لم تتوقع عبير الدريملي (17 عامًا) أن تستفيقَ مطلقًا على أجمل خبر في حياتها.. زغاريد وأغانٍ تصدح في البيت، ووالدتها تصرخ من شدة الفرح "اصحي يا عبير.. اصحي يا عبير.. اليوم يومك، أنتِ الأولى مبروك يا بنتي .. رفعتِ راسِي".
بيديها المرتجفتين تفرك عبير عينيها غير مصدقة ما يجري حولها، وما هي إلا ثوانٍ قليلة على الموقف حتى خرجت بعض الكلمات المبعثرة من لسانها تقول: "هو اليوم كان إعلان النتائج؟"، فورًا بادلتها والدتها بحضن دافئ وقبلة على جبينها علَّها تدفع تلك الفتاة الصغيرة للاستيقاظ من نومها وتعيش فرحة التفوق.
عبير الدريملي هي طالبة بالمعهد الأزهري في غزة وحصلت على المرتبة الأولى للفرع العلمي بالثانوية العامة بمعدل متفوق (96.92%)، تقول والدتها: "يا بنتي أنتِ الأولى على الفرع العلمي اصحي وغني وافرحي، ربنا يكتب لكِ التفوق والنجاح في حياتك القادمة".
فورًا قفزت عبير من فراشها؛ لتعم الفرحة في أرجاء المنزل، تقول عبير: "تلقيت خبر التفوق دون سابق إنذار، وفي بداية الأمر شعرت بالخوف والرعب، لكن الحمد لله حصلت على معدل متفوق ومتميز، يسمح لي دخول الطب -إن شاء الله-".
ولم تحصل عبير على هذا المعدل المتفوق بسهولة، إذ أشارت إلى أن دراستها وتفوقها لم يكونا سهلين مطلقًا فقد جاءت الاختبارات ميسرة بعد لجوء والدتها وتضرعها إلى الله تعالى، كما أنها اعتمدت في دراستها للامتحانات والمواد العلمية على السهر والمتابعة اليومية والقراءة المعمقة لجميع المواد دون توقف منذ اليوم الأول لدخولها الثانوية العامة الأزهرية.
تجاوزت عبير خلال فترة دراستها للثانوية العامة العديد من الصعوبات التي واجهتها بالإرادة والعزيمة والتصميم، ومن أبرز تلك الصعوبات "انقطاع التيار الكهربائي، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة"، إذ كانت تعاني كغيرها من صديقاتها من أوضاع نفسية.
تقول عبير: "القصف والدمار وسماع أخبار الشهداء وقصص النساء الثكلى واليتامى إضافة إلى انقطاع الكهرباء كان ذلك يؤثر على دراستي بشكل كبير"، لكن الطالبة عبير استدركت حديثها بالقول: "تجاوزت كل تلك التحديات والصعوبات بفضل الله أولًا ودعاء والدتي ووالدي اللذين وفرا لي كل سبل الراحة والدعم النفسي وسانداني حتى حصلت على التفوق والنجاح".
ووجهت عبير رسالة إلى طلبة الثانوية في العام المقبل: "أنصحكم بالمداومة على الدعاء والتوكل على الله، ثم الدراسة بشكل جدي، وضرورة تحري وقت الفجر للدراسة في وقت صلاة الفجر؛ فهي من أكثر الأوقات المفيدة جدًا للقراءة والحفظ والفهم".
وتحمل الطالبة عبير أمنياتها عبر شمس نيوز بأن تتمكن من دراسة الطب في إحدى الجامعات في قطاع غزة من خلال منحة المعهد الأزهري، تقول: "أتمنى الدراسة في كلية الطب؛ لأداوي المرضى والجرحى، وأكون فاعلة في المجتمع الذي يحتاج إلى الأطباء".