أثارت التلميحات الإيرانية بتوسيع جبهات المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي ما لم يوقف الأخير عدوانه على غزة، تساؤلات عن احتمال دخول إيران على خط "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، انطلاقاً من الجبهة السورية، على اعتبار أن سوريا تسجل تواجداً كبيراً للقوات والميليشيات الإيرانية.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد ألمح، الأحد، في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى توسع نطاق المواجهة ما لم يتوقف العدوان على غزة.
وتابع رئيسي: "إن لم يتوقف قتل الشعب وحصار غزة سيتعقد الوضع، ويتسع المشهد".
وقبل رئيسي، كان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد قال من العاصمة القطرية الدوحة إن لم يتوقف العدوان على غزة، فإن اتساع جبهات الحرب غير مستبعد، ويزداد احتماله كل ساعة.
وأضاف أنه "لا أحد يمكنه ضمان السيطرة على الوضع إذا شنت إسرائيل هجوماً برياً على قطاع غزة"، مؤكداً أن طهران أبلغت دولة الاحتلال الإسرائيلي عبر داعميه أنه إذا لم تتوقف جرائمه في غزة، فإن غداً سيكون متأخراً.
وسبق التهديدات الإيرانية، تحركات عسكرية للميليشيات الإيرانية في سوريا، من حيث عمليات الانتشار بمناطق قريبة من جبهة الجولان السوري المحتل في الجنوب، وزيادة استقدام التعزيزات من العراق.
ومع دخول "طوفان الأقصى" يومها العاشر، واستمرار المجازر والانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد المدنيين في غزة، لا يستبعد مراقبون أن يتسع نطاق المواجهة.
"سوريا تمتلك قابلية التحرك الإيراني"
يرى الباحث والخبير بالشأن الإيراني ضياء قدور، أن كل المحاور التي ينشط فيها وكلاء إيران الإقليميين بما في ذلك سوريا والعراق ولبنان وحتى اليمن، تمتلك قابلية أن تكون منطلقاً للتحرك العسكري الإيراني ضد "إسرائيل".
وأضاف لـ"عربي21" أن "هذا التحرك العسكري يمكن أن يشمل جملة من الأدوات العسكرية المختلفة كالصواريخ والمسيرات الانتحارية وغيرها، مستدركاً: "لكن دون أن يتطور لحرب مفتوحة".
وفي رأي قدور، فإن هذا التحرك العسكري غير كاف بأي حال من الأحوال، ولا يتناسب مع الشكل الصارخ الذي تجري فيه الأحداث في غزة.
وقال إن "عقدة غزة تلاحق إيران في الوقت الحالي، حيث وُضعت طهران في عنق الزجاجة ما بين عدم رغبتها في التدخل المباشر لإنقاذ وضع حافة الهاوية هناك، وما بين فشل استراتيجي محتمل يتمثل بنجاح الاحتلال في الانتهاء من الوجود المسلح في غزة"، مضيفا: "لذلك تجد المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك الرئيس الإيراني ووزير الخارجية وقادة الحرس الثوري، يكثرون من التصريحات الصاروخية، والتي ينظر لها على نطاق واسع أنها بمثابة تبرير وجلد للذات".
وكان جيش الاحتلال قد أعلن عن تعرض منطقة الجولان السوري المحتل لقذائف هاون من الأراضي السورية، وكذلك عن اعتراضه صاروخاً في منطقة الجليل الأعلى، جرى إطلاقه من سوريا، ورد جيش الاحتلال بقصف مطاري دمشق وحلب لمرتين في غضون يومين، أخرجهما عن الخدمة.
"لبنان وبعدها سوريا"
من جهته، يرى الكاتب والباحث المهتم بالشأن الإيراني عمار جلو، أن الصدام المباشر بين إيران والاحتلال يبقى وارداً في حال حصل خطأ في تقدير ردة فعل كل طرف للطرف الآخر.
ويضيف لـ"عربي21" أن لبنان هي مرشحة لأن تكون ساحة مواجهة مباشرة بين إيران والاحتلال، ومن ثم سوريا، متسائلاً: "لكن هل سيوافق النظام السوري على فتح جبهة الجولان"؟ ويجيب: "أستبعد ذلك، لأن النظام يبدو في الوقت الحالي غير آبه بأولويات "محور المقاومة"، وخصوصاً إذا تعارضت مع مصالحه الذاتية، ومصلحة النظام حالياً مع عدم فتح الجبهة مع إسرائيل".
وبذلك، يعتقد جلو أن "التهديدات الإيرانية هدفها إعادة حسابات الاحتلال، وكذلك لرفع الحرج عنها، وخاصة في ظل عدم وجود مواقف عربية قوية".
وما يدعم توقعات جلو لجهة رفض النظام فتح جبهة الجولان، قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، إن القيادة العسكرية في جيش النظام السوري أوعزت إلى جميع قواتها وعناصرها المنتشرة قرب الشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتل، بعدم إطلاق أي رصاصة أو قذيفة نحو الاحتلال.
وتابع المرصد بأن "إيعاز القيادة العسكرية شمل جميع قوات النظام المنتشرة على الشريط الحدودي في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، والتي لها خطوط تماس مباشر مع الأراضي المحتلة"، ولم تعلق مصادر النظام على الأنباء التي أوردها المرصد.
وثمة من يؤكد أن إيران لا تمتلك قرار الجبهات السورية العسكرية بشكل كامل، حيث تعتبر روسيا المتحكمة الأولى بها، ويبدو أن دخول سوريا على خط المواجهة مع الاحتلال يتعارض مع مصالح موسكو، وفق تأكيد مراقبين.