قائمة الموقع

كيف أسست الدائرة العسكرية بحركة الجهاد الإسلامي لمعادلات جديدة في الصراع مع الاحتلال؟

2023-05-07T13:15:00+03:00
سرايا القدس -الوحدة الصاروخية (2).jpg
بقلم/ عرفات عبد الله أبو زايد

"ما يعد للكيان الصهيوني في المنطقة من محور المقاومة شيء كثير وما يظهر على لسان قادة المقاومة من تهديدات واستعدادات شيء متواضع، ما يخبئ له شيء كبير ويجب أن يعرف العدو أن أي معركة قادمة مفتوحة سيكون لها ما لها وندع ذلك لوقته"، ما سبق عبارة عن خاتمة لتصريحات أدلى بها قائد الدائرة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي المجاهد أكرم العجوري في برنامج ما خفي أعظم "خارج الحسابات" عبر قناة الجزيرة والذي بث في السادس من يناير/ كانون الثاني بداية العام الجاري 2023م، في حينه ذهب العدو والصديق لتحليل حديث الرجل الأول في الذراع العسكري للحركة، وذلك في إطار تأكد الاحتلال بأن هذه التصريحات خارج إطار البروبوغندا، خاصة وأن هذه التصريحات ترتبط بشكل كبير بما يجري على أرض الواقع، وفي مراجعة شاملة فإن الدائرة العسكرية على الرغم من جولات التصعيد والاغتيالات الصهيونية التي طالت عدد من قيادتها بالداخل والخارج إلا أن ذلك لم يثنيها أو يرهبها على مواصلة المواجهة المستمرة مع الاحتلال، ولا يمكن القول بأن هذا الأمر كان يسيراً في ظل خسارتها لمجموعة من أبرز قياداتها، لاسيما تلك التي تمتلك خبرات وقدرات وكاريزما وقدرة على إدارة الصراع مع الاحتلال، إلا أن ذلك لم يجهض خطط الدائرة العسكرية بضرورة استمرارية جذوة المقاومة، وذلك من خلال تكوين جيل ثائر مقاوم قادر على مواجهة الاحتلال حتى في أحلك الظروف وأصعبها.

انخرطت الدائرة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي مبكراً في انتفاضة الأقصى التي اندلعت في الــ 28 من سبتمبر/ أيلول للعام 2000م، حيث جاء الشهيد نبيل العرعير كأول استشهادي في انتفاضة الأقصى بتنفيذ عملية استشهادية لموقع عسكري داخل مستوطنة غوش قطيف في قطاع غزة آنذاك، وذلك بتاريخ 26 أكتوبر لعام 2000م، أي بعد أقل من شهر لاندلاع الانتفاضة، وهذه كانت جرأة كبيرة بأن تُنفذ عملية استشهادية بعد أقل من شهر على اندلاع انتفاضة لم تتضح ملامحها ومعالم تشكلها، وكذلك تنفيذ أول عملية تفجير في انتفاضة الأقصى "بسيارة مفخخة"، بتاريخ 2/11/2000 في مدينة القدس، وأسفرت عن قتل ابنة الحاخام اسحق ليفي ومحاميها، وطورت هذه العمليات بيئة العمل المقاوم من حجر ومقلاع إلى عمليات استشهادية، وبالتالي فتحت الباب على مصراعيه أمام كل قوى المقاومة للتنافس في هذا الميدان، ومن باب التذكير فإنه يحسب أيضاً لحركة الجهاد الإسلامي بتنفيذها أول عملية استشهادية في قطاع غزة من خلال الشهيد أنور عزيز بتاريخ 13/12/1993، وكان أبرز تطور بعمل الدائرة العسكرية تنفيذ عملية "مستوطنة شلومي" التي انطلق منفذيها من جنوب لبنان عبر الشهيدان غسان الجدع ومحمد عبد الوهاب بتاريخ 13/2/2002.

واصلت قيادة الدائرة العسكرية تطوير بيئة العمل المقاوم، وبرز ذلك من خلال قيام سرايا القدس بإطلاق صواريخ فجر 5 على مدينة تل أبيب المحتلة في العام 2012، كأول ذراع عسكري يقوم بهذه المهمة الخطيرة والجريئة، والتي أسست لإدخال تل أبيب ضمن قواعد الاشتباك في الرد على عمليات الاغتيال التي ينفذها الاحتلال، وقد كانت قيادة سرايا القدس على الموعد كما هي عادتها إبان مسيرات العودة الكبرى حينما اتخذت قراراً بالرد على انتهاكات الاحتلال ضد المتظاهرين السلميين، حيث شكل ذلك معضلة أمنية لقادة الاحتلال واحراج أمام المجتمع الصهيوني وهم يشاهدوا رئيس وزرائهم يهرب من صواريخ سرايا القدس، فقام الاحتلال بتنفيذ عملية اغتيال بالتزامن، الأولى في دمشق والثانية في غزة، استهدف بالأولى قائد الدائرة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي المجاهد أكرم العجوري، وفشل باغتياله واستشهد بالعملية نجله ومرافقه، بينما في الثانية تم اغتيال الشهيد أبوالعطا واستشهدت زوجته برفقته، وشكل هذا الاغتيال دافعاً جديداً لدى قيادة الدائرة العسكرية بالمُضي قُدماً بالرد على كافة الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق شعبنا مهما كانت النتائج والثمن الذي يمكن أن تدفعه قيادة الدائرة العسكرية مقابل ذلك، وهذا يعتبر أعلى درجات الأخلاق والإنسانية والقيم التي يمكن أن يمتلكها الانسان في دفاعه عن قضيته وشعبه ومبادئه مهما كانت التهديدات والمخاطر التي تحيط به.

