قائمة الموقع

خضر عدنان .. المناضل الأممي في الزمن الإستثنائي !

2023-05-07T15:04:00+03:00
الاعلامي وسام المقوسي.jpg
كتب : وسام المقوسي

فى كل زمان ومكان رجالٌ ومناضلون وثوار يُحيون الأرض في عَيشِهم وحتى عند مماتهم، وهذا الزمن كان زمن المناضل الشهيد خضر عدنان، ذاك الحاسم في الحقّ، يَعي ما يفعل، وإلى أين سَيصل، بل وكيف ستكون النهاية، ورغم سائر المصاعب تمرد ولم قبِل الواقع، وفَهِمَ الوقائع، وتهيّئ لما هو وَاقع، وتَحدى، وقدمَ الواجبَ قدر الإمكان، حتى جاء قدَرُ القادر.

كان المَثل في الثبات، تحمل الشدائد منها طعناتُ قريبٍ وبعيد، وكانت ذا أثر عميق في نفسه، رغم ذلك لم يتبدل أو يَحيد، ولم يتلون أو ينكسر أو يتراجع عن مبادئه، بل ضحِّى من أجلها وقدم نفسه حتى النهاية الأبدية التي كان يعلمها جيداً ويُدركها، كان طفرةً في التاريخ وعلى مساحة الجغرافيا، يَشعُ نورا في الأُفق، لم يَخف صَلفاً لجلاد أو سلطان جائر، تحدى ورفضَ فكرة تعايشٍ وقبول، أو استسلامٍ لمحتل غاصب، بل وتصدى لطواغيت العصر وأعوانهم .

كانت المسئولية الوطنية والأخلاقية بالنسبة له هي المقدرة على الصمود، والصبر على الآذى، والدعوة للجهاد والمقاومة، والتحريض على قتال المحتل، فعاش أرفع درجات الإيمان، والطهارة، والصفاء، والنقاء، والشرف، تلك المفردات والمعاني الرفيعة جُلها من مفاعيل النفس الزكية التي تمتع بها حين ءآثَرَ على نفسه وفضل الغير عن النفس، حتى أصبح رمزاً لكل تضحية وبذل، ووصلت هذه النفس الطيبة إلى السمو والعلو، وباتت عند ربها راضيةً مرضية، تاركةً خلفها إرثا إنسانياً وأخلاقياً ووطنياً حافلاً سيبقى محفورا في عقول ووجدان أبناء الأمة، يتوارثه جيلٌ بعد جيل.

كان مؤمناً بعدالة قضية، بطلٌ قلَّ نظيره، أضحى ركناً شديداً في مسيرة الجهاد والمقاومة؛ يَشُد المئزر، ويَطوف بين أزقة الشوارع والطرقات ويأمّ بيوت الأسرى والشهداء، يَشحذُ الهمم، ويُعلي العزائم، ويُعاهد بمواصلة السير على نهج وخطى من سبقوه، كان يُذكّر بتضحياتهم التي ناضلوا وماتوا وقاتلوا لأجلها.

هو العربي الفلسطيني الأممي الاستثنائي الذي اندفع نحو خيارات التحرر والانعتاق من الاحتلال وقاوم المِخرز ، وأثبت أن هذا العدو يمكن أن ينكسر وسينكسر، فَأَمَن بقوته وبأمعائه الخاوية وإرادته الفولاذية مرات عديدة وانتزع حريته من أنياب السجان، رافضاً وبكل قوة حتى مبدأ الإعتقال، فكان مُفجر "معركة الأمعاء الخاوية" والسَباق في خوض الإضراب الفردي عن الطعام داخل سجون الاحتلال، وسطّر بموجب ذلك مساراً وطنياً مهماً نحو الحرية وقد سار على هذا الطريق العشرات من الأسرى الذين خاضوا إضرابات عن الطعام.

لقد عاش المظلومية بكل تفاصيلها فكانت الاستهدافات المزدوجة وتبادل الأدوار بين الجلاد الصهيوني وأجهزة أمن السلطة، رغم ذلك تمسّك في أصعب وأحلك الظروف والأوقات بمبدأ الوحدة ودعا لها وعض على الجرح وواصل الطريق دون إلتفات، ولم ينجر لأي مُفتعل فتنة، عزز مفاعيل المقاومة وأدواتها المختلفة، ودفع في نموها واستمراريتها وعنفوانها، حتى بات وهجاً للثورة والنضال والإرادة، وشكل بصموده وتحديه للمحتل والسجان حالةً فريدة في التاريخ المعاصر، كاشفاً الوجه الفظيع لهذا المُحتل، الذي تركه وحيداً في زنزانته القذرة دون رعاية صحية وقرر قتله، بينما صاحب الواجب قاتل بجسده الضعيف السجان وظلمه حتى النفس الأخير باحثاً عن حياة كريمة كان يُحبها وحرية يُقاتل لأجلها، وحين أبَت نفسه الطاهرة أن تستسلم للجلاد كان للحرية الأبدية ثمناً باهضاً ! مُجسداً مصداق قول الله تعالى "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة".

اخبار ذات صلة