عندما وصلت عقارب الساعة إلى الثالثة فجرًا انقلبت الأحوال في مخيم بلاطة جنوب نابلس رأسًا على عقب، صراخ وعويل وصوت رصاصات حاقدة، عشرات الآليات العسكرية تحيط بالمكان، كان الدخان يخرج من فوهة البنادق وبأقدامهم الخشنة يكسرون الأبواب، دب الفزع والخوف في قلوب أطفال المخيم ليتسأل أحدهم: "ماذا يجري؟".
صُبغ وجهه الداكن باللون الأصفر من شدة الفزع كغيره من الأطفال والرجال والنساء، فقد اقتحم الجنود المدججين بكافة أنواع الأسلحة منازل المواطنين في المخيم فجر اليوم الأربعاء، مصوبين بنادقهم نحو صدور الأطفال في المنازل التي تم اقتحامها؛ وفي خارج تلك المنازل كان العشرات من الجنود يُمدون الأسلاك داخل شقة عائلة المطارد عبد الله أبو شلال في المخيم.
تقف والدة أبو شلال أمام باب شقتها المدمرة ومن خلفها كانت ألسنة النيران تلتهم ما تبقى من أثاث الشقة، وبيدها تُشير للمنطقة التي تسلل عبرها جنود الاحتلال؛ لوضع المتفجرات والأسلاك داخل شقتها، مستخدمين إضاءة الليزر وبأصواتهم الخشنة يصرخون: "سنفجر منزل عبد الله أبو شلال".
أفرغ جنود العدو المنازل المجاورة لمنزل أبو شلال بالقوة، ونصبوا المتفجرات، تقول الأم المكلومة بعيونها الدامعتين: "طلعوا الناس من دورهم وفجروا المنزل، هادي مش أول مرة يفجروا فيها منزل عبد الله أبو شلال هذه المرة الثالثة".
رغم تفجير منزل أبو شلال للمرة الثالثة إلا أن والدة عبد الله كانت صامدة صابرة تملك عزيمة قوية وإصرار على مواصلة طريق المقاومة والجهاد إذ أكدت: "أن الاحتلال هدم المنزل أول مرة بالصواريخ والمرة الثانية بالتفجير والحمد لله الله نجا عبد الله منها واليوم كانت المرة الثالثة من تفجير المنزل والله سلم عبد الله وأصدقائه".
وكالجبل الصامد قالت والدة عبد الله: "أنا بعطي من عمري كله من أجل أن يعيش عبد الله وكل شرفاء الوطن ليحموا هالوطن وينتقموا من المحتلين القتلة، واحنا كلنا فداءً للأقصى".
في زاوية أخرى من المكان المدمر روى أحد الجيران تفاصيل مفزعة؛ "خلال النوم هجم جنود الاحتلال المدججين بالسلاح وطلبوا من السكان إخلاء المنازل جميعها خلال مدة لا تتعدى 5 دقائق، كان لك مشهد مروعًا الأطفال والنساء يهربون والجنود يصرخون بوجوهنا بشكل يخالف كل الأعراف الدينية والانسانية".
وبعد دقائق معدودة من إخلاء المنطقة كلها دوى انفجار كبير في مخيم بلاطة ليكشف عن تدمير شقة سكنية تعود للمطارد عبد الله أبو شلال، تخلل تلك العملية مواجهات عنيفة مع المواطنين أدت لإصابة نحو 10 إصابات بالرصاص وعشرات الإصابات بالاختناق الشديد.