تؤمن الدائرة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي بوحدة الساحات والجبهات لزوال الاحتلال، ولذا نجحت بإدخال معادلات جديدة لمشروع المقاومة، وذلك عبر استنهاض ساحة الضفة المحتلة التي تمثل الخاصرة الأضعف للاحتلال، والتي كان يعتبرها في حالة سكون وهدوء لا مثيل له، مما ساعده بمضاعفة البؤر الاستيطانية مواصلة العربدة والبلطجة والقتل ضد شعبنا وانتهاك حقوقه والتعدي على المقدسات، وجاء تفعيل العمل المقاوم بالضفة عبر تشكيل كتائب عسكرية في مناطق وقرى ومخيمات الضفة تحت رعاية وإشراف وتمويل من قيادة سرايا القدس، وذلك عبر متابعة قيادة الدائرة العسكرية لأدق تفاصيل العمل اليومي، حيث أولت اهتماماً لملف الضفة من خلال تبني وتوفير ما يلزم لكل من يريد أن يقاوم الاحتلال بغض النظر عن انتماءه الحزبي، وهو الأمر الذي ساهم بتثوير الجماهير بالضفة المحتلة والقدس، وذلك عبر دماء قادتها وأبنائها التي أظهرت مدى التصاقهم بتصريحاتهم ومواقفهم، وكان واضحاً حجم الوعي لدى شعبنا معرفته بالدور الذي قامت به سرايا القدس بتفعيل العمل المقاوم بالضفة، وبرز ذلك من خلال هتافاتهم للشهيد جميل العموري وللأمين العام للحركة المجاهد زياد النخالة ولقائد الدائرة العسكرية المجاهد أكرم العجوري في لمحة وفاء يقدمها شعبنا لهؤلاء القادة باعتبارهم أيقونة لاستنهاض الضفة وديمومة الاشتباك بها.

برز اكثر ايمان قيادة سرايا القدس بمفهوم وحدة الساحات عندما أعلنت حالة الاستنفار في صفوف مقاتليها في بداية أغسطس من العام 2022 رداً على انتهاكات الاحتلال بحق شعبنا في الضفة، عندما أرادات أن توصل رسالة للاحتلال والوسطاء بأنه لا يمكن لغزة أو سرايا القدس أن تنفصل عن باقي ساحات الوطن، على قاعدة فرق تسد التي يريد الاحتلال فرضها على قوى المقاومة، ونتيجة تمسك قيادة سرايا القدس بهذا المبدأ، قام الاحتلال باغتيال أحد أبرز قادة سرايا القدس بغزة الشهيد تيسير الجعبري، وسرعان ما أعلنت سرايا القدس عن عنوان معركتها تحت مسمى وحدة الساحات في تحدي مثير للاحتلال بأن عمليات الاغتيال لا ترهبها وستبقى متمسكة بوحدة الساحات، حيث قدمت خلال المعركة ايضاً أحد أبرز قادتها الشهيد خالد منصور، في حينها كانت قيادة الدائرة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي تقرأ ما لم يقرأه أحد من قبلها وكانت تعلم أننا في إطار تحولات جديدة لصالح القضية الفلسطينية من خلال وحدة ساحات وجبهات، وبالجانب الاخر كان الاحتلال يعلم خطورة مشروع قيادة سرايا القدس الذي تريد أن تمضي به، وكان يحاول بكل ما يملك من أدوات دبلوماسية وأمنية وعسكرية أن يجهض هذا المشروع ويمنع استمراريته، ولكنه فشل بشكل ذريع حتى أن يبطئ هذا المشروع أو يحجمه، بل تصاعد هذا المشهد حتى رأينا مؤخراً عدة عمليات في آن واحد ضد الاحتلال(لبنان – سوريا – الأغوار بالضفة – ام الفحم في الداخل المحتل – غزة)، نحن كمؤمنين ببصيرة واستشراف قيادة سرايا القدس للأحداث لم نتفاجأ من مشهد اشتعال الجبهات والساحات لأننا نملك اليقين بأنه سيتحقق، ونعتبر ما حدث صورة مصغرة لما قد تذهب له المواجهة الكبرى التي يعد لها محور المقاومة كما قال المجاهد أكرم العجوري، فنحن نؤمن أن قيادة الدائرة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي تواصل الليل بالنهار لتجهز ليوم فاصل وحاسم تندمج به كل الجبهات والساحات في آن واحد بمعركة فارقة مع الكيان الصهيوني، مما يجعلنا في حالة اطمئنان على مشروع المقاومة برمته وبالتالي قرب زوال الاحتلال.

اخبار ذات صلة