غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

عملية الاغتيال وعلاقتها بالإحباط الذى تعيشه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية

ياسر الخواجا
بقلم/ ياسر عرفات الخواجا

العملية البطولية في تل أبيب جاءت كاسرة لميزان المنظومة الأمنية التي كعادتها تقوم بعد كل عملية فدائية بتبرير فشلها وضعفها الأمني وخمولها بالقول إن المنفذ ليس لديه سجل أمني يدلل على نيته القيام بعمل فدائي، بل إن المؤسسة الأمنية في كل مرة تتهرب من إعطاء إجابات حقيقية لإخفاقها الكبير في منع العمليات وتوفير الأمن والاستقرار للإسرائيليين، ولكن ماذا عساها أن تبرر وتقول أمام هذه العملية التي نفذت في وسط تل أبيب في منطقة "نحلات بن يامين" والتي تختلف عن باقي العمليات بأنها: أولاً وقعت في العمق الإسرائيلي؟؟، وثانياً إن الشخص المنفذ مطلوب ومعروف للجهات الأمنية الإسرائيلية منذ سنة ونصف، وهو مصنف ضمن مطلوبي كتيبة جنين، وله سجل أمني كبير، وهو متهم بعمليات إطلاق نار على حواجز الجيش، وكذلك كان نشيطًا في التصدي لكل حالات التوغل والاقتحامات لمخيم ومدينة جنين.

وبناء على ذلك فإن هناك أسئلة كثيرة لها علاقة بالشخص المنفذ وبخطوات تنفيذ العملية تطارد المؤسسة الأمنية دون أية إجابات، الأمر الذى يؤكد مدى حالة الصعف والوهن والإحباط لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ومن ضمن هذه الأسئلة: كيف استطاع هذا الشخص الوصول إلى مدينة تل أبيب البعيدة عن مكان سكنه غرب جنين ما يقارب 131 كيلو متر؟، ويمكن الوصول عبر السيارة إلى مكان العملية وسط "تل ابيب" في شارع "نحلات بن يامين" وهي تحتاج إلى ما يقارب "ساعتين ونصف" من الوقت على طريق ممتدة مروراً من قرية رمانة غرب جنين إلى مدينة جنين إلى الحاجز المركزي "الجلمة" ثم بعد هذا الحاجز يتم الدخول للأراضي المحتلة من خلال بوابة العبور الرئيسية والتي يقطع من خلالها تذاكر العبور إلى الأراضي المحتلة عام 48 وصولاً إلى وسط تل أبيب حيث تمر هذه الطريق بعدة حواجز حديدية وإلكترونية ورادارات ثابتة وكاميرات مراقبة متطورة ورقمية؟؟.

