غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

إضاءة تفصيلية على الوحدات العسكرية الإسرائيلية (البحرية والجوّية) (3)

أحمد عبد الرحمن
بقلم: أحمد عبد الرحمن

مقدمة:

تناولنا، في الجزء الثاني من هذا المقال، عدة وحدات "خاصة" تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وأشرنا، بشيء من التفصيل، إلى المهمّات التي تقوم بتنفيذها، وإلى مجموعة من عملياتها، سواء الناجحة أو الفاشلة، ولفتنا في الإطار ذاته إلى شروط الالتحاق بها، وإلى المسار التدريبي الذي يخضع له المنتسبون إليها.

في هذا الجزء الثالث، سنشير إلى مجموعة أخرى من تلك الوحدات، والتي تُعرّف بأنها وحدات بحرية وجوية، وتتميز "بكفاءة عملياتية عالية، وقدرات وخبرات كبيرة". 

أولاً- الوحدات البحرية

1/ الدورية البحرية الـ13 ("شييطت 13"):

يُنظر إليها على أنها واحدة من أهم وحدات النخبة في جيش الاحتلال، وهي وحدة خاصة تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي، وتُعَدّ "من أفضل" الوحدات البحرية على مستوى العالم، وتختص بالحرب البحرية القصيرة وعمليات الإنزال البرمائية. يعمل عناصر "الوحدة الـ13" في البحر والبر، ويمتلكون قدرات كبيرة على تنفيذ عمليات الإنزال البحري. وتتميز الأنشطة التي تقوم بها هذه الوحدة بتطور كبير، ودقة وسرية عاليتين. ومن مهمّاتها الأساسية تنفيذ عمليات نوعية خلف خطوط "العدو"، وحماية الشواطئ، وضرب السفن والموانئ والمنشآت الرئيسة لـ"العدو"، ولا سيما في زمن الحرب والعمليات الخاصة، بالإضافة إلى قيامها بجمع معلومات نوعية عن تحركات أعداء "إسرائيل"، سواء كانوا دولاً أو جماعات. كذلك، تقوم "شييطت 13"، بتنفيذ عمليات اعتقال واغتيال في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنها في إطار ضيّق جداً، وعندما تكون العملية حسّاسة وخطرة، ولا تقبل التأجيل. 

تأسست "الدورية البحرية الـ13"، فعلياً في زمن الانتداب البريطاني، على يد يوحاي بن نون، الذي أطلق عليها اسم الكتائب البحرية التابعة لمنظمة "البلماخ". وبعد إقامة "الدولة اليهودية"، شاركت مجموعة من الوحدات البحرية، مثل وحدة الكوماندوس البحرية، ووحدة الزوارق المتفجرة، ووحدة الغواصين، في حرب عام 1948، بحيث تقرر، بعد انتهاء الحرب، توحيد كل الوحدات في وحدة واحدة، عُرفت باسم "شييطت"، أُضيف إليها لاحقاً الرقم "13"، لأن مقاتلي الوحدة البحرية في زمن "البلماخ"، كانوا يجتمعون في الثالث عشر من كل شهر، بحيث أُعلن تأسيس الوحدة رسمياً في مسمّاها الجديد، في كانون الثاني/يناير من عام 1950.

يجب على الجنود الذين يتم ترشيحهم للالتحاق بوحدة "شييطت 13"، أن يشاركوا في يوم تنافسي في استخدام الزوارق، في "يوم ميداني"، وبعد ذلك يخضع الجنود لاختبارات طبية دقيقة، واختبارات لقياس القدرة في قاعدة "تل هشومير" والمركز البحري للطبابة. وبعد تجاوز هذه الاختبارات بنجاح، يخضعون لمرحلة ترشيح قاسية تستمر 4 أيام. وبعد تجاوز هذه المرحلة يتم اختيار الجيل المقبل من جنود الوحدة، وتُعَدّ عملية الترشيح لـ"الوحدة الـ13" من عمليات الترشيح الصعبة في "جيش" الاحتلال "الإسرائيلي"، وتضمن هذه العملية القيام برحلات سريعة، والمشي مدةً طويلة على الرمال، مع وجود كثير من الصعوبات. يجب أن يمتلك المتقدم إلى الخدمة في الوحدة حالة صحية قتالية، درجتها 97% فما فوق، من دون أن يكون راسباً في أي شرط من الشروط المطلوبة، ولا يتم قبول الذين يعانون عمى الألوان، أو الذين يستخدمون النظارات الطبية. 

