كانت عقارب الساعة تُشير إلى الثالثة فجرًا عندما استفاق "أبو إسلام" وزوجته وأبنائه الصغار على وقع ضربات قوية على باب منزله، صرخات مزعجة تصدر من وراء الأبواب والمنافذ المؤصدة مفادها: "افتح الباب فورًا قبل ما يتم تفجيره".
لم يكن أمام "أبو إسلام"؛ إلا أن استجاب فورًا للصرخات المدوية التي تصدح خلف الباب، تقدم القيادي ماهر بسرعة، وبقوة معصمه فتح الباب؛ ليتدفق الجنود المدججين بأسلحتهم النارية داخل أروقة المنزل.
يصرخ أحدهم بعنف في وجه القيادي ماهر الأخرس "أبو إسلام": "الكل يجي هون صغار أو كبار نساء أو رجال الجميع يصحى"، لم يدرك هذا الضابط الذي يحمل عتادًا عسكريًا أثقل من جسده أن جميع أفراد عائلة القيادي الأخرس (القيادي ماهر وزوجته و3 من أطفاله الصغار) تقف أمامه، فأرسل جنوده ليعيثوا الخراب والدمار داخل غرف المنزل بحثًا عن أبناء القيادي.
لحظات مروعة عائلة القيادي ماهر، أثناء اقتحام جنود الاحتلال، فقد بدت أجسادهم ترتعش من هول المشهد لتروي زوجته "أم إسلام" جزءًا من التفاصيل: "بعد أن عاثوا الخراب والدمار جاء أحد الجنود وطلب بطاقة هوية القيادي ماهر ليتأكد من شخصيته".
قبل لحظات قليلة من اقتحام منزل القيادي ماهر كان الجنود قد اقتحموا منزل شقيقه معتقدين بان المنزل يعود للشيخ ماهر؛ إلا أنهم أخطأوا التقدير، وفورًا انتقل الجنود لمنزل القيادي بأكبر عدد من الجنود والآليات العسكرية.
تجمع الجنود في محيط منزل القيادي ماهر الأخرس الذي يقطن في منطقة زراعية ببلدة سيلة الظهر جنوب مدينة جنين شمال الضفة المحتلة، على الفور احتجز الجنود العُمال من المزارع المحيطة بالمنزل إضافة إلى أفراد العائلة، وطلبوا من القيادي أن يرافقهم إذ أخبره أحدهم: "أنت رهن الاعتقال".
في تلك اللحظة أطلق القيادي لسانه مرددًا في وجه الجنود وعلى مسمع عائلته: "أعلن الإضراب المفتوح عن الطعام حتى النصر أو الشهادة" هنا لم تتمالك "أم إسلام" نفسها فقد تساقطت دموعها على وجنتيها، مستذكرة: "مشهد اعتقال القيادي الشهيد خضر عدنان وإعلانه الإضراب عن الطعام فور اعتقاله".
تقول "أم إسلام" لـ"شمس نيوز": "نشعر بالقلق على حياة القيادي ماهر خاصة وأنه يتميز بإصراره وصلابة موقفه كما الشهيد القائد خضر عدنان الذي استشهد داخل سجون الاحتلال".
اختطف جنود الاحتلال القيادي ماهر من أحضان أطفاله، ما أثار حالة من الحزن والبكاء داخل المنزل، وأثناء توجههم صوب الآليات العسكرية التي كانت تقف على بعد نحو 100 متر من منزله كان "إسلام ومحسن" أبناء القيادي ماهر يصرخان بشدة على جنود الاحتلال: "نريد أن نسلم على أبانا نريد أن نحضنه ونودعه".
فورًا صوب جنود الاحتلال فوهة بنادقهم باتجاه أبناء القيادي مهددين الجميع: "إذا اقتربتم سنطلق النار، الجميع يعود للمنزل"، وبدا هذا المشهد الذي رأته أم إسلام من النافذة معلقًا في ذاكرتها ولن تنساه أبدًا.
تُشير أم إسلام إلى أن زوجها القيادي ماهر الأخرس يحمل همَّ شعبه وعائلات الشهداء والجرحى والأسرى منذ زمن طويل وقد خاض الإضراب المفتوح عن الطعام أكثر من مرة وكان يحقق الانتصار في جميع تلك الإضرابات.
ورغم الاعتقال إلا أن القيادي ماهر يتمتع بإرادة صلابة وعزيمة لن تلين، فعندما تم اعتقاله شاهدته زوجته "أم إسلام" أثناء سيره صوب الآليات العسكرية بكل قوة وعزيمة وتحدي للمحتل وجنوده، فهذا الاعتقال كما تقول زوجته "لن يهز شعرة من القيادي مطلقًا، وسينتصر على سجانه بكل تأكيد".