قائمة الموقع

بالصور دعوات لاعتماد استراتيجيات وطنية تساعد على التحقق من دقة الأخبار في عصر الإعلام الرقمي

2023-05-22T13:45:00+03:00
ندوة التزييف (6).jpeg
شمس نيوز - غزة

دعا أكاديميون ومختصون في مجال تدقيق الحقائق في الإعلام، لضرورة وضع استراتيجيات وطنية تساعد المواطنين على التحقق من دقة الأخبار، والمعلومات التي تنشر خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في ظل ظهور العديد من الأخبار الزائفة والمظللة والتي تنتشر بين الفينة والأخرى.

جاء ذلك خلال محاضرة علمية دولية عقدتها لجنة الدراسات العليا لبرنامج الإعلام وعلوم الاتصال ضمن انشطة مساق الاعلام الرقمي ، بحضور نخبة من الإعلاميين الفلسطينيين والعرب، حاضر فيها أ. د. ماجد سالم تربان، رئيس اللجنة، وأ. بكر عبد الحق، المختص في مجال تدقيق الحقائق، بالإضافة لمجموعة من الأكاديميين والإعلاميين.

وحملت المحاضرة، عنوان "الأخبار المضللة والتحقيق، آلياته وفعالية مراصد التحقق، واستخدام الذكاء الاصطناعي في التحقق".

مواجهة تدفق المعلومات

وفي مداخلته، استعرض أ. د. ماجد تربان بحثًا علميًا كان قد أعده بعنوان "التربية الإعلامية ودورها في مواجهة خطاب الكراهية والتضليل الممنهج عبر بيئة الاعلام الرقمي".

وذكر تربان أهمية التربية الإعلامية، خاصة في ظل ما تعرضه وسائل الإعلام الرقمي، من تدفق غير مسبوق حاملة معها العديد من الأفكار والمعلومات والاتجاهات والقيم والرسائل، التي تعبر عن رؤية أو ثقافة أو نهج، معديها أو ناشريها أو ناقليها، وأيضا بأهداف ممنهجة تقوم في معظمها على بث خطاب الكراهية وتعزيز البغض في المجتمعات الغربية والعربية على حد سواء، فالقائمين عليها يرسموا لها طريق الوصول إلى المتلقي سواء كان مشاهداً، أم مستمعاً، أم قارئاً.

وأشار إلى أنواع وأشكال التضليل الإعلامي، خاصة تلك القائمة على استثمارات الدول لإلهاء جماهيرها من خلال الرسائل الإعلامية المقدمة، بالإضافة إلى الكتب والصحافة الصفراء، ووقوع وسائل الإعلام في أيدي غير مدربة على استلام المعرفة ولا على تناقلها، وأن زيادة أعداد منتجي المعرفة فتح الطريق أمام أنصاف المتعلمين ليدعوا أنهم يعلمون الناس.

وبيَّن تربان أن أساليب التظليل تتمثل في اختلاق جملة أخبار مزيفة وتُدس لتنقل للناس روايات مكذوبة عن أشياء لم تحدث، وتغرس في أذهانهم صوراً مغلوطة، بالإضافة إلى الاجتزاء، من خلال نشر أنصاف بل وأرباع الحقائق، والتشكيك الذي يعتمد على خلط المعلومة بالرأي والخبر بالتحليل ليقدم من خلاله أصحاب الهوى الأرقام والأحداث على أنها الحقائق وليست مجرد صوراً عنها.

وشدد على ضرورة تعزيز مهارات التربية الإعلامية من خلال مهارات التفكير الناقد، وهي مهارة أساسية في التربية الإعلامية وتمكن الفرد من نقد الرسالة الإعلامية والمحتوى المقدم، ومهارات التفكير الإبداعي المرتبطة بشكل وثيق بمخرجات التربية الإعلامية، وإنتاج المضامين الإعلامية، بالإضافة لمهارة اتخاذ القرار، كقرار الاختيار، المتابعة، الحذف، المشاركة، ومهارة حل المشكلات وتلزم لحل المشكلات التي قد يتسبب فيها سوء التعامل مع وسائل الإعلام.

وفي ختام محاضرته قدم تربان رؤية مقترحة للحد من التظليل الإعلامي

التضليل الإعلامي أمر قديم ولكن!

من ناحيته أشار المختص في مجال تدقيق الحقائق في الإعلام بكر عبد الحق، إلى أن التضليل بدأ منذ زمن بعيد، وأصبح جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الدعاية، خاصة في السياسة، مبينًا أنها أخذ اهتمام الباحثين منذ أوكتافيان وانطونيو وصراعهما على الحكم في روما.

