شاب في منتصف العشرين، يزرع بذرة الجهاد في أرض الرسالات بعد انقطاع المد الثوري الجهادي عنها وانتشار الحركات العلمانية واليسارية.
فلسطين لم تكن بمعزل عن محيطها العربي والإسلامي، حيث غَيبت الحركات الإسلامية فيها العمل الجهادي المقاوم، واتسمت حينها بالسلبية، ربما يعود ذلك لعده أسباب؛ أهمها: ملاحقة بعض الحكومات لأي محاولة نهوض بمشروع حضاري إسلامي، وأيضاً؛ العامل الداخلي الذاتي القائم على ضرورة الإعداد والتربية أولاً وقبل كل شيء.
وفي ظل هذه المعطيات، جاء الاستثناء ليؤسلم البندقية، ويصحح المسار التاريخي للأمه لعلمه أنه ماضي ومستقبل الأمة هو الإسلام لا غير، وأن مركزية الصراع هي فلسطين العربية الإسلامية.
مما لا شك فيه أن تصحيح المسار، وهدم المعتقدات الفاسدة، ومحاربة القوى المتحكمة بمصائر البشر، يحتاج للرجل استثنائي؛ يحمل همة استثنائية، وهو ما كان بالفعل، الدكتور فتحي الشقاقي الرجل الاستثنائي ذو الهمة الاستثنائية والجرأة الاستثنائية، يخرج عن المألوف، ليعلن بدء الثورة الإسلامية في فلسطين، ويعلن ميلاد حركة الجهاد الإسلامي.
هذا الميلاد القسري؛ الذي حطم كافة القواعد، وأعاد الهوية الإسلامية المقاتلة لفلسطين.
لقد استطاع الدكتور فتحي الشقاقي؛ القائد الرباني أن يزرع فكرته في عقول وقلوب الشباب الفلسطيني، الذي بات يحمل روح التضحية والفداء، ويتقدم الصفوف مدافعاً عن تراب وطنه.
واليوم … نرى أبناء الشقاقي وغرسه، يقارع المحتل في غزة وجنين ونابلس وطولكرم وكل بقاع فلسطين، يقاوم ويبتكر يدافع وينتصر.
لكل انطلاقة ظرف تاريخي مختلف عن الأخر، ولعل ما يميز ذكرى الانطلاقة هذه؛ أنها جاءت بعد معركة بأس الاحرار ومعركه بأس جنين، وقبلها وحدة الساحات.
لقد ظنَّ العدو بقتله الشهداء القادة الأبطال؛ خالد منصور والجعبري وطارق عز الدين والحاج جهاد الغنام، أنه سينهي ويخمد بركان السرايا الآخذ بالتصاعد والثوران، ولكن من ينظر إلى غزه ومخيم جنين ونور شمس وجبع وعقبة جبر ونابلس؛ يعلم أن العدو الصهيوني ارتكب خطأً تاريخياً ومفصلياً في تاريخ الصراع.
في السادس من أكتوبر .. سيزداد العدد قناعة أن الجهاد الإسلامي باتت معادلة صعبة وفكرة عصيّة على الانكسار.
سلام على فلسطين .. سلام للأقصى الأسير .. سلام لأرواح الشهداء وتضحيات الأسرى .. ولكل يد مقاومة تضغط على الزناد.