يحتل الإعلام في العقيدة العسكرية لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مكانةً كبيرة ويُعد مكوناً أساسياً في إدارة المعركة الإعلامية والحرب النفسية وصراع الأدمغة بمجابهة الماكنة الإعلامية للاحتلال الإسرائيلي التي تُحاول تشويه صورة المقاومة الفلسطينية وتغييب صورة إنجازاتها، من خلال استغلال هيمنة اللوبي الصهيوني على وسائل الإعلام الرأسمالية في العالم، إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً في إقصاء صوت المقاومة وصورتها التي باتت تُشكل مرحلة متقدمة لها تأثيرها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
هذ المكانة الكبيرة للإعلام الحربي استُمِدَّت من إيمان الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري سرايا القدس بأن الإعلام جزء أساسي وجوهري في المعركة الشاملة مع الاحتلال، وأنه لابد من التكامل والتناغم في الأداء بين الفعل السياسي وبين الفعل الميداني عبر الإعلام الحربي الذي يُعد انعكاساً لأداء المجاهدين في أرض الميدان.
ولم يقتصر دور الإعلام الحربي لسرايا القدس على نقل الحدث فحسب، بل أصبح مؤسسةً متكاملة للتحدي وتفنيد روايات الاحتلال، وتوجيه رسائل التعزيز للجبهة الداخلية الفلسطينية، ورسائل التحذير لجبهة العدو الإسرائيلي، كما تحول الناطق باسم سرايا القدس أبو حمزة إلى رمز وأيقونة وطنية، وبات مصدراً موثوقاً لأخبار المقاومة، وجمعت خطاباته قوة الخطاب وفصاحة اللسان مع ضربات الميدان والضربات الصاروخية، كما يرى مختصون.
ومرَّ الإعلام الحربي لسرايا القدس منذ تأسيسه على يد عضو المجلس العسكري لسرايا القدس الشهيد القائد "خالد منصور"، إذ انطلقت الوحدة بصفتها إعلاماً مقاوماً هدفه الأساسي إبراز صورة "سرايا القدس"، من خلال نشر المواد الإعلامية من بيانات عسكرية، وعروض مرئية، وكليبات، وتقارير خاصة، بمراحل متطورة، وارتقى أداؤها الإعلامي في عهد عضو المجلس العسكري للسرايا الشهيد القائد صلاح الدين أبو حسنين، الذي تولى قيادة وحدة الإعلام الحربي، وساهم بدور ريادي في بناء الإعلام الحربي والارتقاء به؛ ليستلم الراية بعد اغتياله في العام 2014م، عضو المجلس العسكري الشهيد القائد خليل البهتيني، الذي استمر في مسيرة التطور وتعزيز الخطاب الإعلامي المقاوم، فكان له الدور الأول في تطوير ملف الناطق العسكري للسرايا أبو حمزة؛ ليشكل الإعلام الحربي أيقونة كبيرة ومثالاً حياً للنجاح الاستراتيجي للإعلام الفلسطيني المقاوم.
إلى جانب ذلك، قدَّم الإعلامي الحربي ثلة أخرى من قادته ومجاهديه على طريق الجهاد، نذكر منهم الشهيد القائد رامز حرب مسؤول وحدة الإعلام الحربي لسرايا القدس في لواء غزة، والشهيد القائد عبد السمك قائد الإعلام الحربي في المنطقة الشمالية لسرايا القدس، اللذين أحدثا نقلة نوعية في الإعلام المقاوم رفقة مجاهدي الإعلام الحربي، عبر عقليتهم المتقدمة التي راكموها عبر سنوات طويلة من الجهاد والفداء.
وبالرغم من ارتقاء قادة الإعلام الحربي عبر مسيرة طويلة من الجهاد والفداء، لم يَغِب صوت المقاومة ولا صورتها، إذ أَرْسَتْ قيادة الإعلام الحربي الجديدة قواعد هامة عبر الإدارة الذكية والمحكمة في خضم المعارك التي خاضتها، بكل قوة واقتدار، وباستراتيجية جديدة ذكية، وتكتيك إعلامي حكيم ومُتقدِّم من خلال تقسيم اليوم إلى 4 فترات تنشر خلالها الرسائل الجهادية -على حسب ملاحظة ومراقبة الخبراء-، كما عملت على تزويد القنوات الإخبارية العالمية بمشاهد حصرية؛ لإيصال رسائل سرايا القدس وقوتها من المحيط الإقليمي إلى العالمي.