تستمرّ الدورة التدريبة الخاصة بـ "شييطت 13" نحو عام وثمانية أشهر، بحيث تضمن هذه الفترة للمقاتل الحصول على كثير من المميزات، مثل الخبرة والكفاءة والالتزام، وتبدأ بتدريبات سلاح المشاة العادية ("حامل البندقية")، والتي يتم تنظيمها بالتعاون مع لواء الشبيبة الطلائعية المحاربة في معسكر التدريب الخاص باللواء. بعد ذلك تبدأ المرحلة التحضيرية، والتي تستمر 3 أشهر في قاعدة "عتليت"، قضاء حيفا. وتشمل هذه المرحلة الدراسات البحرية، وتدريبات كثيرة على القدرة القتالية، ودراسة القوارب المطاطية، وتمارين أساسية على الهجوم، ودورة إنزال بحري.

بعد ذلك ينتقل الجنود إلى المرحلة التخصصية، التي تستمر مدة عام، إذ يتم فيها تأهيل الجنود، أي إضافة الطابع المهني إليهم، من خلال مهمّات محددة لكل جندي. وفيها يتلقّون أيضاً تدريبات موسعة في مجالات محاربة "الإرهاب"، في السيناريوهات البرية والبحرية، والإغارة والهجوم بواسطة الزوارق والغواصات القتالية، وتكثيف التدريب على الوسائل القتالية الكثيرة والمتنوعة، وعلى استخدام المعدات الخاصة والغالية الثمن، والتي تتجهز بها الوحدة، مثل المعدات القتالية الخاصة بسلاح المشاة، ومعدات الهجوم، ومعدات الغوص القتالية، التي تسمح بالغوص تحت الماء من دون أن يتم الكشف عن الجنود، ووسائل لزراعة الألغام المائية، ووسائل النقل فوق سطح الماء وتحته، وصواريخ خاصة، وأسلحة مخصصة للعمل فوق الماء وتحته... إلخ. 

وعلى الرغم من أن الوحدة قامت بعشرات العمليات الناجحة خلال الأعوام الماضية، فإنها مُنيت بفشل ذريع في عمليات أخرى، منها:

* اعتقال ستة من جنود الوحدة، بعد دخولهم ميناء الإسكندرية، من أجل تنفيذ مهمّات تخريبية، في أثناء حرب حزيران/يونيو 1967.

*مقتل ثلاثة من مقاتلي الوحدة في أثناء تنفيذهم عملية "أسكورت" في إبّان حرب الاستنزاف، بسبب عطل فني في لغم تحت مائي. 

*مقتل 11 مقاتلاً من قوات "شييطت 13"، في أيلول/سبتمبر1997، في بلدة انصارية جنوبي لبنان، في إثر تعرضهم لكمين مُحْكَم من جانب مقاتلي "حزب الله".

2/ وحدة "المهمّات تحت سطح البحر":

تأسست وحدة "المهمات تحت سطح البحر" في سلاح البحرية الإسرائيلي، في ستينيات القرن الماضي، كوحدة مستقلة سرّية. وفي السبعينيات، تم دمجها في الدورية البحرية الـ13، وأصبحت جزءاً منها. لكن، في عام 1981، تم الاعتراف بالضرورة العملياتية لوجود وحدة مستقّلة للمهمات البحرية، وتم تحويل الوحدة مرة ثانية إلى وحدة مستقلة متمركزة في قاعدة سلاح البحرية في حيفا. 

تُشكُل وحدة "المهمات تحت سطح البحر" القسم المهني والأساسي، والمخوّل موضوع الغوص على اختلاف أنواعه، في "الجيش الإسرائيلي"، لناحية توفير المعدّات، وتأمين القدرات، والتوصية بتبنّي طرق العمل، وما إلى ذلك. وتُشكّل أيضاً محور المعرفة المهنية في "الجيش الإسرائيلي" بأكمله. وتتعامل الوحدة مع مجموعة متنوعة من المهمّات المتعلّقة بالسفن العسكرية والمدنية، والتدابير المعمول بها في الموانئ وخارجها. وتشارك الوحدة في عمليات معالجة محطة مياه الصرف الصحي، وإصلاح السفن تحت الماء. وهي تنفذ أيضاً، من حين إلى آخر، عمليات مهمّة استباقية، تتم عادة جنباً إلى جنب مع "الدورية البحرية الـ13"، ومع سفن الصواريخ في البحرية "الإسرائيلية".

