غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

السمات السيكولوجية للمنافقين

kedbacover019.jpg
بقلم: هاجر بنت لبون

مقدمة:

بقراءة القرآن الكريم وتدبره والنظر في السيرة النبوية نجد أن سيكولوجية المنافقين والطغاة، يتسمون بالطابع البصري؛ أي أنهم يرون أنفسهم على حق وما سواهم على باطل وإن كان ملكا رسولا-وهنا وددنا اﻹشارة والتنبيه بأن هذه السمة يشترك فيها جميع الطغاة بلا استثناء- فهذا فرعون يقول عن موسى النبي: "ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في اﻷرض الفساد"-سورة غافر اﻵية ٢٦- ويقول أيضا: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"-سورة غافر اﻵية ٢٩-  مثلا  النضر بن الحارث (من كفار قريش) كان إذا سمع أن أحدا يريد دخول اﻹسلام واﻹيمان ب الرسول  الكريم يذهب إليه ويدعوه إلى قينيته فيقول: أطعميه وأسقيه وغنيه، هذا خير مما يدعوك إليه محمد  (الصلاة والصيام - الجهاد فى سبيل الله) أي أنه يرى أن الغناء والموسيقى واللهو خير من العبادات وما يأمر به اﻹسلام- وبالنظر فى كتاب "الماسونية ذلك العالم المجهول" للدكتور صابر طعيمة بصفحة-١٧- نجده  تناول معنى كلمة الماسونية ب"الباني الصادق" وبالكتاب ذاته بصفحة-٣٠٨- يؤكدون- أي الماسونيين- بأن اﻷديان كلها مجرد خرافة؛ ونجدهم بذلك ضلوا وأضلوا كثيرا من الناس عن سواء السبيل، وهؤلاء الطغاة جميعهم على حد سواء مشكلتهم مع اﻹسلام ليست مشكلة فكرية وإلا ﻷتيناهم بالحجة والمنطق السليم فأسلموا، ولا مشكلة سلوكية لنعيد صياغتهم، وإنما مشكلتهم مع اﻹسلام مشكلة شعورية والمشكلة الشعورية تكاد أن يستحيل حلها ﻷن القلوب بيد الله يقلبها كيف ومتى شاء- وهنا يجب على الداعية المستنير بالعلم والمعرفة أن يميز بين طابع 
 المشكلة الفكرية والمشكلة السلوكية والمشكلة الشعورية- واﻵن دعونا نتمعن بعضا من سيكولوجية عبدالله بن أبي بن سلول والنضر بن الحارث واليهود مرورا بمجالات نجاحهم المرتبطة بسماتهم وكل ذلك من منظور  القرآن والسيرة.