وقال عبد الحق: "البيئة الرقمية جعلت من التلاعب في المحتوى وتصنيعه أمر بسيط"، مبينًا أن تكنولوجيا الاتصال أصبحت تتيح العديد من أنواع التظليل من خلال استخدام أسماء وهمية، أو أسماء غير حقيقية، وأصبحت منصات التواصل ملعب كبير للمعلومات.

ولفت إلى أن المصلحات تطورت منذ وباء المعلومات، القائم على الزخم الهائل بالمعلومات المجمعة بشكل غير دقيق، ما يصعب الحصول على المعلومة بشكل دقيق، مرورًا بمصطلح المعلومات الخاطئة، والتي تكون غير صحيحة، ويتم تداولها عن طريق الخطأ ودون قصد او فهم.

وأضاف عبد الحق "من ضمن المصطلحات المعلومات المظللة، من خلال معلومات غير صحيحة، تنشر بشكل متعمد لدعم سياسة أو أجندة معينة، ومصطلح الأخبار الكاذبة، وهو مصطلح أطلقه ترامب على الأخبار المقدمة عبر وسائل الإعلام".

وتابع "تؤثر مصطلحات الأخبار الزائفة على عدة عوامل، أهمها طمس بعض المعلومات والتشويه والتلاعب في الأخبار المقدمة"، ذاكرًا بعض الأمثلة على المعلومات المظللة ومنها أن المعلومات المظللة تسببت باعتداءات على اللاجئين السوريين، ورفعت نسبة خطاب الكراهية ضدهم.

وأكمل عبد الحق أمثلته "يؤثر التظليل الإعلامي على الحق في السمعة، من خلال اتهام بعض الأشخاص ببعض التهم غير الواقعية، كما أنه يصل إلى التنمر بهدف الحصول على الشهرة او بعض الإعجابات، وزيادة المتابعين، وكذلك التأثير على صحة الانسان".

وأوضح أن التظليل يؤثر على صحة الانسان من خلال المعلومات المظللة والخاطئة عن فعالية بعض الأدوية، أو غيرها من المعدات الطبية الأمر الذي انعكس بالسلب على صحة الانسان، كما أن التظليل يكون من خلال تقديم معلومات مظللة حول بعض القضايا أو الاتفاقات الدولية، ويعزز الصور النمطية تجاه بعض الفئات المجتمعية خاصة المرأة.

وأشار عبد الحق، إلى أن التظليل الإعلامي والمعلومات الخاطئة المقدمة عبر الإعلام تؤثر على الديمقراطية، من خلال التهويل والاستقطاب والتحزب المتشدد، وتحويل الشعبية لشرعية، والتلاعب بالرأي العام من خلال الشعبويين او المتطرفين، وتشجيع الاستيلاء على البيانات الشخصية والرسائل الموجهة، وتقديم بعض الإعلانات الخفية، والتشويش على الحوار العام.

وأردف حديثه "تعمل وسائل التواصل الاجتماعي على استخدام المعلومات الخاطئة لكسب أصوات الناخبين من خلال التشويه، وبث الأوهام، وسلب المعلومات والأصوات".

الانتخابات مسرح التظليل الإعلامي

وشدد عبد الحق على أن أهمية التحقق من المعلومات أثناء الانتخابات، سيعمل على التحقق من دقة المعلومات وبالتالي سيكون لها أثرًا كبيرًا، في تحديد توجهات الناخبين، ويبعدهم عن الوصول إلى معلومات زائفة.

وعن آليات التحقق من الانتخابات قال: "من خلال التواصل الدائم مع المصادر، من خلال بنك معلوماتها المتمثل بالدراسات والأبحاث والأرشيف الوطني، واستخدام محركات البحث التي توفر المواد الأولية، معايير التحقق تتم من خلال استقلاليته، وحيادية التحقق، وتسهيل عمليته، والعمل الدائم على تقييمها".

في ذات السياق ذكر أنه أصبح من السهل التلاعب في الأخبار، تمامًا كما يجري بشأن التلاعب بالوجوه، والملامح والهوية والمشاعر والتعابير المختلفة.

وتطرق عبد الحق إلى الفرق بين التدقيق قبل النشر والتحقق بعد النشر، مبينًا أن التدقيق يكون قبل النشر من خلال الحصول على الأرقام والتسجيلات والتوقف على مدى صحتها، أما التحقق بعد النشر يتم من خلال التركيز على المادة المنشورة فقط.