يتمتع جنود وحدة "المهمات تحت سطح البحر" بالحِرَفية والتخصص، على نطاق واسع جداً، بالعمليات التي تتم تحت سطح الماء. وهم، من بين أمور أخرى كثيرة، مدرَّبون على الغوص في الأعماق، وعمليات اللِّحَام والقص تحت الماء، وإزالة القنابل تحت - المائية، وإجراء عمليات الإصلاح تحت الماء، وعمليات الإنقاذ والتصوير الفوتوغرافي، والملاحة، والغوص مسافات طويلة، وغير ذلك. ووفقاً لما أوردته تقارير صحافية إسرائيلية، فإن الغطّاس المحترف في وحدة "المهمات تحت سطح البحر" مؤهل للقيام بمهمة الغوص والعمليات المعقّدة في الماء حتى عمق 90 متراً، بالإضافة إلى امتلاكه إمكانات متطورة في مجال الهندسة والمتفجرات البحرية والحماية، وتفكيك القنابل، وهي من اخطر العمليات تحت – المائية، والتي يمكن أن يتعرّض لها الغوّاص. 

يستخدم جنود الوحدة معدّات غوص متقدّمة تكنولوجياً، بما في ذلك أجهزة الروبوت الآلية المُعَدّة للغوص والإصلاح، وسفن مجهزة بمعدات متطورة للغوص، واستخدام أجراس الغوص، وغير ذلك. ولأن العمل تحت الماء خطير جداً، يوجد في كل رحلة غوص فريقٌ لتقديم الخدمة إلى الغوّاصين، والمحافظة على سلامتهم، وهو مستعد لحالات الطوارئ والغطس في الماء، ومساعدة الغواص فوراً إذا ما حدثت أيّ حالة طارئة. 

توجد عدة طرائق للالتحاق بالوحدة، إحداها الخضوع لدورة تدريبية لضباط البحرية، أو عن طريق مسار وحدة الدورية البحرية الـ13، أو من خلال الالتحاق بوحدة الكوماندوس البحرية، أو تقديم طلب خاص من الجناح التابع لسلاح البحرية. وطريقة القبول في الوحدة تشمل فترة التحاق قاسية تستغرق أكثر من يومين، ويخضع الملتحقون لفحوص نفسية، ونفسية – تقنية، وفحوص طبية دقيقة. ومن المهم أن نلاحظ أن هذه الوحدة صغيرة جداً، ومحترفة جداً، وأن عدداً من الجنود يخدم فيها بصورة دائمة. 

يستغرق المسار التدريبي في الوحدة عاماً كاملاً، ويُعَدّ المسار مهنياً وشاقاً جداً، ويُقسّم إلى نصفين: النصف الأول من العام مُجهِد وصعب للغاية، والنصف الثاني من العام مريح أكثر. خلال العام، يتم إخضاع الجنود لتدريبات على مهمات متعدّدة، إذ يتم تدريب جنود الوحدة على الرمي ببنادق فردية فقط، والقيام برحلات غطس على مدار الساعة، والسباحة مسافات طويلة (السباحة مع زعانف)، وتدريبات الملاحة تحت الماء والغطس الطويل. ومن اجل القبول في الوحدة، يلزم توافر حالة صحية قتالية بدرجة (82% وما فوق)، مع التركيز على بنود طبية لها علاقة بالغوص، مثل مشاكل الأذن، وتوازن الضغط. 

3/ وحدة "الزعانف البحرية":

