن تراب الوطن، فيما الدولي يرتكز على حقائق التاريخ والرواية الفلسطينية الحقيقية في مواجهة الرواية الصهيونية المزيفة والخرافات والأساطير التلمودية. حيث إن الاحتلال لا يكتفي بسياسة القتل والاعتقال وسرقة التراث ونهب الأرض وضمها، بل يستخدم شتى الأشكال والأدوات في محاربة كل ما هو فلسطيني عبر الزج بالمصطلحات والتعابير التهويدية وأسرلة المناهج التعليمية.
وأمام ما يجري من شحذ الطاقات والهمم حول قضية الأسرى والالتفاف الشعبي حولها، فلا بد من أنسنة قضية الأسرى والتعريف بما يواجهونه، فلكل أسير قصة وحكاية، ولا بد من استعطاف دول العالم وخاصة الشعوب عبر الصورة النمطية ذات البعد الإنساني، وهذا يدفعنا للتساؤل، «لماذا تغيب المتاحف الوطنية المتعلقة بالأسرى وسنوات وظروف اعتقالهم، وأوجاعهم وآلامهم، وتضحياتهم وإنجازاتهم وموهباتهم ومهاراتهم، وحتى أعدادهم وأعداء الشهداء منهم، ومن تواصل دولة الاحتلال احتجاز جثامينهم، إلى جانب إبراز الجانب القانوني تجاه قضية الأسرى كونهم أسرى حرية يناضلون من أجل نيل حريتهم والخلاص من السجن والسجان، ومن الاحتلال الاستعماري الاستيطاني الإحلالي ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
تحية كل التحية لأسرى الحرية والمجد لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة