في مثل هذا اليوم من العام 2014م، وقعت غزة للمرة الثالثة في أقل من ثمانِ سنوات ضحية للإجرام الصهيوني الذي طال كل مَعلم من معالم الحياة على هذه البقعة الفلسطينية الصغيرة، إلا أن المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها سرايا القدس استطاعت بكل بسالة وشجاعة منقطعة النظير أن تجعل هذا العدو الذي يمتلك أكبر ترسانة عسكرية في المنطقة يعيش مستنقع الهزيمة والشعور بالصدمة والانكسار أمام بسالة الفلسطيني المتجذر في ارضه ومتمسك بحقه في تقرير مصيره ونيل حقوقه.
المقاومة تؤلم العدو
وسطرت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بكافة تشكيلاتها العسكرية خلال معركة "البنيان المرصوص" إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية أروع صور الملاحم والبطولات.
وتميزت المقاومة الفلسطينية في أدائها وقدرتها على إيلام العدو عبر تنفيذ العديد من العمليات النوعية، وقد حققت المقاومة الفلسطينية في مقدمتها سرايا القدس، انجازات عسكرية تاريخية باستهدافها مدنا صهيونية تقع في عمق الكيان كـ(تل أبيب)، كما استهدفت القدس المحتلة ونتانيا ومفاعل ديمونا ومفاعل ناحال تسوراك ومطار بن غوريون وغيرها لأول مرة، واستطاعت المقاومة أيضاً أن تهدد سلاح الجو الصهيوني، وسلاح البحرية بشكل محدود، إلى جانب تمكن المقاومة للمرة الأولى من ممارسة الحرب النفسية على جيش الاحتلال ومستوطنيه بصورة ذكية فاجأت العدو والعالم واستطاعت اختراق هواتف الجنود الصهاينة وبث رسائل تهديد لهم في حال فكروا الدخول برياً لقطاع غزة.
وأدارت المقاومة الفلسطينية المواجهة مع الاحتلال بثبات واستطاعت أن تتحكم بسير المعركة بطريقة أربكت العدو، وشكلت عنصر المفاجأة عاملاً أساسياً في ضرب معنويات الجبهة الداخلية للعدو.
حصاد المعركة
سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، في ذلك الوقت أعلنت عن دك حصون المحتل خلال "معركة البنيان المرصوص" الجهادية بـ3249 صاروخ وقذيفة، من بينها صواريخ براق 100 وبراق 70 وفجر 5 وجراد وقدس وقذائف هاون وصواريخ 107 وC8k وكورنيت ومالوتكا.
أما على مستوى التصدي للعملية البرية التي شهدتها الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، فتمكنت سرايا القدس من استهداف العديد من الآليات العسكرية والقوات الخاصة بصاروخي كورنيت ، و4 صواريخ من طراز مالوتكا وعشرات العبوات الناسفة، وقذائف الـ RPG وتنفيذ عدة عمليات قنص واشتباكات وكمائن.
وزفت سرايا القدس إلى علياء المجد والخلود 135 من خيرة مجاهديها وقادتها الميامين الذين ارتقوا في عمليات استهداف صهيونية منفصلة في قطاع غزة، وأبرزهم الشهيد القائد صلاح أبو حسنين عضو المجلس العسكري ومسئول الإعلام الحربي في قطاع غزة، والشهيد القائد دنيان منصور عضو المجلس العسكري وقائد سرايا القدس بلواء الشمال.
انتصار للإرادة
وأمام هذا المشهد الدامي والمُظلم، كان صمود شعبنا الفلسطيني يسجل أروع صور الثبات والدعم للمقاومة الفلسطينية التي استمدت من صمود شعبنا القوى والعزيمة والإصرار على مواصلة المعركة بكل قوى وثبات، فقامت المقاومة بإطلاق القذائف الصاروخية بكل أنواعها المتوفرة نحو المواقع العسكرية واماكن تجمع الجنود والمستوطنات الصهيونية وصولاً لعمق الكيان ليوقعوا في صفوفهم القتل والرعب، فقتل نحو 140 ضابطًا وجنديًا صهيونيًا، وفق إحصائية للمقاومة الفلسطينية، فيما اعترف الاحتلال بمقتل 71 منهم. وأما الجرحى، فقد اعترف الاحتلال بـ 1620 جريحًا صهيونيًا، 322 خرجوا من الحرب بإعاقة، وهروب 292 جندي صهيوني من الخدمة العسكرية خلال معركة البنيان المرصوص، فيما أصيب 3000 جندي مصاب بصدمات نفسية جراء المعركة.
وبلغت تكلفة الحرب على جيش الاحتلال ما بين 3 و4 مليارات دولار منها 2.5 مليار خسائر في الذخائر والمعدات، أما خسائر المستوطنين المباشرة فقد بلغت أكثر من 450 مليون دولار، وقدم 18 ألف طلب تعويض للمستوطنين إلى حكومتهم، بينما بلغت خسائر قطاع السياحة في الكيان الصهيوني 650 مليون دولار، وقدرت الخسائر الاقتصادية المباشرة بحوالي مليار دولار.
السرايا بعد المعركة
نستذكر عدة جولات ومعارك خاضتها المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها سرايا القدس بعد معركة البنيان المرصوص، كعملية الوفاء للشهداء مروراً بعملية ثأر تشرين ومروراً بمعركة حمم البدر ومروراً بمعركة صيحة الفجر ومروراً بمعركة بأس الصادقين ومروراً بمعركة وحدة الساحات ومروراً بمعركة سيف القدس وصولاً إلى معركة ثأر الأحرار التي أبدعت فيها سرايا القدس من خلال قدراتها الصاروخية واستهدافها العمق الصهيوني ومغتصبات غلاف غزة بمئات الرشقات الصاروخية وقذائف الهاون، وانتهاءً بمعركة بأس جنين من خلال صد العدوان الصهيوني على جنين و مخيمها وتكبيد العدو خسائر فادحة وأضرار كيرة في آلياته العسكرية.
أسست لمعارك وانتصارات
كما عودتنا سرايا القدس في كل جولة أو معركة تخوضها بمفاجآت وتطور في قدراتها العسكرية ومنذ اللحظة الأولى من انتهاء معركة البنيان المرصوص باشرت سرايا القدس باستخلاص الدروس والعبر من المعركة، وبدأت في مراكمة القوة وتطوير الأداء القتالي للوحدات القتالية على كافة المستويات استعدادًا للتصدي لأي عدوان يرتكبه الاحتلال ضد شعبنا، وهو ما ظهر جليًا في معركة حمم البدر وثأر تشرين وجحيم عسقلان والوفاء للشهداء وصيحة الفجر و"سيف القدس" ووحدة الساحات وثأر الأحرار.
وكان للسرايا السبق واليد العليا في هذه المعركة من البداية حتى النهاية، حيث افتتحت سرايا القدس المعركة باستهداف جيب قيادة للعدو بصاروخ كورنيت شرق بيت حانون شمال غزة، وقصف المدن والبلدات المحتلة بمئات الرشقات الصاروخية رداً على استمرار العدوان الصهيوني على المسجد الأقصى وأهلنا في حي الشيخ جراح.
ويؤكد خبراء ومحللون عسكريون أن معركة البنيان المرصوص عام 2014م أسست لانتصار المقاومة في معركة سيف القدس التي أثبتت فيها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها سرايا القدس أنها قادرة على تهديد عاصمة الكيان الصهيوني "تل أبيب" وقصفها بالرشقات الصاروخية لأشهر طويلة، حيث ظهر أداء المقاومة النوعي، وتمكنها من صد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وإلحاق هزيمة مدوية بجيش الاحتلال في معركة "سيف القدس".