-أبرز سماتهم السيكولوجية:
-عقولهم خاوية، وحديثهم يعبر عن سطحية فكرهم، واهتمامهم الكثير بمظرهم الخارجي؛ كذلك القرآن يحدثنا عن عبدالله بن سلول "وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم"-سورة المنافقون اﻵية ٤.
وأيضا مع بعدهم عن الواقع  وسرعة الاستجابة-أي أنهم إمعة، تبع الاخر وتبع القيل والقال- ونجد ذلك بشكل واضح بغزوة تبوك عندما تخلف المنافق جد بن قيس بعذر:(يارسول الله، لقد عرف قومي أني رجل مغرم بالنساء، وإني أخشى إن رأيت بنات بني اﻷصفر- يقصد بنات الروم- أن لا أصبر عنهن. فلا تفتني بهن، وائذن لي في القعود عنك وأعينك بمالي) فأنزل الله فاضحا فيه: "ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين"- سورة التوبة اﻵية ٤٩- مع أنه قال لرسول الله أعينك بمالي إلا أنه يتصف (بالبخل والجبن) كما قال عنه قومه كذلك عند سؤال رسول الله لهم بعدما نزلت فيه هذه اﻵية.
-قليلوا الهمة وكثيرو الضجر، مع عدم التفاتهم للماضي والعبرة من دروسه والاستعداد لما يواجههم بالمستقبل؛ لنرى كيف أخبرنا القرآن بذلك:
١. هذا سيدنا موسى عليه السلام يتحدث مع قومه ويحثهم على فتح بيت المقدس؛ ولكن القوم لا تتجاوز عزائمه حدود الراحة!
"يا قوم ادخلوا اﻷرض المقدسة التى كتب الله لكم ولاترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين* قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون* قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين* قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون*"- سورة المائدة اﻵيات من ٢١_٢٤.
٢. وهؤلاء المنافقون يقول الله عنهم "ولو أرادوا الخروج ﻷعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين"- سورة التوبة اﻵية ٤٦.
٣. وكما ذكرنا أعلاه بأنهم لا يتعظون ولا يعتبرون من عما سلف وهذا القرآن يؤكد لنا ذلك "أولايرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لايتوبون ولاهم يذكرون"- سورة التوبة اﻵية ١٢٦.
ولكن اﻷخطر من ذاك كله؛ هو أن ضعف وقلة همتهم هذه تؤثر سلبا على المجتمع المسلم بل وتشق  صفه ووحدته كما أخبرتنا السيرة بذلك:
فهذا عبدالله بن أبي بن سلول يثير الشك بمعركة أحد بين الصفوف، ويثبط هممهم ويقنعهم بالانسحاب، فإذا به يقول للنبي: إني راجع ومعي من سيرجع؛ فإذا بثلث الجيش كله ينسحب، حتى أن طائفتان من اﻷوس والخزرج لما رأتا هذا الذى حصل كادتا أن تنسحبان مع المنافقين لولا أن ثبتهما الله:
"إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون"- سورة آل عمران اﻵية ١٢٢- حتى أن الصحابي عبدالله بن حرام تبعهم والنبي ينادى: "يا عبدالله ماذا تصنع؟ أيها الناس ماذا تفعلون تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا عنا" وعبدالله بن سلول يقول لعبدالله بن حرام: لو كنا نعلم قتالا لاتبعناكم، لكن ندري لن يحصل هناك قتال.
"وليعلم الله الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو كنا نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يؤمئذ أقرب منهم لﻹيمان"-سورة آل عمران اﻵية ١٦٧.
-انفاق اﻷموال وتبذيرها سعيا لكسب استحسان الناس لهم.
١. يقول الله عزوجل فيهم: "إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون"- سورة اﻷنفال اﻵية ٣٦- ويقول الله أيضا فيهم: "والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم اﻵخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا"- سورة النساء اﻵية ٣٨.
٢. وهذا النضر بن الحارث يرحل إلى بلاد العجم؛ بعد إعلان النبي-عليه صلوات الله وسلامه- نبوته ودعوة الناس لنبذ اﻷوثان وترك عبادة اﻷصنام واﻹيمان بالله الواحد اﻷحد؛ ليتعلم الضرب والعزف على العود، ويقوم بحفظ قصص وأحاديث وأساطير الفرس والروم، ويخالط اليهود والمسيحيين ويسمعهم يقرؤون التوارة واﻹنجيل؛ وكل ذلك اﻹنفاق كان من أجل أن يضاهي ما أتى به النبي- صلى الله عليه وسلم- وكان يقول: (أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا فهلم إلي، أحدثكم أحسن من حديثه) فما نراه اليوم من مسلسلات وأغاني وبرامج تهدد مجتمعنا المسلم؛ ما هو إلا امتداد لما قام به النضر بن الحارث
وهذا ما نسميه بعصرنا الحالي ب"اﻹعلام المضاد"، وقد ذكر لنا الدكتور راغب السرجاني-حفظه الله- بإحدى دروس السيرة النبوية الخطوات التى يتبعها أمثال هؤلاء ﻹبطال وصد الدعوة، فوددنا ذكرها لكم:
أ. اﻹعلان لوقف المد اﻹسلامي وهي ٣ طرق:
١. تشويه صورة الداعية.
"لا يحبطكن سطوة إعلان الكفار"
٢. تشويه الدعوة.
٣. تشويه لفكرة الدعوة.
ب. شغل الناس بالباطل- اﻹعلام المضاد- النضر بن الحارث.
-كثرة المبالغة بإقامة علاقات اجتماعية ومتنوعة، وخاصة مع ذوي المال والجاه وأصحاب المناصب الرفيعة؛ ﻷجل دخول دائرة الاهتمام الاجتماعي والتواجد تحت اﻷضواء.
وهنا لا يسعنا التحليل سنكتفي فقط بذكر اﻵيات التى تخبرنا بذلك:
"الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا"- سورة النساء اﻵية ١٣٩.
"الذين يتربصون بكم فإن لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين"- سورة النساء اﻵية ١٤١.
"فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة"- سورة المائدة اﻵية ٥٢.

مجالات نجاح هذه السيكولوجية:
-تمتاز هذه السيكولوجية بقدرتها على الهروب من مواقف معينة والتنصل عن شخصيتها اﻷصلية واكتسابها لشخصية أخرى تتماشى مع الموقف الجديد؛ وقدرتها العجيبة على تقمص دور الشخصية التمثيلية وانغماسها الشديد بالدور الذى تقوم به مع انفصالها التام عن شخصيتها اﻷصلية، ونجد ذلك بنص واضح وصريح بالقرآن الكريم عندما قرن سيكولوجية المنافق بهذه الميزة:
"ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام"- سورة البقرة اﻵية ٢٠٤.
-وكذلك ما يميزها عن غيرها هو إجادتها لﻷعمال التى تتطلب لعلاقة مباشرة مع الناس مثل: الخطابة، واللقاءات، والعلاقات العامة، وبعض المهن التى تتطلب للباقة بالحديث واﻹقناع واﻹستعراض والمباهاة.
وهنا نكتفي بذكر الوليد بن المغيرة الذى كان يلقب ب" ريحانة قريش" لعظمه وفصاحته عندهم، وعروة بن مسعود الثقفي الذى ترأس وفد المشركين لمفاوضة المسلمين ببعية الرضوان؛ ويكفينا قول القرآن فيهم: "وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم"-سورة الزخرف اﻵية ٣١.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".