في إثر الفشل الاستخباراتي الذريع الذي ظهر أمس السبت، مع عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد كيان الاحتلال، واستمرار الاشتباكات في الداخل الفلسطيني المحتل بعد أكثر من 22 ساعة من دخولهم، بدأت ترتفع الأصوات المعارضة لنتنياهو مجدداً، وهذه المرة لتحميله مسؤولية كل ما حصل، مشبّهة ما حصل اليوم بحرب "يوم الغفران". وكتبت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في افتتاحيتها لليوم الأحد، مقالاً جاء فيه، اتهامات لنتنياهو بالانقلاب على "الجيش" والاستخبارات وإضعافهما، و تسخير المصالح "الوطنية" لإنقاذه من السجن.
فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
المسؤول عن الكارثة التي ضربت إسرائيل في (عيد) فرحة التوراة، واضح ومعروف، بنيامين نتنياهو. رئيس الحكومة، الذي تفاخَرَ بخبرته السياسية العظيمة، وفطنته التي لا بديل عنها في شؤون الأمن.
فشل نتنياهو كلّياً في تشخيص الخطر الذي قاد "إسرائيل" إليه عن علم، عندما أقام حكومة الضم ونهب الأراضي، وعندما عيّن بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير في مناصب مركزية فيها، وكذلك عندما انتهج سياسة خارجية متهورة.
وسيحاول بالتأكيد التنصل من مسؤوليته وإلقاء التهمة على قادة الجيش وأمان والشاباك، حيث إنهم كأسلافهم عشية حرب يوم الغفران (حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973)، شخّصوا احتمالية منخفضة لحرب، وكذلك استعدادهم لهجوم كتائب القسام كان مختلّاً.
لقد استخفوا بالعدو وبقدراته العسكرية. وبعد أيام وأسابيع أخرى، عندما يتبين عمق الاختلالات في "الجيش الإسرائيلي"، وفي مجتمع الاستخبارات، ستثار مطالب محقة للإطاحة بهم ومحاكمتهم.
لكن هذا الإخفاق الاستخباري والعسكري لا يُعفي نتنياهو من مسؤوليته الشاملة عن الأزمة، كونه المقرر الأعلى في شؤون خارجية وأمن "إسرائيل".
نتنياهو ليس جديداً في منصبه مثلما كان إيهود أولمرت في حرب لبنان الثانية، كما أنه ليس جاهلاً بالشؤون العسكرية مثلما قالوا عن غولدا مئير سنة 1973، ومناحم بيغين سنة 1982.
نتنياهو صاغ السياسة التي اعتُمدت في الأيام القليلة لـ "حكومة التغيير" برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد، والتي كانت جهداً متعدد الأبعاد لتحطيم الحركة الوطنية الفلسطينية بذراعيها، في غزة وفي الضفة الغربية، بثمن يبدو محمولاً لـ"لجمهور الإسرائيلي".
في الماضي، سوّق نفسه على أنه دبلوماسي لامع، مرتدع عن الحروب وكثرة القتلى في الجانب الإسرائيلي. أما بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة، استبدل حذره بسياسة "يمين 100%"، واتخذ خطوات علنية لضم الضفة الغربية، وتطهير عرقي في مناطق "سي" في جبل الخليل وفي غور الأردن.
كذلك|، برز نتنياهو في توسيع مكثف للمستوطنات، وتعزيز الوجود اليهودي في جبل الهيكل (الحرم القدسي)، والتبجح بسلام يُحاك مع السعودية لا يحصل فيه الفلسطينيون على شيء، وكلام علني في الائتلاف عن "نكبة ثانية".
لكن كما هو متوقع، مؤشرات الانفجار بدأت في الضفة الغربية، التي شعر فيها الفلسطينيون بثقل يد الاحتلال الإسرائيلي، وحماس استغلت الفرصة من أجل شن الهجوم المباغت.
لكن ما هو أهم من كل ذلك، هو أن التحذير الذي عمّ كل "إسرائيل" في السنوات الأخيرة تحقق بالكامل: رئيس الحكومة المتهم بثلاث قضايا فساد، لا يمكنه الاهتمام بشؤون الدولة، لأن المصالح الوطنية ستُسخر بالطبع لإنقاذه من الإدانة والسجن.
هذا هو السبب في ارتكاب حكومتة الفظائع، وهذا هو سبب الانقلاب على النظام الذي قاده نتنياهو، وإضعف قادة الجيش والاستخبارات، الذين اعتُبروا معارضين سياسيين، والثمن؟ دفعه ضحايا اكتساح النقب الغربي بأجسادهم.