يرى مراقبون في دولة الاحتلال الإسرائيلي أن تحالفاً إقليمياً رباعياً يضم كلاً من مصر واليونان وإسرائيل وقبرص، قد تشكَّل للعمل بشكل أساسي ضد تركيا.
وعلى الرغم من أن رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لم يحضر لقاء القمة الثلاثي الذي جمع أخيراً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس القبرصي نيكوس أنستسياديس، ورئيس الوزراء اليوناني الجديد ألكسيس تسيبراس، في نيقوسيا، إلا أن القضايا التي بُحثت في اللقاء تمت بالتنسيق مع "تل أبيب".
ونقل موقع "وللا" الإخباري الإسرائيلي عن مسؤول يوناني قوله إن جدول أعمال القمة الثلاثية أخذ بالاعتبار القضايا التي تهم إسرائيل بوصفها أحد أطراف التحالف الإقليمي. وممّا يدلّل على أن قادة هذه الدول يبدون رهانات كبيرة على عائدات تشكُّل هذا التحالف، فقد التقى قادة قبرص واليونان ومصر مرتين في أقل من ستة أشهر.
وشدّد المعلق السياسي لموقع "وللا"، أمير تيفون، على أن القاسم المشترك لدول التحالف الرباعي هو الرغبة في محاصرة تركيا وتقليص نفوذها، إذ يُنظر إليها من قِبل الدول الأربع على أنها "دولة عدو".
وفي تقرير نشره الموقع، أشار تيفون إلى أنه بالإضافة للعداء التاريخي بين كل من قبرص واليونان مع تركيا، فإن اليونانيين يتهمون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحويل تركيا إلى محطة وسيطة لتنقّل عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، ناهيك عن أن نظام السيسي يرى في تركيا تهديداً مباشراً له بسبب دعمها لجماعة "الإخوان المسلمين"، في حين قررت إسرائيل خلع كل القفازات في حربها ضد حكم أردوغان بعدما يئست من إمكانية إصلاح العلاقة معه.
وذكر تيفون أن توافق قادة قبرص ومصر واليونان في ختام القمة الأخيرة على تطوير استغلال مصادر الغاز الطبيعي في حوض المتوسط، تمّ بالتنسيق مع تل أبيب، وهو موجّه بشكل أساسي ضد أنقرة. وأشار إلى أن قادة الدول الأربع توافقوا على تعزيز التنسيق في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي. وأعاد تيفون للأذهان حقيقة أن دعم نظام الرئيس السيسي والحرص على تأمين شرعية دولية له يُعدّ أحد أبرز القواسم المشتركة لكل من اليونان وقبرص وإسرائيل. وأوضح أن أثينا ونيقوسيا أبدتا معارضة شديدة لكل اقتراح داخل الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على نظام الرئيس السيسي في أعقاب الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي، في حين أدى نتنياهو وحكومته جهوداً هائلة من أجل ضمان عدم توقّف المساعدات الأميركية للجيش المصري في أعقاب عزل الرئيس محمد مرسي.
ورأى تيفون أن عوائد الاستثمار الإسرائيلي في تطوير العلاقات مع نظام السيسي لم تخيّب الآمال، مشيراً إلى أن التنسيق الأمني والتعاون الاستراتيجي بين تل أبيب والقاهرة وصل الآن حدوداً غير مسبوقة.
وكان وزير أمن الاحتلال الإسرائيلي موشيه يعالون، قد دعا أخيراً لطرد تركيا من حلف شمال الأطلسي بسبب دعمها لـ"الإرهاب". وزعم أن تركيا منحت حركة "حماس" قاعدة للعمل على أراضيها، معتبراً أن عدداً من العمليات التي نفذتها الحركة خلال العامين الماضيين تمت بأوامر من قيادات حمساوية موجودة على الأراضي التركية.
يذكر أن اليونان وإسرائيل والولايات المتحدة تجري حالياً مناورات عسكرية مشتركة، في حين أن سلاحي الجو اليوناني والإسرائيلي قد أجريا العام الماضي مناورة مشتركة.
في سياق متصل، أعربت مراكز تقدير استراتيجية قريبة من دوائر صنع القرار في تل أبيب عن قلق كبير إزاء مستقبل نظام الرئيس السيسي.
فقد قال "مركز يروشلايم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يديره دوري غولد، كبير المستشارين السياسيين لنتنياهو، إن تواصل العمليات العسكرية ضد الجيش المصري في سيناء، والحراك المعارض للنظام في القاهرة، يدلان على أن الزمن لا يعمل لصالح السيسي، مشدداً على أنه في حال ظلت أوضاع مصر تحت حكمه على هذا النحو، فإن قدرة النظام على البقاء مشكوك فيها.
وفي تقدير موقف، نشره منتصف الشهر الماضي، حذر المركز من أن انهيار نظام السيسي سيفضي إلى نتائج بالغة الخطورة على "الأمن القومي" الإسرائيلي. وهاجم المركز مجدداً الإدارة الأميركية لرفضها عرض السيسي توسيع الحرب على "الإرهاب الإسلامي" لتشمل ليبيا، بزعم أن ليبيا تمثل مصدر تزويد الإسلاميين في سيناء وغزة بالسلاح. وهاجم المركز بقوة المنظمات الحقوقية الدولية التي انتقدت قيام الجيش المصري بتدمير المنازل في رفح المصرية، معتبراً أن هذا الإجراء تفرضه "الحاجة لاستتباب الأمن والاستقرار".
وامتدح المركز نظام السيسي لقراره التخلّص من المقررات الدينية التي تحثّ على الجهاد من المناهج التعليمية، مشيراً إلى أن السيسي جاد في القضاء على "مصادر التطرف الديني"، التي يستفيد منها المتطرفون. وأشاد بـ"الثورة الدينية" و"الحرب "الثقافية" التي أعلن عنها السيسي ضد ما سمّاه "التطرف الديني" في مصر.
صالح النعامي