هي وحدة بحرية مختلطة في الجيش الصهيوني، تقوم بالتنسيق التام مع وحدة الكوماندوس البحرية، "شييطت 13"، بشأن تأمين الحماية البحرية لـ"الدولة". وتتميّز بتخصصها بالغوص والقيام بعمليات دفاعية، كما يتميز عناصرها بالخبرة في المجال البحري، في جميع أنواعه، إلى درجة أنهم يتدربون على قيادة جميع أنواع السفن الموجودة في العالم. تم تأسيس الوحدة في عام 1977 من جانب سلاح البحرية الصهيونية من أجل تخفيف العبء عن وحدة "شييطت 13"، في سبيل الوصول إلى الاحترافية في حماية الموانئ. وتم تدريب جنودها على عدد من المهمّات، كالهجوم والدفاع، وجرى إدراجها في مهمّات أمنية خاصة عند "الحدود" البحرية. تتألف الوحدة من فرق دورية مزودة بمحركات، وتشمل سفناً للغوص وأخرى دفاعية. وعلى الرغم من التشابه بين الوحدة ووحدات أخرى، في الطبيعة فقط، فإنها تتدخل في جميع المهمّات العسكرية البحرية لـ"الجيش الإسرائيلي"، وقائدها يكون ضابطاً برتبة نقيب. يتدرّب الجنود عند الانضمام إلى هذه الوحدة، مدةً تزيد على ثمانية أشهر، على دورة في الاتصالات، واكتشاف الألغام في البحر، والدفاع عن النفس، والتدرّب على الأسلحة البحرية والملاحة وقيادة السفن، والقيام بعمليات دفاعية تتضمن الغوص واستخدام القوارب المطاطية والصغيرة. المهمّات الرئيسة التي تقوم بها "وحدة الزعانف البحرية " هي حماية أمن الموانئ البحرية العسكرية والتجارية من أي نشاط مُعادٍ، بحيث يتم تنفيذ دوريات الأمن البحرية على متن قوارب من نوع "دبور"، وإجراء عمليات مسح أمني لكل السفن القادمة قبالة السواحل الإسرائيلية، من أجل عدم حدوث خرق أمني. 

 

ثانياً- الوحدات الجوّية

وحدة شلداغ ("طائر الرفراف") 

وحدة شلداغ، أو الوحدة "5101"، هي وحدة كوماندوس تابعة لسلاح الجو "الإسرائيلي"، وتخضع لإمرة قيادة القوات الجوية الخاصة في سلاح الجو الصهيوني. أُنشِئت وحدة شلداغ في عام 1974، بعد استخلاص العِبَر من حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، وذلك من أجل توفير قدرات مستقلّة لسلاح الجو، تختص بعمل وحدات الكوماندوس، وجمع المعلومات الاستخبارية. مؤسس هذه الوحدة وقائدها الأول هو العقيد موكي باتسار، وهو خريج دورية سلاح المظلات وقائد سرية (احتياط) في دورية هيئة الأركان، وتلقّى دعماً كبيراً من دوريك روتينبيرغ، الذي هو أحد قادة سلاح المظلات، والذي يُعَدّ من "أبطال" معركة "تل الذخيرة" (إحدى تلال القدس المحتلة في حي الشيخ جراح). كما تلقّى دعماً من يفتاح سيبكتور، وهو رئيس شعبة العمليات في سلاح الجو. في بداية طريقها، عملت هذه الوحدة كسرية احتياط تابعة لدورية هيئة الأركان، "سييرت متكال"، وعُرفت حينها باسم "كتيبة مهمات سلاح الجو". بعد ذلك، وفي أعقاب تأييد نائب رئيس الأركان في تلك الفترة، رافائيل إيتان، تقرَّر في كانون الثاني/يناير 1977 تحويل هذه الوحدة من وحدة احتياطية إلى وحدة نظامية، بحيث كان باتسار أول قائد لهذه الوحدة النظامية، ووصل المقاتلون فيها من "دورية الأركان " ومن دورية "شاكيد"، التي تم حلّها في العام نفسه. 

لباس الخروج الخاص بوحدة شلداغ كان يتكوّن من بنطال الخروج الخاص بقوات المظليين، وقميص عادي، وقبعة حمراء، وحذاء عسكري أحمر اللون، ومن دون إشارات، ومن دون رموز، باستثناء جناحَي الإنزال المظلي، وجناحَي الدورية، ومن دون رتب (باستثناء الضباط). وكان هناك شيء آخر ميّز مقاتلي الوحدة، هو سلاحهم الشخصي، الذي كان عبارة عن بندقية "تافور"، والتي حلّت بديلةً عن السلاح السابق من نوع جاليلون/جاليلي صغير مع قبضة خشبية. 

في بداية الامر كان التجنيد لهذه الوحدة يتم في إطار التجنيد لقوات المظللين، بحيث تتم دورة "الأغرار" في منطقة "سانور"، وذلك كسرية خاصة. وبعد ذلك يتم فرز العناصر من أجل اتباع الدورات الخاصة بهم. لكن، بعد ذلك، تحولت الوحدة إلى وحدة خاصة تابعة لسلاح الجو، بحيث يقوم عناصر هذه الوحدة بتنفيذ مهمّات خاصة تتباين عن مهمّات وحدات المظليين. 

