غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

رجل استثنائي بمعنى الكلمة

تفاصيل جديدة ومؤثرة عن حياة الشيخ عدنان.. حكاية تسميته بالخضر وقصة رشق البيض

الشيخ خضر عدنان
شمس نيوز - خاص

تنظر رندة موسى إلى صورة زوجها المعلقة على جدران المنزل بنظرة فاحصة، عيناها تُضيئان من كثرة الدموع التي تقف على باب جفنيها؛ فهي تحاول قدر المستطاع إخفاء دموعها وآلامها عن أبنائها، تُمرر يدها على وجه زوجها الذي بات في الواقع أشبه بالهيكل العظمي، مشهد وقوف رندة موسى أمام صورة زوجها الشيخ خضر عدنان يتكرر يوميًا، ويستغرق وقت طويلًا، إذ تتأمل المشهد بقلبها الجريح.

رندة موسى، زوجة القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ الأسير خضر عدنان، المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي لليوم الـ 74 على التوالي؛ احتجاجًا على اعتقاله التعسفي، تسرد في حوارِ مع "شمس نيوز" تفاصيل قصة حياتها مع الشيخ عدنان التي بدأت بمشهد فرار الشيخ من قوات الاحتلال عبر أسطح المنازل كأنه "رجل سرك" يقوم بحركات بهلوانية دون أن تتمكن قوات الاحتلال من اعتقاله.

 

لم سُمّي خضر عدنان بهذا الاسم؟

تقول أم عبد الرحمن، إن تسمية خضر بهذا الاسم لها قصة جميلة، كأنها رسالة من الله تعالى، إذ روى والده ذات ليلة وأثناء منامه فجرًا التقى بسيدنا "الخضر" العبد الصالح الذي ذكره الله تعالى في سورة الكهف حيث رافقه نبي الله سيدنا موسى وتعلم منه الكثير.

ما إن بزغت شمس يوم (24 من مارس 1978م) حتى ولد الشيخ خضر عدنان في بلدة عرابة في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، كالبدر المضيء، وأشارت أم عبد الرحمن إلى أن والد الشيخ عدنان أصر على تسميته بالخضر؛ بناءً على رؤيته لسيدنا الخضر.

ترعرع الشيخ عدنان في بلدة عرابة، التي شهدت أحداثًا ميدانية كبيرة؛ من جرائم قوات الاحتلال، ومواجهات، واعتقالات مع المواطنين الفلسطينيين، فاكتسب شخصية المدافع والمناضل من أجل أبناء بلدته، تطورت الأحداث الميدانية حينما بدأت الانتفاضة الأولى عام (1987م) لتبرز شخصيته الثورية.

 

الرجل الطائر

تستذكر أم "عبد الرحمن" مشهدًا رواه لها الشيخ عدنان قبل سنوات عدة، "كان يقفز كالرجل الطائر من منزلِ إلى آخر، أنفاسه تتصاعد وبيده يزيل العرق المتراكم على جبينه، لا ينظر إلى الخلف مطلقًا"، هذا مشهد صغيرٌ من مطاردة قوات الاحتلال للشيخ عدنان وهو صغير السن؛ لكن قوات الاحتلال فشلت من الوصول للشيخ عدنان، فقد تكرر المشهد مرات عدة دون أي كلل أو ملل.

ففي منتصف التسعينيات من القرن الماضي درس الشيخ عدنان الثانوية العامة التوجيهي، وكانت مليئة بالأحداث الجهادية، إذ شارك بالمواجهات التي اندلعت مع قوات الاحتلال في بلدة عرابة، وبعد عام من المشاركة الثورية انتقل الشيخ عدنان لساحة جديدة من المواجهة إذ درس في جامعة بيرزيت عام 1998م.

 

حادثة رشق البيض

تقلد الشيخ خضر عدنان منصب رئيس مجلس طلاب جامعة بيرزيت، ورئيس الرابطة الإسلامية، فكان على قدر تحمل المسؤولية، حيث قدم نموذجًا رائعًا ومميزًا في قيادة المرحلة، تعود أم عبد الرحمن إلى شريط الذكريات التي حفره الشيخ خضر عدنان في قلبها.

تقول أم عبد الرحمن: "في عام 1998 كان رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان في زيارة إلى الجامعة، وأدان عملية للمقاومة الإسلامية في لبنان -حزب الله- ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ ما دفع الشيخ خضر عدنان ورفاقه برشقه بالبيض.

رشقات البيض التي أصابت رئيس وزراء فرنسا حينها دفعت أجهزة أمن السلطة لاعتقال الشيخ عدنان، ومنذ تلك الحظة بدأ الشيخ عدنان رحلة الاعتقالات سواء في سجون السلطة أو سجون الاحتلال، إذ لا تمر فترة زمنية دون اعتقاله.

 

قصة حب من نظرة رندة

كانت والدة الشيخ عدنان تبحث لنجلها المعتقل في سجون الاحتلال الشيخ خضر عدنان عن زوجة تقف الى جانبه، في الك اللحظة تدخلت ابنتها التي ابلغتها عن صديقتها رندة فوجدت فيها كل الخصال التي تميزها عن غيرها من الفتيات، فوقعت والدة الشيخ عدنان في حب الفتاة رندة قبل أن يفكر الشيخ عدنان في الزواج.

عندما طرحت والدة الشيخ عدنان الزواج على نجلها وأخبرته بصفات رندة، امتلأ وجه الشيخ عدنان بالفرحة والسرور، ووافق على الفور؛ لكن السؤال التي كان يدور في ذهن والدته، هل ستقبل رندة أن تتزوج رجلًا مطاردًا للاحتلال الإسرائيلي؟

تدور الأسئلة في ذهن والدة الشيخ عدنان بشكل مستمر، وفي اللحظة المناسبة توجهت والدة الشيخ عدنان إلى أهل الفتاة رندة، وطلبت يد ابنتهم إلى نجلها المعتقل في سجون الاحتلال، حينها كانت المفاجئة بأن رندة وافقت على الفور، وقالت لـ"شمس نيوز": "وافقتُ على الزواج من الشيخ عدنان؛ لأنني وجدت فيه الشخص المناسب الذي يتمتع بشخصية جذابة ولافتة، كما يتميز بحبه للدين والوطن، فمن أحب الدين والوطن سيحب زوجته على الدوام".

يتمتع الشيخ عدنان بصفات وأخلاق حسنة في التعامل مع زوجته وأبنائه، إذ تقول: "رغم الانشغال الكبير للشيخ عدنان في زياراته لأهالي الشهداء والأسرى والجرحى وتفقده لبيوت الفقراء والمساكين؛ إلا أنه يحب اللعب مع أطفاله، ويخصص لهم وقتًا لرسم الفرحة والسعادة على وجههم".

 

طباخ البيت

ولم ينسَ الشيخ عدنان أن يخصص جزءًا من وقته؛ ليعزز محبة الدين والإسلام والوطن وفلسطين في قلب أطفاله، ويدفعهم للحفاظ الدائم على أداء الصلوات الخمس ومحبة الناس وفعل الخير لهم، فيما يحذرهم من غدر الاحتلال الإسرائيلي- كما تقول أم عبد الرحمن-.

تعود أم عبد الرحمن إلى الوراء قليلًا عندما كانت تترك الشيخ عدنان الإنسان الطيب مع أبنائها الصغار فتقول: "يتحول الشيخ عدنان عند خروجي من البيت من قائد وطني صنديد إلى إنسان رقيق، ويقوم بالأعمال الموكلة إليًّ من طبخ وترتيب البيت".

"اليوم سنأكل أكل السجون"، هكذا كان يردد أطفالها عندما تتركهم مع والدهم، لكن المفاجأة أن الشيخ عدنان يجيد فنون إعداد الطبخ من فتة ومقلوبة وأكلات أخرى.

 

عمله الصالح

يستفيق الشيخ خضر عدنان مع بزوغ الفجر؛ ليصنع بحب "المعجنات" لبيعها إلى أهالي البلدة، تقول أم عبد الرحمن: "إن الشيخ عدنان لم يتمكن من الحصول على وظيفة؛ بسبب عمله السياسي؛ فاضطر إلى العمل بصناعة المعجنات وبيعها، وهذا جعله واحدًا من أهم وأبرز الباعة في البلدة.

 

عام 2012 اقتلوا خضر

تسترجع أم عبد الرحمن جزءًا من الأحداث المعلقة في ذاكرتها إلى عام 2012 حينما أضرب الشيخ عدنان في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فقد سمح لها جنود الاحتلال بزيارته.

"تطير فرحًا للسماح لها برؤية زوجها، تسرع وقلبها مليء بالشوق، تُمسك بيدها مقبض الباب فينقبض قلبها، يقول لها أحد الضباط القتلة: "خضر لن يستطيع أن يعيش بعد الآن، وإن عاش لن يتمكن من الإنجاب مطلقًا".

تُشيح عينيها عن الضابط الإسرائيلي؛ لتلقي نظرة على السرير الذي يمكث عليه زوجها، وفجأة تصرخ بوجه جنود الاحتلال متسائلة: "أين لحم الشيخ عدنان؟ أين جثته؟ -كان حينها هيكلا عظميا من شدة الإضراب عن الطعام-.

وبعد أيام قليلة خرج الشيخ عدنان منتصرًا على السجان الإسرائيلي، والأجمل وفقًا -لقول أم عبد الرحمن- أن الشيخ عدنان كان قويًا وصامدًا وشعر بفرحة كبيرة جدًا، كما أن أم عبد الرحمن أنجبت توأمًا لتضرب بذلك أوهام جنود الاحتلال الإسرائيلي.

 

معركته مستمرة

وبعد سنوات عدة من إضراب 2012 الشهير عاد الشيخ عدنان للإضراب عن الطعام، وعاشت أم عبد الرحمن نفس المشهد الذي عاشته عام 2012، حيث كان الشيخ عدنان هيكلًا عظميًا وقد أغمي عليه من شدة الأوجاع.

وأشارت إلى أن زوجها اعتقل مرات عدة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويصل مجموع سنوات سجنه إلى 7 سنوات ونصف السنة، وسبق أن خاض الإضراب المفتوح عن الطعام في السجون الإسرائيلية 5 مرات آخرها عام 2021 لمدة 25 يومًا.

قصة الشيخ خضر عدنان مستمرة ومتواصلة في العام 2023 ضد إدارة مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي؛ فمنذ نحو 74 يومًا يواصل الشيخ عدنان إضرابه عن الطعام؛ احتجاجًا على اعتقاله التعسفي وسط تحذير خطير من استشهاده في أي لحظة.