طرأ في الأيام القليلة الماضية، تغيراً واضحاً في لون بحر قطاع غزة، وتعكراً في مياهه، على غير العادة في مثل هذه الأيام من السنة، وهو ما أثار ريبة الكثير من الباحثين والمتخصصين في مجال البيئة، ودفعهم إلى البحث في تفاصيل هذا الأمر.
أخذ الخبير البيئي نزار الوحيدي على عاتقه، هذه المهمة، وبدأ رحلة الكشف عن أسباب التعكر المفاجئ لبحر القطاع، حاملاً في ذهنه شكوكاً من نوع غريبة، ليصطدم بالنتيجة التي كان يخشاها.
يقول الوحيدي لـ"شمس نيوز": "لاحظنا تعكراً غريباً مياه البحر بصورة كبيرة، على الرغم من أنها تكون صافية جداً في مثل هذا الوقت من العام، وهي ليست عكارة تقليدية كالتي نراها بفعل النفايات والصرف الصحي".
اللافت للانتباه في الموضوع هو وجود إسمنت، وطين، وفتات مباني في مياه البحر، وهو ما أثار شكوكاً لديه حول قضية ما، أثبتت هذه الشكوك بعد عدة محاولات من البحث والفحص الدقيق، –كما يضيف الوحيدي-.
ويعتقد الوحيدي، أن سبب التعكر المفاجئ هو وصول بعض من جثامين الليبيين الغرقى بفعل إعصار دانيال الذي ضرب ليبيا، وخلَّف خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، إلى شواطئ قطاع غزة؛ بفعل حركة التيارات البحرية.
وقال: "نزلتُ صباح اليوم لأجمع في ربع ساعة كومة ملابس، وشالات، وعظام، تحمل بصمات فيضان درنة بألوانها وأنواعها غير الموجودة لدينا، حملتها التيارات المائية، وهي ليست أحذية كأحذية المهاجرين إلى أوروبا، بل هي أغراض منزلية".
وأشار إلى أنه وجد عدة ألواح من العظام البشرية بجانب الملابس، تحللت نتيجة انتقالها عبر مياه البحر، إضافةً إلى تآكلها بواسطة الأسماك والكائنات البحرية.
وأوضح الخبير الوحيدي أن التيارات الغالبة على شاطئ قطاع غزة هي الجنوبية الغربية التي تسببها المنخفضات القادمة من الغرب، وتدور بعكس عقارب الساعة، وأن المسافة بالنسبة للكون صغيرة جداً بيننا وبين موقع الحادثة، وهو ما سهَّل نقل هذه الملابس والعظام إلى قطاع غزة، -متخوفاً في الوقت نفسه- من وجود جثث كاملة في بحر غزة لم تطفُ على السطح حتى اللحظة.
وطالب الوحيدي سلطة البيئة بدراسة عينات من مياه البحر وتحليلها مخبرياً، كما طالب الدفاع المدني بتسخير طواقمه للبحث عن جثث غرقى ليبيين متوقع وجودها في بحر غزة، لمساعدة السلطات الليبية في معرفة هوية المفقودين.
وختم حديثه: "درنة (مدينة ليبية) ترسل شهادات وفاة أبنائها إلى غزة؛ لتشاطرها الجرح، والهم، والألم".