كنا قد تحدثنا في مقال سابق عن ان «إسرائيل» عندما ترتكب مجزرة بحق الفلسطينيين, عليها ان تضع يدها فوق رأسها لأنها لا تعلم من اين سيأتيها الرد ومتي وكيف, واليوم تتلقى «إسرائيل» ضربات متتالية من الفلسطينيين ففي جنين اعترف الاحتلال بإصابة جندي صهيوني اثناء عملية توغل في مخيمها, وتبعها بساعات قليلة عملية نوعية في بلدة حوارة بمحافظة نابلس أدت لمقتل صهيونيين, ولا زالت «إسرائيل» تبحث عن منفذ العملية الذي استطاع الانسحاب من المنطقة, ثم جاءت عملية الخليل البطولية التي قتل فيها مستوطنة صهيونية وأصيب آخر بجراح حرجة للغاية, فيما امتنع المنفذ البطل عن قتل طفلة إسرائيلية كانت داخل السيارة, رغم ان أطفال فلسطين يتم حرقهم احياء على يد الجيش النازي الصهيوني وقطعان مستوطنيه الاشرار, ويستخدمهم الاحتلال كدروع بشرية اثناء عمليات التوغل في المدن الفلسطينية, وهناك نحو مائتي طفل فلسطيني معتقلون في سجون الاحتلال الصهيوني, لكن المقاومة الفلسطينية تتسم بالأخلاقية والقيم الإنسانية ولا تتعامل بردات فعل, لان الاحتلال موصوم على مر التاريخ بدمويته ونازيته وبربريته ولا يتمتع بأدنى درجات الإنسانية, بل جيش نازي مجرد من الاخلاق تماما, ووزيره للأمن القومي المتطرف ايتمار بن غفير دائما ما يطالب الإسرائيليين بان تكون الحبة في بيت النار, والاستعداد الدائم للقتل, ولا يجب ان يتردد المستوطن او الجندي لحظة واحدة في اطلاق النار على الفلسطيني لو شعر فقط او قدر بانه قد يتعرض لهجوم, عمليتا حوارة والخليل كان لها انعكاس سلبي كبير على الحكومة النازية الصهيونية, وقد دفعت الوزيرة الصهيونية اوريت ستروك لاتهام وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت بالمسؤولية عن عملية الخليل, وقالت « الهجوم أصبح ممكنا بسبب عدم اتخاذ قرار بألا تكون طرق الضفة الغربية طريقا أخضر للإرهاب» وطالبت باتخاذ هذا القرار قبل الهجوم القادم حسب قولها.
ردود الفعل الغاضبة على فشل الجيش الصهيوني في الحد من تلك العمليات تواصلت ووصف رئيس مجلس جبل الخليل يوحاي دمري عملية الخليل صباح اليوم قائلا «هذه عملية إطلاق نار خطيرة للغاية، على محور رئيسي 60 مفترق مركزي، على الطريق الذي يربط كريات أربع بمستوطنات جبل الخليل « واعتبر العملية فشلا لمن يفترض أن يحمي مواطني «إسرائيل» في كل مكان، الجيش يجب ان يحقق ويغير ويقوم بأشياء أخرى «. وغرد عضو الكنيست دان إيلوز من حزب الليكود قائلا: «عملية تتلوها عملية ولا توجد حوكمة علينا استعادة الردع وعدم الانتظار لحظة واحدة», تآكل حالة الردع والفشل المتتالي في وقف العمليات, واختراق منظومة الامن الصهيونية باتت كلها تمثل مأزقا كبيرا لحكومة نتنياهو, وهناك اتهامات مباشرة من قطعان المستوطنين لحكومة الصهيونية الدينية انها فشلت في توفير الامن للإسرائيليين, ويتجسد الفشل الأمني في قدرة المقاومين على الانسحاب من مكان العملية, وتنفيذ عملياتهم من مسافة صفر, ما يسبب قلقا كبيرا لحكومة نتنياهو, وكلما أراد نتنياهو ان يطمئن الإسرائيليين ويروج أنه حقق انجازاً لهم, هبت المقاومة لتصفعه صفعة مدوية وتثبت فشل ادعاءاته بتوفير الامن للإسرائيليين, فعملية حوارة حدثت قرب مقر إقامة ما يسمى بوزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش, الذي ينادي بتهويد الضفة بشكل كامل, وطرد الفلسطينيين منها, بينما وقعت عملية الخليل البطولية قرب مقر إقامة ما يسمى بوزير الامن الداخلي الصهيوني ايتمار بن غفير, الذي يحرض على قتل الفلسطينيين ويرفع شعار العربي الميت هو العربي الجيد, ويبدو ان الاحتلال يحاول الربط بين العمليتين, والرسائل التي تحملها, والأماكن التي وقعت فيها العمليتان, فهما مناطق امنة حسب تصنيف الاحتلال لها, لكن الفلسطيني الذي يضرب في قلب «تل ابيب» يستطيع اليوم اختراق نظرية الامن الصهيوني, وضرب الاحتلال في مقتل.
الضفة تحافظ على هويتها الفلسطينية المقاومة، في ظل مساعي حكومة نتنياهو لتنفيذ مخطط توسعي استيطاني في الضفة حيث تعتزم حكومة الاحتلال نتنياهو الاجرامية إنفاق مبلغ يقدر بنحو مليار شيكل لتعزيز المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية, وفي تصريحات نقلتها وسائل الإعلام العبرية، أكد مسؤولون أميركيون معارضة البيت الأبيض للخطة, وذكرت قناة (12) العبرية، أن وزير المالية الصهيوني قدم مقترحاً لتخصيص مئات الملايين من الشواكل لصالح المستوطنات في الضفة الغربية, وتهدف الخطة إلى استثمار ملايين الشواكل لتشجيع المستوطنين الإسرائيليين على الانتقال والاستقرار في المستوطنات، وتشمل بناء مستوطنات جديدة في مناطق متعددة من الضفة الغربية، بالإضافة إلى توسيع الاستيطان في مناطق مثل جنوب جبل الخليل ومناطق البحر الميت والأغوار, لكن هذه المخططات الصهيونية سرعان ما تتساقط كأوراق الخريف, عندما يتم تنفيذ مثل هذه العمليات الفدائية البطولية, فالإسرائيلي يبحث عن أماكن امنة ليقيم فيها, ولن يستطيع احد إقناعه بالإقامة في مناطق غير امنه, يستبيحها الفلسطيني, ويستطيع ان يدافع عن وجوده فوق ارضه, ويكبد الاحتلال ثمنا باهظا امام حماقاته التي يرتكبها في الضفة, لقد أصبحت الحكومة الصهيونية مطالبة اليوم واكثر من أي وقت مضى باسترجاع سياسة الردع المتأكلة, وارتكاب مزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين, لتهدئة حالة الغضب في الشارع الصهيوني, لكن المقاومة تفرض كلمتها, ولن تتراجع امام تصاعد الجرائم الصهيونية, لذلك ان كان الاحتلال يفكر في اجتياح لمدن الضفة وارتكاب مجازر لإرضاء الإسرائيليين, فعليه مجددا ان يضع يديه فوق رأسه في انتظار الضربة الجديدة من المقاومة الفلسطينية له, لان المقاومة لن تصمت على جرائم الاحتلال وسترد عليها بقوة.