على بعد أمتار قليلة من شاطئ بحر دير البلح وسط قطاع غزة، دشنت منى حنيدق ورفيقاتها مطبخ حمل اسم "زوجات الصيادين"؛ بهدف تسويق صيد أزواجهن بطريقتهن الخاصة عبر طهي جميع أنواع الأسماك وبيعها للزبائن بأسعار مناسبة.
ويُعد تدشين مطبخ يختص بإعداد الأكلات البحرية أمرًا طبيعيًا؛ لكن أن يقدم طبق الطعام المعبق برائحة الأسماك الطازجة للزبائن بأنامل أنثوية؛ فهذا الأمر لم يعتد عليه أبناء قطاع غزة في المطاعم أو المطابخ العامة.
مُنى حنيدق ورفيقاتها –زوجات الصيادين- كسرنَ العادات والتقاليد للمجتمع؛ ليشاركن أزواجهن في توفير لقمة العيش لمواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أهالي القطاع وعائلات الصيادين تحديدًا.
ووفقًا لإحصائية صادرة عن نقابة الصيادين؛ فإن نحو 4 آلاف أسرة فلسطينية تستفيد من العمل في بحر قطاع غزة.
تقول منى حنيدق لـ"شمس نيوز": "إن فكرة إنشاء مطبخ زوجات الصيادين بدأت منذ (عام 2021) خلال مشروع نفذته إحدى المؤسسات التي تُعنى بالصيادين، بهدف مساعدة الزوج لتحسين دخله في ظل ما يتعرض له من انتهاكات إسرائيلية خطيرة تهدد لقمة عيشه".
وأوضحت أن عائلات الصيادين تعاني بشكل مضاعف من الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة من (عام 2006)، فمراكب أزواجهن يلاحقها "الدبور الاسرائيلي" بشكل يومي ما يعرض مراكب أزواجهن لخطر الإصابة بالرصاص وتعطيل محركاتها أو اعتقل أزواجهن".
وأمام هذه الصعوبات وزيادة المسؤوليات الاجتماعية على أزواج الصيادين، قررت حنيدق ورفيقاتها المشاركة في ورشة للتدريب على طبخ الأسماك الطازجة وتسويقها.
ونجحت حنيدق ونحو 20 سيدة من زوجات الصيادين باجتياز الدورة بتقدير امتياز، إذ تقول: "جميع زوجات الصيادين لديهن دراية كبيرة في إعداد وجبات الأكلات البحرية بشكل مميز ورائع".
ورغم اجتياز 20 سيدة لدورة الأكلات البحرية؛ إلا أن المؤسسة التي تتبع لنقابة الصيادين التي تقودها أيضًا سيدات –زوجات صيادين- حددت 4 زوجات فقط للعمل ضمن المطبخ بشكل يومي على أن يتم التنسيق بين الـ 20 سيدة في حال تأخرت أو انشغلت سيدة من العاملات الـ4.
وواجهت حنيدق ورفيقاتها صعوبات عدة منذ بداية عملها في "مطبخ زوجات الصيادين"، قائلة: "كل بداية صعبة، وأول الصعوبات كيف سنتجاوز قضية العادات والتقاليد، لكن بحمد الله تجاوزنا هذه المشكلة بتقبل أزوجانا والزبائن لأوضاعنا، أما الصعوبة الثانية التي واجهتنا تتعلق بعملية الترويج للمطبخ".
عملية الترويج كانت واحدة من أصعب المراحل التي تعيشها حنيدق ورفيقاتها، مشيرة إلى أن خبر افتتاح "مطبخ زوجات الصيادين" انتشر كالنار في الهشيم على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي؛ لكن الاشكالية أن الشعب الفلسطيني يعاني من وضع اقتصادي صعب؛ لذلك يقل طلب أبناء شعبنا على تناول الأسماك الطازجة".
وفيما يتعلق بأنواع الوجبات التي يقدمها "مطبخ زوجات الصيادين" أوضحت بأن جميع أنواع الأسماك الطازجة يتم إعدادها بشكل متناهي ومتقن من خلال طبخ الأسماك سواء كان "قلي أو شوي أو زبادي"
وعددت حنيدق بعضًا من المأكولات البحرية التي تُعدها زوجات الصيادين: مثل "السلاطاعين والجمبري والكلماري والدنيس"، لافتتًا إلى أن المطبخ يعتمد أيضًا على المواسم فهناك أسماك تظهر في مواسم محددة كالسردين وغيرها".
وعن أسعار المأكولات البحرية أشارت حنيدق إلى أن أسعار "مطبخ زوجات الصيادين" مناسبة جدًا وهي متوسطة مقارنة بالمطابخ الأخرى؛ إذ تتفاوت الأسعار ما بين (20 إلى 160 شيكل) وفقًا للكميات المطلوبة وتوفرها.
وتعتبر شريحة الصيادين من الشرائح الهشة في القطاع لما يتعرضون له من تضييق ومحدودية مساحة الصيد في البحر؛ بفعل الممارسات العدوانية الإسرائيلية؛ التي تسببت في استشهاد وإصابة واعتقال عدد منهم خلال السنوات الماضية؛ فضلاً عن تدمير معدات الصيد.