صبيحة يوم الإثنين الثالث من تموز يوليو 2023، أعلنت حكومة نتنياهو_بن غفير المتطرفة بدء عمليتها العسكرية على مخيم جنين، والذي تنظر إليه حكومة نتنياهو على أنه مركز الصداع الدائم الذي يهدد أمكن الكيان وبقائه على أرض فلسطين المحتلة، وقد زاد هذا الصداع إلى درجة لا تُحتمل بعد أن رأي نتنياهو وحكومته مدرعات الفهد وجيباته المصفحة تنقلبُ رأساً على عقب أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية بعبوات "التّامر"الناسفة التي أعلنت عنها كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس في عملية أطلقت عليها بأسُ الأحرار.
حكومة نتنياهو أطلقت على هذه العملية العسكرية الموسعة اسم "البيت والحديقة"، وحددت أهدافها المُعلنة وأبرزها إنهاء وجود الفصائل المسلحة في جنين وعودة عمل قوات الإحتلال بسهولة داخل المخيم كما صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، فيما أعلنت كتيبة جنين وفصائل المقاومة اسم"بأسُ جنين" لصد هذا العدوان العسكري الكبير على المخيم.
وإنّ المتابع لما حدث خلال هذه العملية العسكرية الموسعة ليصلُ إلى نتيجةٍ بأن ما حدث خلال هذه المعركة كان معجزةً بكل ما تعنيه الكلمة من معني، فالحسابات المادية توحي بأنه لا مقارنة بين القوة الصهيونية المقتحمة للمخيم وبين ما يمتلكه هؤلاء المقاتلين من عدد وإمكانيات وعتاد.
بالورقة والقلم، دفع الجيشُ الإسرائيلي بما يزيد عن 1000من قادته وجنوده إلى المخيم، من كافة الوحدات القتالية ( الشاباك_القيادة الوسطى للجيش الاسرائيلي_ فرقة يهودا والسامرة_شرطة حدود إسرائيل_اللواء ٨٩ عوز_لواء جولاني_ لواء كفير_ لواء ناحال_الوحدة ٥٢٥٢_سلاح الهندسة القتالي الإسرائيلي_القوات الجوية)، هذه القوات مجهزة بأقصى التجهيزات والمعدات العسكرية والقتالية الحديثة والدقيقة، بالإضافة إلى أنها مدربة على أعلى المستويات، فيما خاضت هذه القوات عشرات المناورات العسكرية في مختلف الجبهات، وقد جاءت هذه القوات على ظهر عشرات العربات المدرعة والجيبات المصفحة، ترافقها عشرات الطائرات المسيرة والحربية والإنتحارية والتي كشفت عن بعضٍ منها صحيفة يدعوت احرنوت العبرية التي قالت:"إن الجيش استخدم لأول مرة طائرة "ماعوز"الانتحارية لاستهداف الخلايا المسلحة داخل مخيم جنين"، فيما تقدّم هذه القوات الكبيرة عشرات من الجرافات العسكرية الإسرائيلية كاتربيلرD9 والتي مهدت الطريق لهذه القوات تحسباً لوجود العبوات الناسفة، وقد أدار هذه العملية غرفةُ عمليات كبيرة ضمت(رئيس الوزراء نتنياهو_وزير الدفاع يوآف غالانت_رئيس الأركان هرتسي هليفي_ رئيس الشاباك رونين بار_ قادة وكبار في الجيش الاسرائيلي والشاباك)، فيما تلقت هذه القوات الكبيرة الضوء الأخضر من أقوى الأنظمة والقوى في العالم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
في المقابل كان عدد المقاتلين في المخيم لا يتجاوز ال300مقاتل، الذين لا يزيد متوسط أعمارهم عن ٢٥ عاماً، لا يمتلكون من العتاد إلا الأسلحة الرشاشة البسيطة" إم16"، وعدد من العبوات الناسفة المحلية الصنع، فيما لا يملك هؤلاء المقاتلين الخبرة القتالية الكبيرة، ولم يتلقوا التدريبات العسكرية في معسكرات التدريب، ولم يخوضوا أي مناورات عسكرية، ويتحصنون داخل بيوت وأزقة ومساجد المخيم الصغير، ويتلقى هؤلاء المقاتلين الدعم والتأييد والمساندة من الحاضنة الشعبيةً وقوى ومحور المقاومة.
لقد كانت نتائج هذه المعركة والتي استمرت يومين كاملين مخالفة لكافة التوقعات والحسابات، فهؤلاء المقاتلين استطاعوا الصمود في وجه هذه القوات المحتشدة، وقد تعجّب العالمُ من صنيعهم، ومن حسن إدارتهم لهذه المعركة الغير متكافئة على الورق، لقد كانت هذه المعركة معجزة حقيقيةً، فليس هناك تفسيرٌ لما حدث إلا أنّ المعيّة الإلهية كانت حاضرة تحرس هؤلاء المقاتلين وتحفهم وتحميهم وترعاهم، لقد التجأ المقاتلون إلى كنف الله وبيته "مسجد الأنصار"، فكان انطلاقة رصاصهم وملاذهم الآمنُ الذي احتموا به في بداية هذه المعركة، ولقد كان المُلهمُ العسكري سلمان الفارس حاضراً في هذه المعركة من خلال الإشارة بحفر الأنفاق للتنقل من مكانٍ إلى آخر حيث لم يتوقع الإحتلال وأكثر المتابعين أن يكون لدى هؤلاء المقاتلين الشباب المقدرة على حفر مثل هذه الأنفاق، ولقد اعترف الجيش الإسرائيلي قائلا:"العملية داخل جنين كانت معقدة وفي منطقة وصفها ب(الصعبة).
ما إن شعرت حكومة نتنياهو بالخطر المحدق بجنودها داخل المخيم، وعلى مستوطنيها داخل المدن المحتلة الذين سقطوا بين قتيل وجريح في تل أبيب على أيدي الشهيد البطل المقاوم عبد الوهاب خلايلة، حتى اعلن انسحاب جنوده القتلة من المخيم، فلاحقتهم هذه الثلة المقاتلة المؤمنة واستقر رصاصهم في صدر قوات الكوماندوز "الإيغوز"الذين سقطوا قتلى وجرحى، ململمين خيباتهم وهزيمتهم مجدداً على أبواب هذا المخيم والذي أصبح ملهماً لكل الأحرار والثوار، ومعجزةً تخلد معاركه في سجلات المجد والتاريخ.