غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

مراد ملايشة.. انتفض لمؤازرة جنين فغيبته سجون السلطة

مراد ملايشة
شمس نيوز - خاص

يجلس مراد على أعصاب متوترة في عتمة الليل يراقب الأوضاع القادمة من الشمال، وقلبه يشتعل نارًا لما يجري هناك، لم تمضِ سوى دقائق معدودة على بدء العملية العسكرية، قصف شديد في ساحة المخيم، وأنباء عن مجزرة تقشعر لها الأبدان، مشاهد وأصوات وأخبار متداولة دفعت مؤشر موقد النار في قلب المقاوم مراد ملايشة للوصول إلى درجة الغليان غيرة على أبناء شعبه المعرضين للخطر.

ارتفاع حرارة جسد مراد وسرعة نبضات قلبه دفعته للقفز مسرعًا نحو سلاحه الرشاش والاتصال بصديقه ورفيق دربه محمد براهمة الذي شاركه الهم والحزن لما يجري في مخيم جنين، والتقت رغبة المقاومين في عدم إبقاء فوهة بنادقهم صامتة أمام جرائم المحتل، هنا قاد محمد السيارة متجهًا من طوباس صوب مدينة جنين، أملًا في تقديم العون والمساعدة لأبناء المدينة التي تُقصف بالحمم النارية.

وفي طريقهما صوب جنين وعلى وقع الأناشيد الثورية والحماسية التي كانا يشغلانها في السيارة، تفاجأ الاثنين بحاجز طيار لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية: "توقفا انزلا من السيارة" قالها جندي من أمن السلطة مصوبًا فوهة بندقيته على صدري المقاومين.

لحظات قليلة من الصدمة أصيب بها المقاومان قبل أن يستجيبا لصرخات جنود جهاز الأمن الوطني التابع للسلطة الفلسطينية، "أنا اسمي مراد ملايشة مطارد ومطلوب للاحتلال اسمحوا لنا بالذهاب إلى جنين؛ لمساندة ومؤازرة أبناء شعبنا في ظل العدوان الإسرائيلي هناك"، فورًا أجابه الجندي صاحب القلب البارد "لدينا معلومات أنكما ارتكبتما جريمة قتل انزلا فورًا".

مضت ساعة تقريبًا على ايقاف المقاومين على حاجز الأمن الوطني، تخلل تلك الدقائق تباينات في مواقف جنود السلطة، منهم من كانت رغبته بالسماح للمقاومين بالتوجه صوب جنين، أما ضابط الدورية كان مصرًا على تنفيذ تعليمات قادته في أمن السلطة: "أنتما متهمان ويجب إرسالكم إلى مركز التحقيق فورًا".

أمر ضابط الدورية جنوده باعتقال المقاومين مراد ملايشة ومحمد براهمة، ونقلهما إلى مركز التحقيق رغم قناعته بشكل تام بأن المقاومين كانا في طريقهما لمساندة ومؤازرة جنين أمام جرائم الاحتلال المستمرة.

لحظة اعتقال المقاومين كانت عقارب الساعة تُشير إلى الثالثة فجرًا، إذ اشتد القصف على مخيم جنين واستشهد عدد من المقاومين هناك، دون أن يسمح ضابط دورية الأمن الوطني للمقاومين لمحاولة مؤزرة أبناء شعبنا في المدينة المحاصرة.

أضاء ضابط الدورية "فانوس" سيارة الشرطة، وترك العنان لصوت الزامور المزعج ليدوي في محافظة طوباس وصولًا إلى مقر المخابرات: "افتحوا الطريق خذوا هؤلاء وضعوهم في المعتقل لا تخرجوهم مطلقًا".

شاع الخبر كالنار في الهشيم: "أمن السلطة يعتقل المقاومين مراد ملايشة ومحمد براهمة أثناء توجههما لمؤزرة أبناء شعبنا في جنين"، نزل الخبر كالصاعقة على مسامع أبناء شعبنا وعائلة المعتقلين، ولسان حالهم يقول: "لا للاعتقال السياسي، مش قادرين تحمونا اتركونا نحمي أنفسنا".

في الصباح الباكر توجه وفدٌ من عائلة المعتقل مراد ملايشة إلى مقر المخابرات في طوباس، وتمكن الوفد من الالتقاء بمدير الجهاز الذي أبلغهم بوجود تعليمات بالاحتفاظ بمراد ومرافقه محمد براهمة.

تمكن مراد من الالتقاء بعائلته، "كان مرهقًا جدًا، عيناه محمرتا، علامات الحزن والتعب والاجهاد ظاهرة على جسده" في تلك اللحظة التي وصفها ابن عمه أحمد ملايشة لمراسل "شمس نيوز" نقل مراد رسالته التي جاء فيها: "بالوضع الطبيعي أنا ما لازم أكون في سجون السلطة، مهما تقدم لي من مميزات واغراءات، مذكرة اعتقالي غير قانونية مطلقًا، أنا أطالب بإطلاق سراحي وتأمين خروجي من المقر فورًا".

لم يستجب مدير جهاز المخابرات في طوباس لرسالة مراد، إذ وصلت اليه تعليمات عاجلة من قيادته لنقل مراد إلى سجن أريحا – سيء الصيت والسمعة – عاد أحمد إلى الوراء قليلًا حينما أبلغه مراد بإضرابه عن الطعام لحظة اعتقاله.

أربعة أيام قضاها مراد مضربًا عن الطعام في سجون السلطة، قبل أن يفك إضراب باتفاق مع قيادة جهاز المخابرات، التي وعدته بالإفراج عنه عقب زيارة رئيس السلطة محمود عباس إلى مدينة جنين.

كانت زيارة رئيس السلطة لمخيم جنين يوم الأربعاء الموافق 12 يوليو 2023 وبعد قرار مراد بفك إضرابه عن الطعام أبلغ محامي بأن عدم إفراج السلطة عنه يوم الخميس الموافق 13 يوليو سيدفعه لخوض إضراب مفتوح عن الطعام والماء حتى الإفراج عنه.

مضت الأيام سريعة دون أن يرى مراد الشمس يقول أحمد: "لا نعرف عن مراد أي شيء حتى المحامي تم منعه من زيارة مراد يوم الأحد الماضي، ونعتقد بأن مراد خاض الإضراب عن الطعام كما هدد سابقًا".

مراد ملايشة (33 عامًا) اعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي قرابة (الـ 5 مرات) بمجموعة (22 عامًا)، يحلم كغيره من شباب فلسطين بالحرية والاستقلال ويغار بشدة على اقتحام المستوطنين؛ لباحات المسجد الأقصى المبارك وسرعان ما يشتعل قلبه نارًا وغضبًا على جرائم المحتل.

وبدأ مراد حياته الجهادية في الصف السادس عشر من عمره وأخذ على عاتقه الدفاع عن الأسرى والمسرى؛ لينعم شعبنا بالحرية والاستقلال، فقد تخرج قبل شهور عدة من جامعة القدس المفتوحة بتخصص التربية الإسلامية، وساهم في تأسيس كتيبة طوباس ليتحول إلى أحد المطلوبين والمطاردين للاحتلال الإسرائيلي.

ويأمل مراد كغيره من المقاتلين بأن ينعم بالحرية من سجون السلطة ليمارس دوره الجهادي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والتصدي لعدوانه وجرائمه ضد أبناء شعبنا حتى تحقيق النصر أو الشهادة.