قائمة الموقع

الأيام المقبلة تحمل أخباراً لمصلحة المقاومة في إطار المواجهة المستمرة مع العدو.. ما هي؟

2023-10-12T11:30:00+03:00
خسائر العدو
شمس نيوز - متابعة

الكاتب: زياد غصن

لم تعد خيارات فصائل المقاومة الفلسطينية محدودة كما السابق، فالقدرات العسكرية والفنية المتطورة لهذه الفصائل، والتي ظهر جانب منها في الأيام الأولى لعملية "طوفان الأقصى"، وسّعت دائرة الأهداف الصهيونية الاستراتيجية المحتمل استهدافها خلال المعركة الحالية أو في المستقبل، ما من شأنه أن يعزز أوراق القوة التي تمتلكها فصائل المقاومة، وفي الوقت نفسه يضعف استراتيجية التحصين التي كانت "تل أبيب" تتفاخر بها حتى ما قبل صباح يوم السابع من تشرين الأول الحالي.

وإلى جانب خريطة الأهداف العسكرية الصهيونية المحددة تفاصيلها بدقة متناهية لدى فصائل المقاومة، كما تبين من مجريات الأيام القليلة الماضية، فإن هناك مجموعة واسعة من الأهداف الاقتصادية الحيوية لم يعد استهدافها صعباً أو محكوماً بمدى دقة الصواريخ المستخدمة في الهجوم عليها. وتالياً، فإن الأيام المقبلة قد تحمل أخباراً على هذا الصعيد، وستكون في مصلحة المقاومة في إطار المواجهة المستمرة مع العدو الصهيوني.

ثلاثة سيناريوهات

قبل المرور على نماذج المنشآت الاقتصادية الصهيونية التي يمكن للمقاومة استهدافها واستكمال تغيير "معادلة الردع"، من الضروري توضيح جانب من الإمكانيات والقدرات التي أصبحت المقاومة تمتلكها وتشجعها تالياً على توسيع قائمة أهدافها المحققة أو التي يمكن الوصول إليها وإلحاق الضرر بها.

ولعل الأساليب والخطط المفاجئة والمبتكرة التي اتبعتها فصائل المقاومة في تنفيذ أولى مراحل عملية "طوفان الأقصى" والدخول إلى المواقع العسكرية والمستوطنات في غلاف غزة، تأتي في مقدمة المتغيرات الداعمة لتوسيع خيارات الاستهداف للمراكز والمنشآت الحيوية. 

ومن المؤكد أنّ لدى الفصائل مزيداً من الأساليب والخطط التي سوف تفاجئ الصهاينة مستقبلاً، وهذا أيضاً ما ينطبق على أسلحة المقاومة المستخدمة التي تطورت بشكل واضح مقارنة بالسابق، كالصواريخ الجديدة المطورة من حيث المدى ودقة الإصابة وكمية المتفجرات واستخدام الطائرات المسيرة المذخرة والانتحارية. 

وبناء عليه، يمكن تحديد 3 سيناريوهات لأساليب استهداف المنشآت الحيوية التي كانت "تل أبيب" تعتقد أن فرص تعرضها لهجوم المقاومة ضئيلة. هذه السيناريوهات هي:

- بالنسبة إلى المنشآت الاقتصادية الحيوية البعيدة نوعاً ما عن قطاع غزة، فإن سلاح الصواريخ سيكون الخيار الأنسب. ويلاحظ مع مرور الوقت أن قدرات المقاومة الصاروخية تتطور باستمرار. لذلك، علينا أن نتوقع أن بجعبتها مفاجآت كبيرة على هذا الصعيد، بدليل مثلاً إعلان بعض الفصائل مؤخراً امتلاك صواريخ أرض - جو مضادة للطائرات.

- أيضاً، يمكن استخدام الطائرات المسيرة عن بعد، والتي تبين وجود أعداد كبيرة منها بحوزة فصائل المقاومة، في الهجوم على المنشآت الإسرائيلية الحيوية، ومعظمنا يذكر أنَّ حزب الله نجح قبل نحو عامين تقريباً في إطلاق طائرة مسيرة في فلسطين المحتلة لبضع ساعات وعادت سالمة من دون أن يكتشف العدو الصهيوني وجودها. ولا شك في أن مثل هذه الخبرة نقلها عناصر الحزب إلى المقاومة الفلسطينية.

- هناك سيناريو الهجوم التقليدي المتمثل في دخول مجموعة مقاومين إلى بعض هذه المنشآت وتعطيلها وتدميرها، لكن هنا سيكون لخطة الهجوم الدور الفصل. وبحسب ما ظهرت عليه عناصر المقاومة في اقتحامها المواقع العسكرية الإسرائيلية المحصنة، فإن المرحلة المقبلة ستعيد إلى الذاكرة ألق العمليات الاستشهادية التي دبت الرعب في أوصال الكيان الغاصب خلال التسعينيات.

ضربة قاصمة

لائحة الأهداف الاقتصادية المهمة التي نتحدث عنها ليست سرية أو جديدة، فهي عادة ما تكون حاضرة في جميع الحروب والنزاعات على اختلاف أشكالها وأهدافها، لكنها في حال المواجهة مع العدو الصهيوني بقيت بعيدة نوعاً ما عن الاستهداف المباشر والمؤثر لأسباب متعلقة بإمكانيات فصائل المقاومة سابقاً وأولوياتها المرحلية. 

