إنهم الشهداء، فوارس فلسطين، يولدون في أجمل الأزمنة والأمكنة، يعطرون البلاد بروحهم وريحانهم، ويسيرون في صفوف الجهاد، قافلة من العاشقين لا تنتهي، ويرتقون شهداء على طريق القدس.
كانت بلدة كفر راعي قضاء جنين على موعد مع فارسها محمد عمر ذياب بتاريخ 14 يناير عام 1984م، لعائلة مجاهدة ربته على حب الجهاد والمقاومة، وقد تلقى تعليمه في مدارس البلدة إلى أن أنهى المرحلة الثانوية، وانتقل للدراسة في جامعة القدس المفتوحة إلا أن ظروف المطاردة حالت دون إكمال تعليمه.
انتمى فارسنا لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إبان انتفاضة الأقصى عام 2000م، وأصبح من أبرز نشطائها، وتعرض للاعتقال في 9 نيسان 2004م، وسجن لمدة 3 سنوات.
وبعد انتهاء محكوميته خرج أكثر إصراراً على مواصلة درب الجهاد والمقاومة، وأصبح مطارداً لقوات الاحتلال، حيث تعرضت عائلته للمداهمات والضغوط والتهديدات، ورغم ذلك واصل فارسنا مسيرة الجهاد والتضحية، وقاد مجموعات سرايا القدس في عملياتها الجريئة ضد الاحتلال، وكانت تربطه علاقة وثيقة بالشهداء القادة زياد ملايشة ومحمود نزال.
عقب نشاطه العسكري البارز وقيادته لمجموعات سرايا القدس وعملياتها ضد الاحتلال واستمرار الملاحقة، وعجز الاحتلال عن اعتقاله والوصول إليه، داهمت قوات الاحتلال منزل ذويه لأكثر من مرة حيث عاثت فيه فسادًا وخرابًا وواصلت تهديها لعائلته بهدم المنزل في حال عدم تسليم نفسه.
رفض فارسنا الخضوع للابتزاز وتسليم نفسه وسلاحه، فكان يتحدث دائمًا عن دور سرايا القدس ومجاهديها في الدفاع عن شعبنا أمام الهجمة الصهيونية الشرسة، وكانت أمنيته كما ردد دائمًا الظفر بإحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة.
شهيدًا على طريق القدس
بتاريخ 12 يوليو / تموز عام 2007م كان فارسنا على موعد مع الشهادة والاصطفاء، حيث قام باقتحام حاجز عناب بمحافظة طولكرم والاشتباك مع الجنود حتى نفذت ذخيرته وارتقى شهيدًا مقبلاً غير مدبر ليلتحق برفاق دربه الشهداء.
الوالدة تفخر بنجلها
في بيتها الذي ملأت جدرانه وزينتها صور نجلها الشهيد، عبرت والدة الشهيد محمد ذياب عن فخرها واعتزازها بفعل نجلها رافضة استقبال المعزين، بل طلبت من الجميع التهنئة بارتقاء نجلها، قائلة: "لقد وعدني بشهادة أفخر بها طول حياتي".
وعن اللقاء الأخير قبيل الاستشهاد واصلت حديثها: "قبل تنفيذ عمليته بأيام وبعد الحرمان من رؤيته لأشهر بسبب مطاردة الاحتلال، جاء إلى المنزل متنكرًا، وعانقته لأكثر من ربع ساعة، واطمئن علينا وعلى إخوته ومن ثم غادر المنزل إلى أن جاء خبر ارتقاءه بعد أيام".