أدار صراع الأدمغة باحترافية
القيادي في حركة أنصار الله اليمنية، ونائب مسؤول الهيئة الإعلامية فيها، ومدير شبكة سبأ الإعلامية، نصر الدين عامر، أكد أن انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي شكَّلت تحولاً في مسار الجهاد والمقاومة لتحرير فلسطين، وكانت نقلة تَحوُّل نوعية في الميدان، إذ رسمت مساراً ومعالمَ واضحة لتحرير فلسطين كل فلسطين.
ومن هنا، يقول عامر لـ"شمس نيوز"، إن حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري سرايا القدس، أيقنت أهميةَ الإعلام بشكل عام، والصورة بشكل خاص، في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي تغييب الرواية الوطنية الفلسطينية، ومحاولة تقديم صورة معكوسة ومشوهة عن الوضع في فلسطين بشكل عام وعن حركات المقاومة بشكل خاص.
ويضيف: "حاول الاحتلال الإسرائيلي عبر ماكنته الإعلامية تصوير المقاومة بأنها عمل إرهابي، وتصوير فصائل المقاومة بأنها مجموعات إرهابية منفلتة، ولكن الإعلام الحربي لسرايا القدس بشكل خاص وإعلام محور المقاومة بشكل عام استطاعوا كسر هذه الصورة وتفنيدها، رغم هيمنة اليهود والصهاينة على وسائل الإعلام في العالم".
وقدَّم الإعلام الحربي صورة حقيقية ومُشاهد مُشرِّفة للمشهد الفلسطيني الحقيقي، واستطاع التأثير وإقناع دائرة واسعة من أبناء الأمة العربية والإسلامية للالتفاف حول المقاومة وتشكيل حصن منيع لها، كما يرى عامر.
ويقول: "تمكَّن الإعلام الحربي لسرايا القدس من شن حرب إعلامية ونفسية واسعة على العدو الإسرائيلي، ونحن في إعلام محور المقاومة نشعر بالفخر والاعتزاز إزاء الإنجازات الكبيرة التي يسطرها الإعلام الحربي."
وتنبع أهمية المواد التي يبثها الإعلام الحربي لسرايا القدس من الاحترافية العالية في إعدادها وتنفيذها، على مستوى النص، والتصوير، والإخراج، كما يشير عامر، وهذا الأمر يَبْرُز في مسارعة وسائل الإعلام المُقاوِمة الإسلامية، أو العربية، أو حتى الإعلام الأجنبي، لعرض جميع المواد التي ينتجها الإعلام الحربي، وتحليلها، والتعليق عليها؛ لتفكيك رسائلها وفهم الغاية منها.
وبالرغم من ارتقاء قادة الإعلام الحربي عبر مسيرة طويلة من الجهاد والفداء، لم يغب الصوت ولم تُطمس الحقيقة، إذ تمكنَّت قيادة الإعلام الحربي الجديدة النهوض في خضم المعركة والملحمة، وأدارت المعركة الإعلامية بكل قوة واقتدار، وباستراتيجية جديدة ذكية من خلال تقسيم اليوم إلى 4 فترات يتم نشر الرسائل الجهادية فيها وفق ملاحظتنا لتسلسل الرسائل في معركة "ثأر الأحرار"، التي استشهد فيها عضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الشمالية لسرايا القدس خليل البهتيني الذي تولى أيضاً قيادة الإعلام الحربي، وهذا ما يدل على حنكة عالية وعقلية فذة من القيادة الجديدة للإعلام الحربي، ويُمثِّل تطبيقاً عملياً لشعار: "سيحمل الراية فارس جديد، وسيخلف القائد ألف قائد"، كما يُوضح عامر.
ويعتبر عامر أن ذلك إنجازاً كبيراً يُحسب للإعلام الحربي، في حين يعتبره الصهاينة خرقاً أمنياً يُلحق الضرر بهم وبروايتهم المكذوبة، كونهم يحاولون احتكار الصورة والرواية.
وتُذكي تصريحات الناطق العسكري لسرايا القدس أبو حمزة، روح المقاومة والفداء في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني، وتنُمُّ عن حكمةٍ عسكريةٍ لدى قيادة الإعلام الحربي لسرايا القدس في إدارة الصراع مع الاحتلال واستنزافه، كما تُشكِّل الكليبات المرئية والأناشيد الحماسية، ووصايا الشهداء، ومختلف المواد التي يبثها الإعلام الحربي، -كما يُؤكد عامر-، عاملاً مهماً في تثبيت الجبهة الداخلية للمقاومة، ونقطة تقدم وتطور لافت ومهم ومحوري في العمل الإعلامي المُقَاوِم.