ولعل أهم هدف يمكن أن يؤثر عميقاً في الاقتصاد الإسرائيلي يتمثل في إمكانية استهداف بعض منشآت إنتاج الغاز في البحر المتوسط، التي تؤكد البيانات أنها تنتج ما يزيد على 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً، وسيكون لتعطيلها عن الإنتاج تداعيات كارثية على قدرة "تل أبيب" على توفير الغاز لنحو 6 محطات لإنتاج الطاقة، فضلاً عن إيقاف صادراتها نحو بعض دول المنطقة والعالم.

وهناك تجارب ناجحة في هذا السياق، منها استهداف الجيش اليمني بطائرات مسيرة منشآت نفطية سعودية، وإجبار حزب الله "تل أبيب" على الرضوخ لمطالبه والاعتراف بحقوق لبنان الغازية في مياهه الإقليمية المحاذية للمياه الإقليمية للأراضي العربية المحتلة. 

في المجال نفسه، يمكن الإشارة إلى مجمع حيفا للصناعات البتروكيميائية الذي يضم مجموعة منشآت استراتيجية نفطية وكيماوية، وهو واحد من أهم المنشآت الاقتصادية التي يمكن أن تستهدفها فصائل المقاومة، إما عبر الصواريخ النوعية وإما الطائرات المسيرة، وخصوصاً أن عناصر المقاومة الإسلامية في لبنان كانوا قد قصفوا المجمع بصورة مباشرة عام 2006 في إثر عدوان "إسرائيل" على لبنان.

وبغض النظر عن طبيعة الخسائر التي يمكن أن تنجم حالياً عن استهداف المجمع في ضوء إعلان "تل أبيب" العمل على إخلاء المجمع مع بداية عملية "طوفان الأقصى"، إلا أن مجرد نجاح المقاومة باستهداف المجمع يعني تثبيت قواعد جديدة للمعركة مع الكيان الصهيوني ومحاصرة خياراته التقليدية القائمة أساساً على محاولة الضغط على المقاومة من خلال استهداف البنى التحتية والأبنية السكنية في قطاع غزة والضفة الغربية.

أكثر من ذلك، فإن النجاح في استهداف حيفا كمدينة ومنشآت حيوية يهدد في حالة عدم الاستقرار مستقبل المشاريع الصهيونية والإقليمية والدولية الرامية إلى تحويل التجارة الشرق أوسطية من المرافئ التركية والسورية واللبنانية إلى مرفأ حيفا، وإلحاق الضرر بمذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون بين الشركات الإسرائيلية وبعض الشركات الإقليمية، العربية وغير العربية، ولا سيما في مجال الصناعات البتروكيماوية.

وتحضر منشآت النقل الجوي والبري والبحري كأهداف رئيسية لعمليات المقاومة، وهذا ما حدث بالفعل خلال الأيام القليلة الماضية مع استهداف مطار بن غوريون وإخراجه عن العمل مؤقتاً، سواء بفعل إيقاف شركات الطيران الخارجية رحلاتها الجوية من وإلى "إسرائيل"، أو نتيجة تخوف شركات الطيران الصهيونية من تعرض طائراتها للإصابة بصواريخ المقاومة التي تطير في سماء الأراضي العربية المحتلة مع فشل القبة الحديدية في اعتراضها، وعلى عكس ما كانت تروج وزارة العدوان الصهيونية، والأمر نفسه ينطبق على المناطق الصناعية الكبرى التي بات معظمها في مرمى الصواريخ الفلسطينية، أو هي فعلياً في حسابات المقاومة، لكنها لم تترجم عملياً.

في العموم، يمكن القول إن تطور إمكانيات فصائل المقاومة يرفع احتمال دخول العديد من المنشآت الاقتصادية الصهيونية، كبيرة كانت أم صغيرة، في دائرة الاستهداف في المعركة الحالية أو خلال الفترة المقبلة، وهو تطور سيحمل معه للاقتصاد الصهيوني مزيداً من الخسائر على مختلف المستويات، والأهم أنه سيجبر قادة الاحتلال على إعادة حساباتهم في ظل الخيارات التي باتت حدودها تضيق يوماً بعد يوم مقارنة بالسنوات السابقة، إذ كانت قوات الاحتلال الإسرائيلية تعتقد أن سقف اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني ومناطقه ومنشآته وبناه التحتية مفتوح.

المعطيات هي الأساس

ليس ما سبق مجرد سرد رغبوي لما نتمنى حصوله في المواجهة الحالية أو المستقبلية مع الكيان المحتل، إنما هناك عاملان أساسيان يعززان طرح الفرضيات السابقة: العامل الأول أن استراتيجية عمل فصائل المقاومة تستند إلى التطوير المستمر لإمكاناتها الذاتية وما تتطلبه المعركة المستمرة مع الكيان الصهيوني... لذلك، فإننا سنكون على موعد قريب مع دخول المزيد من المنشآت الصهيونية الحيوية دائرة الاستهداف، والعامل الآخر يتمثل في الأهمية الكبرى المنبثقة من تحييد بعض هذه المنشآت، وأثر ذلك المباشر وغير المباشر في الاقتصاد الصهيوني وقدرة الكيان على تحمل الخسائر.

اخبار ذات صلة