كتب: محمد إسحاق عبدالحميد
لو قيل لك إن هناك جزيرةً خضراء ومعزولة في وسط البحر، لا يعيش عليها أحد، ونود منك الإقامة فيها مدة أسبوع واحد، مع توفير كل ما تحتاجه من أكلٍ وشربٍ وأدوات للتخييم، وستحصل في المقابل على مكافأة مقدارها 10 آلاف دينار بعد انقضاء هذه المدة القصيرة فهل تقبل بذلك؟
أعتقد أن كثيراً سيقبلون بهذا العرض المُغري، والكل يطمع في الحصول على هذه المكافأة الكبيرة بعد هذه المدة اليسيرة.. أليس كذلك؟
ولكن، هل تكفي المعلومات المقدمة لك عن الجزيرة وجمالها الأخاذ، وحجم المكافأة التي ستحصل عليها للإقدام على مثل هذا القرار؟ وما هي التحديات الموجودة على الجزيرة؟ وماذا حصل لمن ذهب إليها سابقاً؟
ماذا لو عرفت أن كل من ذهبوا إلى الجزيرة صاروا في عداد المفقودين ولم يرجع منهم أحد، وأن عليها حيوانات مُفترسة وجائعة بالكاد تجد قوتها، مع عدم استقرار الأجواء وكثرة الأعاصير فيها، فهل ستذهب إلى الجزيرة بعد معرفة هذه التحديات والمخاطر أم ستعيد النظر في القرار وتمتنع؟
هذه القصة الرمزية هي مثال قريب لما يعيشه الطالب في اختيار التخصص الجامعي؛ فالجزيرة هي تشبيه للتخصص الجامعي الذي يُقدم عليه الطالب دون بحث وسؤال ومعرفة حوله، ويكتفي بالمعلومات العامة والصورة الوردية التي يحملها عن التخصص.
فالبعض على سبيل المثال يختار دراسة القانون على أنه تخصص سهل ويعتمد على الحفظ وباللغة العربية، ثم يكتشف أن التخصص يحتاج لفهم وحفظ وقدرة على الاستنباط والحوار ومهارات مختلفة للنجاح بخلاف ما كان يعتقده من الأساس، وأن التنافس على الوظائف المتاحة في سوق العمل شديد جداً.
وكان من الأولى على هؤلاء الطلبة أن يبحثوا عن التخصص ويتعرفوا عليه سواء عبر سؤال من يدرس هذا التخصص أو الخريجين منه والعاملين فيه، والقراءة عنه في الإنترنت والتعرف على المواد الدراسية للتخصص.
والتقصير في ذلك قد يتسبب في تعثر الطالب في أثناء الدراسة، وربما في تغيير التخصص وضياع السنوات في ذلك، أو ربما في وصولهم إلى وظائف وفرص أقل من تطلعاتهم وقدراتهم.
وهناك كثير من العوامل التي ينبغي النظر فيها قبل اختيار أي تخصص منها الرغبة والقدرة على دراسته، ومدى مناسبته للطالب وشخصيته، وامتلاك المعرفة الوافية عن التخصص وعن الفرص والتحديات فيه، والمهارات التي ينبغي التركيز عليها للنجاح والحصول على الفرص المتاحة في سوق العمل.
وفي الختام أسأل الله تعالى أن يُلهمكم الاختيار السديد والتخصص الذي يُلبي تطلعاتكم.