تسعى الدنمارك والسويد إلى الحد من حوادث حرق نسخ من المصحف والكتب المقدسة الأخرى، في وقت تبحث فيه الدولتان الإسكندنافيتان عن حل لمواجهة الأزمات الدبلوماسية المتنامية مع الكثير من الدول العربية والإسلامية جراء هذه الأفعال.
وتواصل وزراء الدنمارك والسويد، حسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز"، في محاولة لإيجاد طرق لمواجهة قوانين حرية التعبير القوية التي سمحت بعمليات الحرق المتكرر للكتب المقدسة، وذلك قبل أن يعقد وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي اجتماعا طارئا، الاثنين، لمناقشة تلك الأزمة.
وجرى حرق 5 نسخ من المصحف، الأحد، أمام السفارات الأجنبية في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، ومن المقرر إحراق 7 نسخ الإثنين، حسب وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن. وقال راسموسن: "سنجد أداة قانونية تسمح لنا بمنع حرق المصحف أمام السفارات الأجنبية".
من جانبه، قال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون: "نتشاطر نفس التحليل، فالوضع خطير، وهناك حاجة لاتخاذ تدابير لتعزيز قدرتنا على الصمود".
وبدأ حرق نسخ من المصحف والكتب المقدسة الأخرى في السويد هذا العام، كمحاولة لمنع دخولها للانضمام إلى حلف شمالي الأطلسي، عن طريق إثارة حفيظة تركيا.
ولكن، وفي الأيام الأخيرة، امتدت وقائع حرق نسخ من المصحف إلى الدنمارك، مما ينذر بحدوث أزمة دبلوماسية بين الدول الإسلامية والدولتين الإسكندنافيتين.
واستدعت دول عدة بما في ذلك السعودية، سفراء من الدنمارك والسويد أو كليهما في نهاية الأسبوع الماضي، للتعبير عن استيائهم من تلك الحوادث.
وسعت الحكومتان الدنماركية والسويدية إلى إبعاد نفسيهما عن تلك القضية، لكن كلا البلدين يتمتعان بحماية قوية لجهة "حرية التعبير".
وحاولت الشرطة السويدية عدة مرات استخدام تشريعات "النظام العام" لوقف عمليات الحرق، ولكن تم نقضها لاحقا بقرارات قضائية ذكرت أن حرق الكتب المقدسة مسموح به ما لم يكن هناك تهديد أمني فوري.
وحسب وصف "فاينانشال تايمز"، فقد استخدم رئيس الوزراء السويدي "لغة درامية" بشكل متزايد لتوصيف الأزمة، حيث اتهم روسيا وآخرين بمحاولة نشر "معلومات مضللة" بشأن حوادث الحرق من خلال الادعاء الكاذب بأن الحكومة في استوكهولم كانت وراء هذه الأعمال.
والأحد، قال كريسترسون، محذرا: "نحن حاليا في أخطر وضع أمني منذ الحرب العالمية الثانية".
وأضاف أن الحكومة السويدية "بدأت في تحليل الوضع القانوني، بما في ذلك قانون النظام العام، بهدف استكشاف نطاق التدابير التي من شأنها تعزيز أمننا القومي وأمن السويديين في داخل البلاد وخارجها".
وفي أعقاب اقتحام السفارة السويدية في العراق، حذر كريسترسون ووزراء سويديون آخرون من تهديدات إرهابية متزايدة ضد مصالح البلاد.
وسعت الحكومة الدنماركية مرة أخرى إلى النأي بنفسها عن حوادث الحرق ليلة الأحد، وقالت: "حرق (الكتب المقدسة) عملية عدوانية للغاية وأفعال طائشة يرتكبها عدد قليل من الأفراد، وهؤلاء القلة لا يمثلون القيم التي يقوم عليها المجتمع الدنماركي".
وأضافت في بيان: "هذه الأعمال تصب في مصلحة المتطرفين، إنهم يزرعون الانقسام في وقت نحتاج فيه إلى التلاحم معا".
وذكرت الحكومة الدنماركية، أن العديد من البلدان أدانت استفزازات حرق القرآن الكريم على أراضيها خلال الفترة الأخيرة، مشيرة إلى اجتماع طارئ تعقده منظمة التعاون الإسلامي الإثنين لتناول تلك الاعتداءات.
ولفت البيان إلى أن الاعتداءات على القرآن في البلاد لها أبعاد تهدف إلى إثارة تلقي دول أخرى الإهانات والسخط، والإضرار بالدنمارك.
وأكد أن "الحكومة الدنماركية ستستكشف إمكانية التدخل في مواقف محددة يتم فيها إهانة بلدان وثقافات وديانات أخرى، حيث يمكن أن يكون لذلك عواقب سلبية خطيرة على الدنمارك، لا سيما فيما يتعلق بالأمن".
وأضاف أن الإجراءات الحكومية ستتم في إطار حرية التعبير الشاملة في الدنمارك.
وتكررت مؤخرا في السويد والدنمارك حوادث تمزيق وإحراق نسخ من المصحف الشريف على أيدي يمينيين متطرفين أمام سفارات دول إسلامية، ما أثار ردود فعل عربية وإسلامية غاضبة رسميا وشعبيا.
فيما تبنت الأمم المتحدة قرارا يدين جميع أعمال العنف ضد الكتب المقدسة، باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي.