قائمة الموقع

حياة أم رمزي عيشة تتحول إلى كابوس مرعب بفعل صواريخ الاحتلال

2023-05-14T14:37:00+03:00
نجوى عيشة.jpg
شمس نيوز - مطر الزق

جهزت أم رمزي نفسها جيدًا للحظة الصفر، أغلقت منافذ البيت، وأنبوبة الغاز، وحملت حقيبتها وأوراقها الرسمية، جلست على كرسيِ أمام باب المنزل، كانت عيناها تلتفتان يمينًا ويسارًا، وتحيط بأبنائها الصغار وزوجها الذي يعاني من آلام كبيرة في قدمه، لم تكن أم رمزي على ما يرام، لسان حالها يقول: "هناك شيء ما نسيت إغلاقه"، تسلل الشك إلى قلبها، وبدأت تقنع نفسها أن المنزل بات آمنًا؛ فجأة تذكرت عدم إغلاق قنوات المياه من أعلى سطح المنزل.

أسرعت أم رمزي (47 عامًا) وابنها عبد الرحمن (15 عامًا) لتصعد "السلم"، كانت تركض مسرعة؛ لتنهي المهمة بشكل عاجل، وتخرج من منزلها الكائن في أبراج المخابرات شمال القطاع؛ وتذهب إلى منزل ابنها رمزي القريب من مبنى مؤسسة المسحال غرب غزة؛ لكن الفاجعة كانت أسرع من تنفيذ رغباتها.

نبضات قلبها كانت تخفق بسرعة عالية، وبيدها اليمنى أزالت بعضًا من العرق الذي أصاب جبينها، عندما وصلت إلى سطح المنزل تحاملت على نفسها وآلامها، وحصلت على نفس عميق، ووقفت إلى جانب سور المنزل على الطابق الثاني ممسكة بنجلها الصغير الذي صعد إلى السور؛ ليتمكن من إغلاق قنوات المياه.

ليته لم يصعد

ليته لم يصعد في تلك اللحظة؛ فقد حدث ما كانت تتوقعه "أم رمزي" قصف إسرائيلي شديد هز المكان، رائحة النار والبارود تسللت إلى المنطقة كلها، الدخان المتصاعد والغبار حال بين عبد الرحمن ووالدته أم رمزي التي عثر عليها بعد دقائق وقد سقطت على الأرض من الطابق الثاني.

ماذا حدث لأم رمزي لتسقط على الأرض وتصاب بشلل نصفي؟! هذه التفاصيل المرعبة رواها نجلها رمزي لمراسل "شمس نيوز" فيقول: "كانت أمي تقف أمام سور المنزل، وشقيقي عبد الرحمن صعد إلى أعلى ليغلق قناة –برميل المياه السخنة- المرتفع عن الأرض وأثناء الانفجارات العنيفة اهتز المنزل بشكل جنوني وسقط البرميل فوق رأس والدتي".

في هذه اللحظة كانت أم رمزي تُمسك بنجلها عبد الرحمن، وحين وقعت الانفجارات الشديدة دفعت نجلها بقوة صوب سطح المنزل؛ لحمايته قبل أن يسقط عليها برميل المياه السخنة بشكل قوي ولم تتمكن هي من حماية نفسها؛ لتسقط من الطابق الثاني في ممرر بين منزلها ومنزل جيرانها.

أم رمزي هي السيدة نجوى عيسى عيشة (47 عامًا) أم لـ 4 أبناء وفتاة، تزوج اثنان من أبنائها وزوجت ابنتها، ولم يبقَ في بيتها سوى طفلين صغيرين وزوجها المقعد، ومنذ 3 سنوات تقريبًا تعمل أم رمزي في إحدى رياض الأطفال كـ "سكرتارية"، لتعيل أبناءها الصغار وزوجها.

"من لإخوتي الصغار ولأبي بعد اليوم!؟" قالها رمزي (28 عامًا) وقد حبس الدموع التي تقف على باب مقلتيه، وبدا متماسكًا من هول الحدث الذي حل به وبوالدته وقال: "انتشل الجيران أمي المصابة بشكل كبير إلى مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة وهناك كانت المفاجأة".

أطباء بسراويل بيضاء، وسماعات على آذانهم، يبذلون جهودًا جبارة لإنقاذ المصابين؛ لكن ما قاله أحدهم أصاب رمزي بذهول وصدمة لم يتوقعها: "أمك يا رمزي مصابة بشلل نصفي وهناك تفتك في عظامها وعندها كسر في ريش صدرها"، لم يبلغه الطبيب بهذا الشكل؛ إنما مهد له الطريق، فكانت دموعه التي تتساقط على لباسه الأبيض ساخنة كاللهب، دليل على حجم الفاجعة.

صُعق الشاب رمزي من آثار سقوط والدته من صواريخ الاحتلال، كل ما يأمل به رمزي الآن هو إنقاذ والدته وعائلته؛ فوالده يحتاج إلى زراعة مفاصل في قدميه، ووالدته تحتاج إلى علاج عاجل في مستشفيات الخارج.

بصوت متقطع ينُم عن حجم الألم والفاجعة التي أصابت والدته يقول: "الأطباء أبلغوني رسميًا أن لا علاج لوالدتي في المستشفى وننصحك بإرسال والدتك للعلاج في مستشفيات الخارج"، رمزي لا يعرف أحدا لينقذ والدته وعائلته من المستقبل الغامض، وما يتمناه هو تقديم المساعدة لوالدته ونقلها إلى الخارج؛ لتقف على قدميها وتدير حياتها كما كانت.

واستشهد 33 مواطنًا وأصيب أكثر من 110 آخرين بجراح مختلفة جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والذي استمر 5 أيام متواصلة؛ أدى إلى تدمير أكثر من 15 منزلًا بشكل كامل بمجموع 51 شقة سكنية.

اخبار ذات صلة