هل تخيّلت يوماً أن يكون أكثر ما تخشاه أن لا يتم التعرف عليك في حال قتلت مع جميع أفراد أسرتك في قصف عنيف ضمن حرب مدمرة؟
هذا حال أطفال نازحين من منازلهم في مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفيات قطاع غزة، قرروا كتابة أسمائهم على أيديهم حتى يسهل التعرف إليهم إذا استشهدوا مع جميع أفراد عائلاتهم في ظل الغارات الإسرائيلية المكثفة المستمرة على غزة.
وتواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري شن غارات مكثفة على قطاع غزة مخلفة آلاف القتلى والجرحى من المدنيين، وتقطع عنها إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية، ما أثار تحذيرات محلية ودولية من كارثة إنسانية مضاعفة.
وردا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة.
واتخذ الأطفال الفلسطينيون تلك الخطوة لوجود العديد من الجثامين لم يتم التعرف إلى أصحابها بعد مقتلهم في قصف إسرائيلي، وخاصة في مستشفى "المعمداني" الذي ارتكبت إسرائيل، الثلاثاء، مجزرة بداخله.
وظهر الأربعاء، ذكرت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة "المجزرة الإسرائيلية" التي استهدفت المستشفى المعمداني، يوم الثلاثاء، بلغت 471 قتيلا، و28 جريحا بحالة حرجة.
وفي مستشفى الشفاء بمدينة غزة يكتب أحمد أبو السبع (35 عاما)، اسمه وأسماء الأطفال من أبنائه وأقاربه على أيديهم.
وقال أبو السبع لمراسل وكالة "الأناضول": "نكتب أسماءنا على أيدينا وأسماء أبنائنا على أيديهم للتمكن من التعرف إلى جثثنا إذا قصفتنا طائرات الاحتلال". وأضاف: "هناك العديد من الشهداء وخاصة الأطفال يصعب الوصول لذويهم"، ولفت إلى أن "الاحتلال لا يميز بين أحد ويقصف في كل مكان".
وتسابق مئات الأطفال في المستشفى لتسجيل أسمائهم على أيديهم.
ونزح آلاف الفلسطينيين إلى مستشفى الشفاء، غرب مدينة غزة، بسبب قصف إسرائيل منازلهم، كما يخشى النازحون من أن تقصف الطائرات الإسرائيلية المستشفى مثلما فعلت بمستشفى المعمداني.
ويعيش هؤلاء واقعا إنسانيا صعبا ولا يمتلكون أدنى مقومات الحياة بسبب الحرب.
ومنذ بداية الحرب، قتلت غارات إسرائيل 3478 فلسطينيا في غزة، بينهم أكثر من ألف طفل، وأصابت أكثر من 12 ألف آخرين، وتواصل قطع إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء عن القطاع، الذي يسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.
فيما قتلت المقاومة الفلسطينية ما يزيد عن 1400 إسرائيلي وأصابت نحو 4629، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية، كما أسرت ما بين 200 و250 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون "إسرائيل".