يضع "أبو علي ورفاقه" على رؤوسهم طواقي بيضاء مغطاة بـ"شبك" ذي فتحات صغيرة جدًا، ويرتدون ملابس بيضاء مخصصة لإنجاز مهمة محددة بشكل سريع، وقفازات في أيديهم، أما أقدامهم فتحظى بحماية فائقة بارتداء حذاء ذي رقبة طويلة"، عندما تشاهدهم لأول مرة يخطر إلى ذهنك سؤال: هل هؤلاء نزلوا من الفضاء إلى الأرض؟؛ لكن الإجابة حتمًا "لا"، إنما هو مصور "وكالة شمس نيوز" حسن الجدي يرافقه مجموعة من المصورين تجمعوا؛ لتصوير موسم جني العسل.
على بعد أمتار قليلة من الحدود في منطقة أبو صفية شمال قطاع غزة، كان اللقاء الجميل بين المصورين وصاحب المنحلة "أبو أحمد أبو شمالة"؛ فرحلة المصورين لم تكن بالسهولة التي يتخيلها الإنسان، فقد تعرض مصور وكالة "شمس نيوز" ورفاقه المصورين إلى مخاطر عدة، أبرزها لسعات النحل القوية، ورهبة الدخول وسط مئات الآلاف من النحل الهائج.
حظر تجوال
يرفع أبو شمالة برواز النحل بطرف السكين بهدوء تام، ثم يرش مادة دخان أبيض على النحل الذي يخرج من المنحلة ويلاحق الملكة، في تلك اللحظة يزداد النحل الهائج وتكثر لسعاته القوية، التي تفرض أحيانا منعًا للتجول على بعض المصورين أو تدفعهم للهروب من المنحلة.
وفي الزاوية المخصصة له قبالة الصناديق المليئة بخلايا النحل، يستعد مصور "شمس نيوز" لالتقاط بعض من الصور الجميلة التي توثق لحظات جني العسل من قلب المنحلة، إذ يقول: "إن مشهد خروج النحل من الصناديق رائع جدًا ومنظر جميل يشعر الإنسان خلاله بعظمة الله سبحانه وتعالى".
يقول المصور الجدي: "بعد التقاط الصور يجمع صاحب المنحلة البراويز المليئة بالشمع والعسل من خلايا النحل إلى صناديق فارغة، ومنها إلى مصنع مخصص حيث المرحلة الثانية"، ويستغل المصور تلك اللحظات؛ ليأخذ قسطًا من الراحة بعد رهبة تصوير النحل الهائج.
مهنة متوارثة من الأجداد
موسم جني العسل، يعد موسمًا سنويًا يشبه تمامًا موسم قطف الزيتون أو موسم البلح أو موسم البطيخ وغيره من المواسم التي تتميز باجتماع العائلة، فمنذ ساعات الصباح الباكر خرج أبو أحمد أبو شمالة (54 عامًا) برفقة أبنائه من البيت إلى مكان منحلته التي تقع في منطقة أبو صفية شمال قطاع غزة.
يقول أبو شمالة لـ"شمس نيوز": أتقن مهنة جني العسل منذ (عام 1988) فقد ورثت هذه المهنة عن أبي وجدي، وأملك اليوم (4 مواقع) للنحل أحدهم في منطقة أبو صفية"، وتُعيل مناحل أبو شمال نحو (12 أسرة).
يتفقد أبو شمالة البراويز المليئة بالعسل؛ لكن هناك شيئا ما قد حدث؛ فقد تغير وجهه وكادت الدمعة أن تنزل من عينيه؛ لكنه استعان بالإيمان بالله عز وجل وقال: "الحمد لله على نعمه"، وعندما سأله فريق العمل عن السبب قال: "الموسم هذا العام قليل جدًا وقد يصل إلى 50% فقط مقارنة بالعام الماضي".
وأرجع "أبو شمالة" ضعف جني العسل إلى استمرار أجواء فصل الشتاء والرياح التي كانت تصاحبها خلال الأيام الماضية قائلًا: "تساقطت الزهرة التي تتغذى عليها النحلة بسبب قوة الرياح؛ ما تسبب بضعف الإنتاج هذا الموسم بشكل كبير".
سعر العسل في غزة
ويبدأ موسم إنتاج العسل -وفقًا لأبو شمالة- في شهر فبراير الذي يشهد منع وضع تغذية النحل بالسكر بشكل تام، على أن يتم جني العسل في نهاية شهر إبريل أو بداية شهر مايو حسب الإنتاجية، قائلًا: "نتوقف عن تغذية النحل بالسكر في منتصف شهر فبراير؛ لنترك النحلة تسافر يوميًا لنحو 7 كيلو للعثور على غذاء مفيد من زهرة الليمون والحمضيات واللوزيات".
وعن أسعار العسل هذا الموسم أشار أبو شمالة إلى أن أسعار النحل لا تتأثر بالإنتاجية، ومنذ 20 عامًا والأسعار ثابتة لا تتغير، كيلو العسل يتراوح ما بين (60 إلى 70 شيكل)، لافتًا إلى أن الموسم الحالي رغم ضعف كمية الانتاج إلا أن العسل الفلسطيني والغزي تحديدًا يتميز بجودة عالية ومميزة.