وأبدى القيادي في "أنصار الله" استعدادهم ومحور المقاومة لمساندة الإعلام الحربي لسرايا القدس بشكل حثيث ومستمر، حتى يصبح طيف إعلام الجهاد الإسلامي أوسع وأوضح وأكثر وصولاً للجمهور العربي والإسلامي، باعتبار أن حركة الجهاد الاسلامي هي العمود الصلب التي تعتمد عليها المقاومة في فلسطين.
ولفت إلى أنه من "واجبنا الديني والأخلاقي والقيمي مساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته، سياسياً وميدانياً وإعلامياً"، مُبيِّناً أنهم سيكونون "على قدر المسؤولية في ذلك؛ ليكون صوت المقاومة نقطة نور في هذا الظلام الدامس الذي تُحاول فرضه قوى محور الشر والاستكبار العالمي".
امتلك أدواته الإعلامية
بدوره، يُؤكد عضو المكتب السياسي لحركة المجاهدين الفلسطينية ومسؤول مكتبها الإعلامي، مؤمن عزيز، أهمية الإعلام المقاوم هو ركيزة أساسية في الصراع مع العدو الصهيوني، أثناء المعارك "الحرب" وما قبلها وما بعدها "السِلم".
ويلعب إعلام المقاومة دوراً مهماً في تعزيز صمود الجبهة الداخلية الفلسطينية ورفع الروح المعنوية لديهم من خلال إبراز قوة المقاومة وإمكانياتها، والترسيخ في أذهان الجميع حقها في الدفاع عن شعبها ومقدساتها، وهو الأمر الذي أتقنه الإعلام الحربي لسرايا القدس، وفقاً لما أوضحه عزيز لـ"شمس نيوز".
هذه الأهمية تتجلى، كما يشير عزيز، في الحرب النفسية والإعلامية، وإطلاق رسائل الرعب والتهديد لكيان الاحتلال، وبث المشاهد الحية لإطلاق الرشقات الصاروخية تجاه مغتصبات العدو، ونقل الصورة الحية للمجاهدين في الميدان الذين حملوا أرواحهم على أكفهم وهم يدكُّون مواقع الاحتلال بقذائف الهاون من أرض الميدان؛ رغم التحليق المكثف للطيران.
ورأى أن حركة الجهاد الإسلامي نجحت في امتلاك أدواتها الإعلامية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ولعبت دوراً بارزاً في نقل صورة المقاومة إلى الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية رغم الماكنة الصهيونية الكبيرة التي كانت تبث سمومها وتُحاول أن تُحرِّف الرواية الفلسطينية.
في هذا السياق، سجَّل الإعلام الحربي للسرايا حضوراً بارزاً في ميدان المواجهة مع المحتل بجانب الوحدات القتالية الأخرى التي كانت في الميدان، وفقَ عزيز، ونجح في إدارة المعركة الإعلامية وتعزيز الخطاب المُقَاوِم، وتثبيت الجبهة الداخلية، ونشر الرواية الفلسطينية ودحض الدعاية الصهيونية الكاذبة.
وأضاف: "استطاع الإعلام الحربي لسرايا القدس بجانب إعلام المقاومة توثيق الخسائر التي يتعرض لها الاحتلال بفعل صواريخ المقاومة، بالصوت والصورة، وإرسال الرسائل إلى جبهة العدو، وهذا نجاحٌ واضح في إطار حرب الأدمغة والحرب النفسية باتجاه جبهة العدو".
وتابع: "كذلك استطاع التعاطي مع المعارك بقوة واقتدار، ونشر كل ما يدور في الميدان من إطلاق رشقات صاروخية ومدفعية وتوجيه الرسائل للعدو والصديق".
إن نجاح الإعلام الحربي في إصدار البيانات والخطابات العسكرية، بالتزامن مع رشقات الصواريخ من الميدان في المعارك التي خاضتها سرايا القدس، وفي نفس التوقيت الذي حددته، كما يُشير عزيز، يُعدُّ ترجمةً حقيقيةً لما تؤكده المقاومة قولاً وفعلاً.
وأوضح عزيز أن الإعلام الحربي لسرايا القدس وإعلام المقاومة بشكل عام أصبح مؤسسةً للتحدي، من خلال ما يُوجِّهه من رسائل للجبهة الداخلة الفلسطينية وجماهير أمتنا العربية والإسلامية، وأيضاً من رسائل للعدو وكيان الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى أن المعركة الإعلامية لاتزال مشتعلة مع العدو في كافة الأوقات والظروف، وبالتالي هناك حاجة دائمة إلى لتطوير أداء إعلام المقاومة وإمكانياتها بشكل فاعل ومستمر، وامتلاك الأدوات الفاعلة لمجابهة الماكنة الإعلامية الصهيونية التي يساندها قوى الشر والظلم في العالم.