من أهم العمليات التي نفّذتها وحدة شلداغ نَقلُ اليهود من إثيوبيا إلى "إسرائيل"، وإجلاء عناصر "الموساد" من السودان بعد إطاحة الرئيس الأسبق جعفر النميري في نيسان/أبريل من عام 1985، والمشاركة في حرب لبنان الأولى عام 1982، بالإضافة إلى المشاركة في اغتيال القيادي الفتحاوي جمال عبد الرازق، قرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في تشرين الثاني/نوفمبر 2000. وشاركت الوحدة أيضاً في عملية أُطلِقَ عليها "عاد الأبناء إلى حدودهم"، بحيث تمكّنت بالتعاون مع وحدة الإنقاذ والإجلاء الجوي (669)، من إجلاء جثمان الجندية كيرن تيندلر، وهي عاملة فنية جوية كانت على متن طائرة عمودية من طراز "CH53"، تم إسقاطها في عمق الأراضي اللبنانية، في الثاني عشر من آب/أغسطس 2006.

وحدة الإنقاذ والإجلاء الجوي ("669"): 

هي وحدة الإنقاذ الرئيسة التابعة لسلاح الجو "الإسرائيلي"، وتُعَدّ إحدى الوحدات الخاصة النوعية. وهي خاضعة لقيادة القوات الجوية الخاصة في سلاح الجو. والمقر الدائم لهذه الوحدة هو في قاعدة "تل – نوف" الجوية، جنوبي شرقي مدينة "تل ابيب". وشعارها هو "القطّة ذات العينين الخضراوين"، وفي بعض الأحيان يُطلَق على مقاتلي هذه الوحدة لقب "القطط". 

تحافظ الوحدة على كفاءة عملياتية عالية، وعلى قدرات طبية ذات نسق متقدم، إذ إنها تقوم، بصورة دائمة، بعمليات إنقاذ للمواطنين الذين يواجهون أوضاعاً معقدة، وحالات حقيقية تشتمل على معالجة المصابين في حالات الطوارئ، وإنقاذهم ونقلهم إلى المستشفيات. وتجد عمليات الإعداد والتدريبات الكثيرة التي يتلقّاها الجنود مردودها في النشاط الحقيقي الذي يقومون به، والذي يضيف مزيداً من الخبرة إلى عناصر الوحدة، وهم يحافظون بذلك على كفاءتهم العملياتية. 

وضع شعارَ الوحدة يورام شاحر وأفنير إيلناي، اللذان تَرَأّسا طاقم تأسيسها، بحيث أُعجبا بصورة القط ذي العينيين الخضراوين، وطلبا إلى فنيّ الغرافيك إيلي تسارفاتي تصميم الشعار الخاص بالوحدة. أمّا بخصوص الرقم الذي أُعطي لهذه الوحدة، "669"، فتمّ اختياره بين مجموعة من الأرقام، لأنه كان يشبه الرقم "269"، وهو رقم دورية هيئة الأركان "سييرت متكال" في تلك الفترة. 

تمّ تأسيس الوحدة في عام 1974، في أعقاب حادث جوي مروّع حدث قبل عامين من ذلك التاريخ، بحيث اصطدمت طائرتان من طراز "فانتوم 4" (كورنس) في الجو خلال طلعة تدريبية فوق البحر، ونجا ثلاثة من طاقمَي الطائرتين، بينما غرق الرابع، وهو الملازم الأول أهارون أرنون خلال محاولات إنقاذه، ولم يتم العثور على جثته حتى اليوم.

