غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

حريق مكب نفايات "جحر الديك" ينذر بمكرهة صحية وكارثة بيئية خطيرة

حريق مكب جحر الديك
شمس نيوز - خاص

خلَّف الحريق الذي اندلع في مكب النفايات بمنطقة جحر الديك جنوبي شرقي قطاع غزة، مخاوف وأضراراً صحية على السكان، وآثاراً خطرة على البيئة، بعد اندلاعه لأكثر من أسبوع، التي تسببت بانبعاث الغازات السامة والروائح الكريهة المتصاعدة منه نحو طبقات الجو، وتسللها إلى بيوت المواطنين القريبة من المنطقة.

فمع كل صباح لا يخفي سكان المنطقة الذين يتجاوز عددهم نحو (3501) نسمة، إزعاجهم الشديد ومعاناتهم اليومية من مخلفات النفايات التي باتت مكرهة صحية تهدد سلامتهم، وتضر بمصالحهم، سيما أن المنطقة مصنفة على أنها زراعية، وهو ما يُنذر بكارثة صحية خطرة.

يجلس المسن السبعيني أبو محمد داخل بيته القريب من منطقة الحريق، متأففاً من الروائح الكريهة التي لم يفلح إغلاق نوافذ بيته ورشه بمعطر الهواء ذات الروائح النفاذة في منع تسلل الانبعاثات والروائح الصادرة من المكب، ويقول منزعجاً: "لا نستطيع الجلوس أو النوم بهناء، تكاد الروائح تقتلنا من هول فظاعتها، أصبح الأمر لا يُطاق".

أما الشاب مهند فيؤكد لـ"شمس نيوز" أنه يقضي جلَّ يومه خارج منزله؛ هرباً من الروائح والغازات التي سببت له ولأسرته مشاكل تنفسية، علاوةً على أن فصل الصيف فاقم هذه المعاناة سيما بعد إجبارهم على إغلاق نوافذ بيتهم وعدم وجود سبيل آخر للتهوية جراء الدخان المتصاعد.   

وليست المسنة عطاف بأحسن حالاً من سابقيها، فتشتكي وهي مُجهدة وقد ازدادت معدلات تنفسها بصورة كبيرة: "أعاني من أمراض مزمنة، يفاقمها الغبار والغازات السامة التي تنبعث جراء حريق المكب".

أما باقي سكان فاشتكوا من التزايد المضطرد للنفايات في المكب كل عام عن سابقه، مناشدين السلطات المحلية بالوقوف عند مسؤولياتها، ووضع حل فعلي لهذه المكرهة الصحية التي تفتك بهم وبأطفالهم. 

ويمتد مكب نفايات جحر الديك على مساحة تزيد عن 220 دونمًا، ويستقبل يوميًا كميات ضخمة من النفايات تصل إلى حوالي 1900 طن، ما يُعادل 57 ألف طن شهريًا، وأكثر من نصف مليون طن سنويًا، ويخدم 8 بلديات في المنطقة.

حريق جحر الديك اندلع في الجزء الشرقي من مكب النفايات الرئيس في المنطقة، وهو ليس الحريق الأول في هذه المنطقة، ولن يكون الحريق الأخير –كما يقول السكان-. 

وتمكنت الأطقم والفرق العاملة التابعة للبلدية ووزارة الحكم المحلي تطويق مساحات واسعة اشتعلت فيها النيران التي ساعد على انتشارها الرياح ودرجات الحرارة المرتفعة، وإخماد الحريق بعد أسبوع من اشتعال النيران، وفقاً لما أكدته بلدية غزة.   

وقال المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا، إن النيران غطت قرابة 50 دونمًا في مناطق متفرقة من مكب النفايات البالغة مساحته 220 دونمًا. 

وعن أسباب الحريق، بين مهنا أن الأجهزة الأمنية وطواقم بلدية غزة المختصة تجري تحقيقاتها للوقوف عند الأسباب، مرجحًا أن تكون كالمعتاد بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، سواء بإطلاق النيران أو قنابل الغاز والدخان باتجاه المزارعين و"النباشين" في المكب. وفي مثل هذه الحالة تشتعل النيران بسرعة بسبب تصاعد غازات قابلة للاشتعال ناتجة عن تحلل النفايات.

وأرجع مهنا السبب في انبعاث الروائح الكريهة التي يشعر بها المواطنين في ساعات الصباح الأولى في مدينة غزة؛ إلى المساحة المحدودة التي لا زالت مشتعلة في "جوانب مكب النفايات"، متأملاً أن يتم الانتهاء من الحريق بشكل كامل خلال اليومين القادمين.

كارثة بيئية 

ويرى الخبير في صحة البيئة، الدكتور عقل أبو قرع، أن المخاطر المترتبة على الإنسان والبيئية جراء الحريق قد تصل إلى درجة الكارثة، مشيراً إلى أن ذلك يعتمد على نوعية وطبيعة النفايات الموجودة في المكب (بلاستيك، نفايات عضوية، كيميائية، مخلفات طبية). 

وقال د. أبو قرع لـ"شمس نيوز": "إن انبعاث الغازات السامة إلى طبقات الجو يُسبب تلوث الهواء، إضافة إلى أنها (الغازات) يمكن أن تتغلغل إلى الأرض والتربة عبر حبيباتها وبالتالي تلوثها". 

وأوضح أن التربة الموجود في المنطقة هي تربة رملية، ما يعني أن مساماتها كبيرة وبالتالي تزاد مخاوف وصول ترسبات النفايات إلى المياه الجوفية وتلوثها مما ينتج عنه أضرار كبيرة جداً، ويُنذر بكارثة صحية خطرة.

وقدَّم المختص في شؤون البيئة نصائح لسكان المنطقة، أولها المواظبة لبس الكمامة الطبية، كونها تعمل على زيادة شدة الرطوبة في الهواء المستنشق، وهذا مفيد لترطيب الجهاز التنفسي". 

وأضاف أن: "زيادة نسبة الرطوبة يعزز من إنتاج "الإنترفيرون" وهي بروتينات خاصة مفيدة لمحاربة الفيروسات"، ونصح بالابتعاد قدر الإمكان عن أماكن الحريق، والمناطق التي تتركز فيها الغازات والأبخرة الناجمة عنها.  

وأوصى د. أبو قرع، السلطات الرسمية ووزارة الزراعة وسلطات المياه بأخذ عينات وعمل فحوصات شاملة للتربة والخضراوت والمياه، ومحاولة معالجتها بأسرع وقت، قبل أن تتسبب في أضرار على صحة المواطنين، كما أوصى المزارعين بأخذ الانتباه الشديد من تسلل ترسبات الحريق إلى خضراواتهم ومزروعاتهم، خصوصاً خلال عملية الري، إذ إن المسافة الفاصلة بين المياه الجوفية وسطح التربة قريبة جداً. 

وتصنف منطقة حجر الديك بأنها إحدى أكثر المناطق خطورة في قطاع غزة؛ ويعزو سبب ذلك إلى محاذاتها للسلك الفاصل مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحاصر قطاع غزة منذ أكثر من 16 عاماً ويرتكب انتهاكات كبيرة بحق السكان والمزارعين، من خلال إطلاق النار والقنابل الدخانية السامة والغاز المسيل للدموع صوبهم.