قائمة الموقع

سرايا القدس من الاستهداف إلى المعركة إلى الانتصار

2023-05-17T19:59:00+03:00
ياسر الخواجا
بقلم/ ياسر عرفات الخواجا

قد يتساءل البعض لماذا هذا الاستهداف المستمر والمتواصل  للجهاد الإسلامي، وللجواب على هذا التساؤل لا بد من إدراك حقيقة أن الجهاد الإسلامي الآن بات -وكما فى كل مرحلة- يتصدر المواجهة، وهو من يحمل ويتبنى شعار "وحدة الساحات"، والذى استطاع من خلال دماء أبنائه أن يحوله من مربع الشعارات الفارغة إلى مربع المعادلات الحقيقية، والتي جسدت بشكلها وسلوكها ثقلاً كبيرًا على العدو، مما زاد من الكلفة الأمنية المرتفعة عليه، وذلك من خلال ازدياد العمل المقاوم فى الضفة وفى داخل وقلب الكيان، وكذلك زات الكلفة العسكرية، والتي تمثلت بالاستنزاف الحاصل له من خلال الدفع بمزيد من الكتائب المساندة لقواته المتواجدة لحماية المستوطنين على طول حدود الضفة الغربية، والتي أصبحت الآن وبعد فشل العمليات العسكرية فى مواجهة المقاومين بحاجة مستمرة لضخ قوات جديدة لمواجهة الحالة الأمنية الممثلة بالتشكيلات العسكرية لسرايا القدس فى الضفة، والتي بدورها نجحت فى خلق مناخ غير آمن وغير مستقر للجيش والمستوطنين.

هذه المشاغلة للعدو تأتي ترجمة حقيقية وثابته للمفهوم الفكري التحرري للجهاد الإسلامي الذى يحمل فى مضمونه فكرة مقاتلة العدو واستنزافه وإشعاره بالرعب والخوف وعدم الاستقرار، وهذا الأمر من عدم الاستقرار لا يتم إلا من خلال الدور الفاعل فى المشهد المقاوم الذى تتصدر رأس حربته سرايا القدس.

إن الاحتلال يسعى ومن خلال هذه الاستهدافات المتتالية إلى الدفع بعدة جولات قتالية مع الجهاد الإسلامي منفردًا، والهدف من ذلك:

أولاً: إضعاف مساعي الأخير لتشكيل وترسيخ حالة دعم لدور المقاومة  في غزة كما نجحت فى ترسيخه فى الضفة الغربية، والتي خلقت بيئة مقاومة حقيقية رغم كل المعوقات والصعوبات، والتي على الرغم من مساعي الاحتلال العديدة لإنهاء هذه الظاهرة وإفشال تلك التجربة من خلال كل الحملات العسكرية التي ينتهجها جيشه في الضفة إلا أن هذه الظاهرة استمرت وبقوة، وبات الحل العسكري من قتل واغتيال مستمر لا يجدي نفعًا معها، بل هذه المقاومة والتشكيلات العسكرية آخذة بالتنامي والتطور خاصة أنها بدأت تتجاوز مسألة إطلاق النار إلى القدرة على صناعة العبوات والصواريخ البدائية والتي من الممكن فى غضون مرحلة وجيزة أن يتم تطويرها لتصبح خطرًا إضافياً، وهذا ما يقلق كيان الاحتلال.

ثانيا: استنزاف الجهاد الإسلامي من خلال إضعاف قدراته العسكرية والصاروخية، وذلك من خلال المعارك المتتالية المتقاربة زمنيًا بهدف إنهاكه وإضعافه وشل قدرته على التأثير عسكرياً، ونزع قدرته على خلق بيئة قتالية وحالة من الاشتباك المستمر مع الاحتلال، حتى لا يساهم فى استنهاض الساحات الأخرى وخصوصًا الضفة الغربية والقدس.

ربما كان يظن هذا العدو المجرم بأن ضربته الغادرة -التي يعتبرها افتتاحية المعركة- ستقوده إلى تحقيق أهدافه فى ضرب المنظومة العسكرية للجهاد، وبالتالي ستشكل له صدمة قوية تساهم فى إضعافه وإرباكه في المعركة نتيجة للأضرار الكبيرة وغير المسبوقة التي لحقت بقيادة العمل العسكري.