وبعد أن تحدثنا عن البعد الجغرافي لمكان العملية، وكيف سار المنفذ كل هذه المسافة متجاوزاً بذلك كل الحواجز والكاميرات الرقمية ذات الأداء الأمني المتطور تكنولوجياً؛ إضافة إلى الرادارات الثابتة المنتشرة على طول هذا الطريق؟، حيث إن لهذه الأدوات الأمنية دوراً هاماً في عملية الاستكشاف لكل المهددات التي تهدد الأمن الصهيوني، وربما من أهمها على صعيد رصد الأشخاص والمركبات المشبوهة، حيث تلعب الكاميرات الرقمية دوراً هاماً من الناحية الأمنية عند المنظومة الأمنية الإسرائيلية، والتي تعمل بحرفية و بقدرة عالية في توثيق الصور والمعلومات، وتستخدم على نطاق واسع في نظم المراقبة والأمان، وتعمل على توثيق الأحداث بدقة عالية، ويمكن لها أيضاً تحويل البيانات والصور لمعلومات هامة يمكن بناء عليها رصد ومواجهة كل التهديدات، واتخاذ الإجراءات السريعة من أجل التغلب على هذه المهددات الأمنية، وإن الشاباك الإسرائيلي ومعه كل المنظومة الشرطية والعسكرية يعتمدون بشكل كبير على المعالجة الأمنية من خلال دور هذه الكاميرات، وخصوصاً في المراقبة الأمنية وتسجيل أية أنشطة أو أشخاص مطلوبين أو مشبوهين لدى الجهات الأمنية، وكل هذه الأدوات متصلة بشكل متلازم مع المنظومة الأمنية العاملة لمواجهة العمل الفدائي، إضافة إلى الحواجز التي لا تقل أهمية من الناحية الأمنية عن دور الكاميرات الرقمية، فالحواجز الأمنية متعددة الأدوار والعراقيل كموانع لأى عمليات تسلل داخل الأراضي المحتلة كالجدار العازل أو ما يسمى بجدار الفصل، إضافة إلى الحواجز الحديدية والأسلاك الشائكة، وكذلك الحواجز الخرسانة المتنقلة، والرادارات الثابتة، والدوريات التابعة لما يسمى بشرطة حرس الحدود، والدوريات التابعة للجيش التي تعمل على مدار الوقت، وكذلك عناصر الأمن المختلفة التي تعمل في كل الأماكن المتوقعة أمنياً، كل هذه الأدوات وكل هذه الدوريات والحشود البشرية التي تعتبر معوقات أمنية لمنع حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومنعهم من تنفيذ العمليات الفدائية فشلت في منع العمل الفدائي، وخاصة في ملاحقة وإمساك ومنع مطلوب لديه سجل أمنى حافل من القيام بعملية فدائية ضد جيش الاحتلال أو ضد المستوطنين. 

إن تغلب البطل المقاوم على كل هذه المعوقات الأمنية يشكل حالة من خيبة الأمل، ويظهر حجم الانكسار الذي تعيشه المنظومة الأمنية الإسرائيلية وهي ترى عجزها الأمني المتواصل رغم امتلاكها جيشاً كبيراً وأدوات وإمكانيات تكنولوجية تجسسية واستخباراتية عالية، إضافة إلى العملاء على الأرض، وعمليات التنسيق الأمني بينها وبين سلطة أوسلو. كل هذا لم يمنع فدائي يريد أن ينفذ عملية في العمق الإسرائيلي، وهذا يدلل على تفوق العقلية الأمنية الفلسطينية في هذا الصراع، الأمر الذي يحرج المؤسسة الأمنية، ويجعلها عاجزة عن الإجابة عن تساؤلات كثيرة نتيجة إخفاقاتها المدوية.

وربما تكون حالة الاحباط هذه هي التي تدفع بالعقلية الأمنية الإسرائيلية للهروب إلى الأمام وتنفيذ المزيد من التوغلات وعمليات الاغتيال للفلسطينيين في الضفة الغربية، وعلى وجه الخصوص في جنين ونابلس، وهو ما دفع الجيش والشاباك ليقوما بتنفيذ عملية اغتيال جبانة طالت ثلاثة من المجاهدين على مفترق "عرابة" في مدينة "جنين"، وهذا يشكل هروباً من حالة الإخفاق الأمني المدوي والإحباط الذي يكتنف هذه المنظومة. 

إن العدو الإسرائيلي يريد من خلال مثل هذه الاغتيالات والتوغلات والاقتحامات خلق صورة انتصار أو إنجاز يبعد عنه شبح الأسئلة الكثيرة التي لم يستطع أن يضع لها إجابات، وهو بذلك يريد أن يهرب من الحقيقة الكبيرة والدامغة وهي *الفشل الأمني المدوي للمؤسسة الأمنية*، هذا الفشل كان بسبب إرادة الفلسطيني القتالية، التي باتت تشكل تهديداً استراتيجياً تتعلق بأمن وجوده واستمرار مشروعه الذى لن يكتمل طالما أن المقاومة سيفها مشرع في وجه المشروع الصهيوني والوجود الصهيوني على الارض الفلسطينية.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".