وأضاف "التدقيق قبل النشر له منهجيات معقدة، إلا أن التحقق بعد النشر منهجياته سهلة الحصول والاعتماد عليها".

وعن آليات عمل منصة تحقق التي يشرف عبد الحق عليها، ذكر أنها قائمة على منهجية أصيلة، للتحقق من مدى دقة الأخبار والمعلومات التي تصلهم.

وقال: "أول تلك المنهجية، الرصد، من خلال رصد دقة المعلومات والبيانات المتوفرة، والربط الخاطئ، من خلال الكشف عن حقيقة قصة حقيقية، ولكن فيها بعض الأخطاء في المعلومات المقدمة".

وأضاف من ضمن المنهجيات "السياق الخاطئ، من خلال المعلومات الحقيقية واستخدامها وتوظيفها في سياق خاطئ، والمحتوى الملفق، والذي يتم مواجهته من خلال توجيه الأخبار ونسبها لبعض الأشخاص ونسب تصريحات لهم".

وأكمل "المحتوى المظلل والذي يعتمد على صورة صحيحة ولكن نسبها لمعلومات في غير سياقها، بالإضافة للخبر الصحيح نسبيًا من خلال الحصول على المعلومات الصحيحة ولكن بحاجة إلى تصحيح وإكمال".

وذكر عبد الحق، عدة قواعد مهمة قبل البدء بالتحقق أهمها، حاسة الشك، التوازن بين الصواب والخطأ، إطلاع الآخرين على خطوات التحقق، وجود منهجية وسياسة تحريرية.

وعن طرق الشعور بالتظليل ذكر منها "المبالغة، الاجتزاء، الانحياز وخطاب الكراهية، وتعليقات المستخدمين".

خطوات مهمة للتحقق

ووضع عدة خطوات مهم للتحقق من دقة الأخبار، مبينًا أن أهم هذه الخطوات، هي البحث من خلال محركات البحث المتوفرة والمختلفة، خاصة (جوجل) الذي يعد أكبر قاعدة بيانات، وعندها قدرة على الفهرسة، ومعالجة الأخطاء الاملائية والبحث الصوتي وسهل الاستخدام والبساطة.

ولفت إلى أن محرك (جوجل)، ورغم أهميته ودقته في الحصول على المعلومات، إلا أنه يعد محرك غير آمن، وربما يربط الجهاز أو الحاسب الذي يتم خلاله البحث باستمرار عن بعض الكلمات، إشعار الجهات المختصة لمتابعة الأمر، سواء كانت حكومات أو مؤسسات.

ومن خطوات التحقق، التحقق من المستخدمين، من خلال الإجابة على الأسئلة الصحفية الخمسة، والتي من خلالها يتم تقييم المصدر وتقييم الخبر الأساسي، أو التواصل مع المصدر ذاته للتأكد من مدى دقة وصحة الأخبار المنشورة أو المنسوبة له.

وزاد بالقول "من الخطوات البحث عن شفافية الصفحة، الأمر الذي يساعد على التعرف على كل البيانات الأساسية للصفحة، ومعرفة إذا ما كان جمهرها حقيقي أم لا، وما الهدف من انشائها، بالإضافة من التأكد من ان الحساب غير وهمي، كون الحساب الوهمي، بمجرد نشر المعلومات المرادة ينتهي بشكل سريع".

وفي الختام وضع عبد الحق عدة خطوات لمواجهة التظليل، قائمة تلك الخطوات على "التفكير نقدي، من خلال التفكير قبل النشر، والتحقق من المعلومات بالوسائل المتوفرة، وتبليغ منصات التواصل الاجتماعي، والتحقق من المعلومات بالشكل المناسب".

أهمية التوعية الإعلامية

بدورها لفتت أ. د. آمال المتولي أستاذة الإعلام بجامعة المنصورة بمصر إلى أن التوعية الإعلامية للحماية من التظليل في ظل الانفتاح الرقمي بحاجة لتفكير ناقد، من خلال العمل على نشر الوي لدى المتلقي نفسي.

ودعت المتولي لأن يكون دور الإعلام ومعرفة أهميته منذ بداية المرحلة التعليمية الأولى، وفق منهجية قائمة على حث الطلبة، وذويهم وكل من هم حولهم للاهتمام بتدقيق المعلومات التي ترد إليهم، والتعرف على أساسيات التحقق الإخباري.

وأضافت "لا بد للتربية الإعلامية أن تكون قائمة على توعية شاملة لكل المواطنين، وأن يتم تطبيقها على الأرض بشكل سليم، وفهم المقصود من وسائل التواصل والإعلام".

اخبار ذات صلة