الكيان الصهيوني منذ تأسيسه بلا دستور، بعد ان فشلت لجنة الدستور التي شملها بن غوريون في وضع دستور للكيان، وبالتالي القوانين التي يحكم من خلالها القاضي تنبع من مصدرين:
أولاً: القوانين الصادرة من الكنيست وملحقاتها الإدارية والتنفيذية..
ثانياً: السابقة القضائية بمعنى هناك إمكانية للقاضي أن يصدر حكماً بناء على فهمه لروح القوانين، وتفسيره الشخصي لتلك القوانين، بالإضافة إلى روح (وثيقة الاستقلال) رغم أنها وثيقة غير رسمية، إلا أنها تعتبر المرتكز الأساس في الفكر الصهيوني القضائي..
قبل تولي القاضي آهارون باراك رئاسة المحكمة العليا في الكيان عام ١٩٩٥م، وكان القضاة في الكيان يلتزمون بالحكم في قضاياهم من خلال القوانين بنسبة تتجاوز الـ90%، وقليل جداً منهم كان يجتهد بما يسمى بالفاعلية القضائية، المعتمدة على اجتهاد القاضي في تفسير القانون وروحه..
ولذلك كان القضاة في الكيان محافظين، ويميلون للنظام القضائي الألماني الملتزم بنص القانون وليس روحه مثل القضاء الأمريكي..
أتى آهارون باراك واستند على ما يسمى بقوانين أساس الكنيست وخاصة المتعلقة بحرية العمل وحرية الإنسان وكرامته التي تم إقرارها عام ١٩٩٢م، وخلق منهما قوانين فوق القوانين العادية، وبات يجعلهم معيار لأي فتوى قانونية..
بمعنى آخر إذا تعارض أي قانون مع قانون الأساس يتم إبطاله من المحكمة العليا تحت حجة (عدم المعقولية)، واتسع الأمر لدرجة أن المحكمة العليا باتت تتدخل بكل النواحي، وبات ينظر أمامها قضايا كانت في السابق لا تقبل المحكمة النظر بها لعدم الاختصاص، من خلال الفاعلية القضائية وعدم المعقولية، وتشكلت المنظومة القضائية بطريقة جديدة لتشكل ضامن وحامي لتغول الأغلبية في الكنيست على حقوق الإنسان..
وطبعاً الحديث عن الانسان اليهودي الصهيوني، كون المحكمة العليا مؤسسة صهيونية احتلالية..
التعديلات القضائية الحالية تريد تدمير هذه المنظومة، وإعادة القضاء ليحكم حسب ما تنص عليها القوانين فقط التي يقرها الاغلبية في الكنيست..
لذلك تمرير (قانون عدم المعقولية) يعتبر تمرير لجوهر التعديلات القضائية.