أوصت لجنة تقصي الحقائق التي أقيمت في أعقاب الحادث، بإقامة هيئة تتخصص بإنقاذ الطيّارين والملاحين الذين يقفزون من طائراتهم، وفي تدريبهم على تقنيات القفز، والهروب والبقاء في قيد الحياة، وفي تطوير نظرية قتالية وعتاد عسكري خاص بهذه المجالات. واقترحت هيئة الأركان العامة تطوير القاعدة المعمول بها، والتي تنص على إبقاء المسؤولية موزعة بين لواء المظللين (في حال كانت عملية الإنقاذ في البر)، وسلاح البحرية (في حال كانت عملية الإنقاذ في البحر)، لكنّ إصرار قائد سلاح الجو حينذاك، بيني بيلد، على إقامة وحدة خاصة في إطار سلاح الجو عجّل في إقامة الوحدة. في أعقاب حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، تعززت فرص هذا الطلب. وفي كانون الثاني/يناير 1974 بدأت إجراءات إقامة وحدة الإنقاذ الجوي "669". وضمّ طاقم التأسيس كلاً من القائد يورام شاحر ونائبه أفنير إيلناي، الذي كان لديه تخصص بهذه المواضيع، وتابع موضوع إقامة هذه الوحدة في الفترة التي سبقت الحرب. وفي نيسان/أبريل 1974 تجمعت، في قاعدة سلاح الجو في "تل – نوف"، المجموعة الأولى من الجنود، وكان معظمها من جنود مشاة سلاح البحرية. وبدأت الدورة الأولى تدريباتها بقيادة أفنير إيلناي. وفي شهر كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه، تم إعلان الوحدة وحدةً عملياتية. وضمت هذه الوحدة، في الفترة نفسها، نحو 12 مقاتلاً فقط. وفي عام 1978، تم ضم وحدة "الإجلاء الجوي 386"، والتي كانت تضم أطباء وممرضين، إلى الوحدة "669"، وتم تغير اسمها إلى وحدة الإنقاذ والإجلاء الجوي "669". وفي عام 1997، عند حدوث كارثة الحريق في وادي السلوقي في جنوبي لبنان، عمل جنود الوحدة على إنقاذ قوة من لواء جولاني من هناك. وبدءاً من عام 2004، تم توسيع مسؤولية هذه الوحدة لتشمل عملية البحث عن المفقودين. ومنذ عام 2006 تغيّر اسمها إلى "وحدة الإنقاذ والإجلاء الجوي". 

تستمر عملية تأهيل المقاتل في هذه الوحدة نحو عام وستة أشهر، وهي تشتمل على دورة "أغرار" في قاعدة التدريب التابعة للواء المظليين، ودورة ممرضين حربيين، ودورة أغرار في الوحدة، ودورة قائد جماعة، ومرحلة تخصصية تضم دورات هبوط مظلي ودورات غوص وهروب، وتدريبات على الطائرات العمودية، وتدريبات إنقاذ في كل الظروف الطبيعة والأحوال الجوية والبرية، وفي المنحدرات والجبال، وعلى متن السفن، وكذلك الإنقاذ من الطائرات والسيارات. ويتم تدريب طواقم الإجلاء المنقولة جواً وتأهيلها، بحسب احتياجات كل طاقم، والظروف المتعددة، ومحيط العمل، سواء في الأرض أو في الجو. وبما أن عملها كان في الأصل إنقاذ الطيارين، الذين يقفزون بمظلاتهم في أراضي العدو، فهي تعمل أيضا كوحدة للإنقاذ عبر استخدام الطائرات المروحية خلال نشاطات "الجيش الإسرائيلي"، بحيث تقوم بإنقاذ المقاتلين، وإجلاء الجرحى من ميدان المعركة، وإنقاذ الطواقم البحرية، وإجلاء المصابين جواً إلى المستشفيات، وتنفيذ عمليات تمشيط برية وجوية للعثور على المفقودين. وبالإضافة إلى ذلك، تقوم الوحدة بتدريب الطواقم الجوية على تقنيات الهبوط والفرار والإنقاذ. وتستخدم هذه الوحدة طائرات عمودية هجومية تابعة لسلاح الجو، من طراز "بلاك هوك 60"، وطائرات "سي ستاليون". 

تتألف الوحدة "669" من عدة شُعب، مثل شعبة الإنقاذ، التي تضم عناصر للإنقاذ، وشعبة الإجلاء، التي تشمل طاقماً للدعم الجوي الطبي، يشارك فيه أطبّاء ومسعفون وممرضون. وهناك أيضاً الشعبة الفنية التي تعمل على تطوير العتاد وصيانته، والشعبة الطبية التي تعمل على تدريب المقاتلين وعلى طلب المستلزمات الطبية، ووضعها في مستودعات ملائمة للتخزين الدائم، وعتاد طبي لمستودعات الطوارئ. وهناك المدرسة التي تقوم بإعداد المقاتلين المتخصصين بالإنقاذ وبتدريب الطواقم الجوية، وشعبة البحث عن المفقودين، التي تتشكل من جوّالة ومن أشخاص ذوي خبرة بالأرض. 

خاتمة:

في الجزء المقبل، بإذن الله، سنتحدث عن وحدات وتشكيلات خاصة جديدة في "جيش" الاحتلال الإسرائيلي، بحيث سنلقي الضوء على الوحدات "اللوائية"، وتلك التابعة لجهاز الشرطة في كيان الاحتلال.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".