أكد الخبير العسكري اللبناني المتقاعد طلال عتيرسي، أن معركة "بأس جنين" وما شهدته من مفاجآت سطرتها المقاومة في المخيم، زادت من تآكل حالة الردع لدى جيش الاحتلال.
وقال عتيرسي لـ"شمس نيوز": "الهدف من شن العملية العسكرية ضد جنين هو استعادة قدرة الردع التي كثر الحديث في الداخل الاسرائيلي عن تراجعها وإنما أصبحت مفقودة، خصوصًا أن المواجهات الأخيرة مع حركة الجهاد أو في سيف القدس لم تكن في صالح جيش الاحتلال".
وأشار إلى السبب هذا دفع الجيش الإسرائيلي، لحشد أكبر عدد من الجنود والآليات لتحقيق الأهداف، ولتبقى العملية نظيفة من وجهة نظره، ليس فيها خسائر على أن تنكسر شوكة جنين والمقاومة فيها.
وأضاف "تعامل المقاتلين داخل جنين مفاجئ للعدو الإسرائيلي، كون القتال لم يكن مجرد شباب متحمس، أو فردي أو يطلق الرصاص من هنا أو هناك، وإنما كان العمل منظمًا وهناك ترتيبات تعكس حركة مقاومة لها امتداد شعبي وتنظيم، وتخطط وخلفها عمليات تدريب مهمة ودقيقة".
وتابع "العبوات التي انفجرت بآليات الاحتلال، تؤكد هذا الأمر، وهو ما يعني أن المقاتلين في جنين على الرغم من فارق العدة والعدد بينهم وبين الجيش الإسرائيلي المهاجم، إلا أنهم لديهم القدرة على إيقاع الخسائر بالعدو".
وشدد عتيرسي على أن القدرة على الصمود، وإيقاع الخسائر في صفوف العدو تعني أننا أمام وضع غير عادي في جنين، وأننا أمام مقاومة لديها القدرات أن تتطور في المستقبل البسيط
وذكر أن الإسرائيلي استخلص الدرس من المواجهة وفضل أن ينسحب بعد يومين، لا أن تطول العملية أكثر حتى لا يتعرض لخسائر كبيرة تنعكس على القيادة السياسية بالداخل الإسرائيلي.
محاولات فاشلة
ولم يستغرب الخبير العسكري اللبناني من محاولات ترويج الجيش الإسرائيلي أنه حقق إنجازات قائلًا: "الاحتلال يجب أن يروج لإنجاز ما تحقق، لكن الأسئلة بدات تُطرح في الداخل الإسرائيلي، ماذا حققنا من اقتحام جنين سوى التدمير والقصف والحرائق، المقاومة لم تصب بشكل حقيقي، لم يتم القضاء عليها".
وأضاف عتيرسي "الاسرائيلي يريد أن يروج لهذا الإنجاز لتبرير هذه العملية، واستعادة قوة الردع، وتجاوز أزماته السياسية الداخلية، التي تعود اليوم لتتجدد".
واستدرك "الحقيقة أنه طالما بقيت المقاومة في جنين، وكشفت عن قدرات نوعية، وعن استعداد عالي للتضحية يعني أن (إسرائيل) لم تحقق أي إنجاز، لذلك يمكننا الحديث أن المعركة أضافت إلى مخزون المقاومة تراكمًا جديدًا وإضافيًا، وخبرات جديدة ستستخدم في المستقبل".
وشدد على أن ما جرى يعزز معنويات المقاتلين، ويزيد من قدراتهم العسكرية، وخبراتهم وكل معركة تعتبر رصيد إضافي من قدرات المقاومة.
وأردف عتيرسي "التجارب تؤكد هذا الأمر، منذ سنوات المقاومة تجاربها تتركم مع كل معركة، والمعنويات ترتفع، ودليل ذلك انخراط عدد متنوع من الشباب في المقاومة سواء في جنين أو مدن الضفة المحتلة، وحتى قطاع غزة".
لصالح محور المقاومة
عتيرسي يرى أن نتائج معركة "بأس جنين" تصب في مصلحة محور المقاومة، مبررًا ذلك في أن أي ضربة لأي فصيل من المقاومة لا تقضي عليه، تجعله أقوى.
وقال: "أي معركة ستفرض على محور المقاومة المزيد من التنسيق ودراسة الواقع، والتأكيد على استراتيجية وحدة الساحات، والبحث في تطويرها، والتقديرات المناسبة في التعامل معها".
وأضاف "الأهم أن الشعب الفلسطيني في جنين من خلال ما لاحظناه من ردود الفعل أنه يقف إلى جانب المقاومة، هذا هو الرصيد الأساس".
تآكل الردع داخليًا وخارجيًا
وعما شهده جنوب لبنان خلال الأيام الأخيرة من تطورات، ذكر عتيرسي أن ما يجري يؤكد على أن (إسرائيل) لم تتمكن من استعادة قوة الردع.
وقال "هناك خيمتان للمقاومة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، اسرائيل هددت أنها ستقصف وتزيل هذه الخيام بالقوة، لكنها لم تفعل شيء، اضطرت للتراجع واللجوء للوساطات الغربية، ثم تركت الأمر للأمم المتحدة".
ويشير عتيرسي إلى أن (اسرائيل) لا تريد مواجهة حزب الله في جنوب لبنان، خوفا من رد حزب الله في حال قامت بجرفها أو قصفها، ما يعني أن قدرة الردع واحدة لا يمكن الفصل بينها في الداخل أو الخارج.
وأكمل عتيرسي "إسرائيل لديها مشكلة في هذا المجال، تحاول التعويض بطريقة أو بأخرى، لكن جوهر الردع لم يعد كما كان في السابق".