وفي الحقيقة صحيح أن الجهاد الإسلامي فقد ستة من قادته الأبطال، وهي ضريبة عالية، وهذا هو عهد الجهاد الإسلامي منذ أكثر من أربعة قرون، فقد كان ولا يزال يجود بدماء قادته وأبنائه الأبطال للدفع بمسيرة المقاومة نحو الاستمرار فى المواجهة، وضرب حالة الاستقرار لدى الكيان، ورغم هذا الثمن الكبير إلا أن الجهاد الإسلامي صمد في هذه المعركة (ثأر الأحرار) صموداً أسطورياً ولم يتراجع ولم ينهزم، بل امتصَّ الضربة الغادرة بحالة عالية من ضبط النفس، الأمر الذي أهله لفرض معادلة الصمت الميداني والإعلامي التي أضاعت على العدو نشوته بالضربة الاستباقية، فكانت طبيعة هذه الحالة الغريبة من الصمت بمثابة انتصار أولي كبير قبل بدء المعركة؛ لأنها كانت خارج الحسابات والتقديرات الاستخباراتية للعدو، وهذا ما قلب المعادلة ضد العدو، فتحول من مربع الضربة المباغتة والانتصار إلى مربع الاضطراب والانكسار.

حيث استعادت سرايا القدس السيطرة والتحكم الميداني فى ترابط وإعداد ملفت وهام للمنظومة العسكرية، وقامت بإدارة الميدان بكل قوة واقتدار رغم كل الضربات المتتالية والموجعة. هذه الحالة من التشافي السريع للدور القيادي في ملء الفراغ الميداني أظهرت قدرة سرايا القدس العسكرية التكتيكية العالية، حيث تمكنت من استلام زمام المبادرة من جديد، فقامت -ومعها فصائل المقاومة- بتوجيه صواريخها لتصل إلى معظم مدن الكيان المركزية في القدس وجنوب تل أبيب.

وبقيت سرايا القدس رغم العمل تحت النار متحكمة ومسيطرة على الجو في إدارة الرشقات، وكذلك كانت تناور على محور آخر لا يقل أهمية عنه وهو ملف إدارة مفاوضات وقف إطلاق النار، وإن سرايا القدس وهى تطلق الرشقات حتى الثواني الأخيرة أرادت أن تقول أن هذا العدو الغادر يستطيع أن يبدأ المعركة، ولكن نحن من ينهيها بالشكل والخاتمة لتكون الكلمة الأخيرة والطلقة الأخيرة فى هذه المعركة لسرايا القدس، فكانت الرشقة بمثابة علامة النصر المحقق لدماء القادة الشهداء العظام.

الخلاصة:

سرايا القدس التى كانت تضبط إيقاع المعركة بكثير من الانسياب السلس فى أدائها الميدانى الملفت للعدو قبل الصديق، إلى جانب تحدى المفاوضات رغم الضغوطات الهائلة التى مورست على الجهاد الاسلامى حيث تمت إدارتها بكثير من الجهد الحكمة والصبر والجلد تساوقا  وتزامنا مع ما يجرى فى الميدان من دور وتكتيك وأداء رائع لسرايا القدس وهذا  بدوره أعطى قوة إضافية  دعما للمفاوضات لتحقيق خاتمة ونهاية  للمعركة توجت بإتفاق مشرف ومتزامن مع النصر الميدانى، ارغم العدو صاغرا رغم أنفه للقبول بشرط الجهاد الاسلامى  والتوقيع عليه، إلى جانب الأداء الإعلامى المميز فى كل جوانبه  الذى ساند المقاومة وعلى رأسها سرايا القدس فى كل مراحل المعركة ،

هذا الجهد العظيم والمتكامل شكل علامة فارقة ودافعة نحو تثبيت منهج حركة الجهاد الإسلامى  وجناحها العسكرى سرايا القدس فى المعركة وكل المعارك.

اخبار ذات صلة