قائمة الموقع

الدمار الذي يلحقه الكيان بغزة يضع مصر أمام أكبر مخاوفها!

2023-11-06T23:11:00+02:00
شمس نيوز -

تشعر القاهرة بقلق متزايد من قيام "إسرائيل" بتهجير سكان غزة قسراً إلى شبه جزيرة سيناء، ومن أن ينقلب الدعم الكبير للقضية الفلسطينية ضد الحكومة.

الهجوم العسكري "الإسرائيلي" الوحشي على غزة يضع مصر في موقف حساس على نحو متزايد. منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، حين شنَّت حماس هجومها على "إسرائيل"، اضطرت القاهرة إلى إدارة إرسال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وإجلاء الأجانب والتوسط مع قطر لإطلاق سراح الرهائن "الإسرائيليين". وفي الوقت نفسه، يتعين عليها أيضًا التعامل مع الاحتجاجات الداخلية والغضب الشعبي في خضم الأزمة الاقتصادية.

منذ البداية، قالت القاهرة إن أي قرار يهدف إلى ضمان السلام والاستقرار على المدى الطويل في المنطقة يجب أن يبنى على أساس حل الدولتين وإنهاء الإجراءات "الإسرائيلية" الأحادية الجانب. لكن على المدى القصير، فإن موقف السلطات المصرية في مواجهة التدهور الهائل للوضع في ساحتها الخلفية يتشكل من خلال اعتبارات الأمن القومي، ورغبتها في البقاء لاعبًا مؤثرًا في المنطقة، خاصة في نظر الولايات المتحدة، والمخاوف من أن ينقلب التضامن الداخلي مع فلسطين ضدهم.

أحد السيناريوهات الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لمصر هو احتمال قيام "إسرائيل" بتهجير الفلسطينيين قسراً من غزة إلى شبه جزيرة سيناء. الحقيقة هي أنه منذ بداية الهجوم العسكري على غزة، طرحت "إسرائيل" هذا الخيار علناً من خلال القنوات الدبلوماسية. وقد تزايدت المخاوف بشأن هذا الاقتراح في البداية بعد أن ادعى مسؤولون أمريكيون كبار أنهم يتفاوضون على فتح ممر آمن للمدنيين لمغادرة غزة، على الرغم من أن المحادثات قد فترت في الأيام الأخيرة.

ترفض السلطات المصرية هذه الفكرة رفضًا قاطعًا لأنها لا تريد أن تكون متواطئة في التهجير القسري لسكان غزة، وهي النتيجة التي من شأنها أن تضع حدًا لآمال الفلسطينيين في إنشاء دولة فلسطينية تضم قطاع غزة. تصر القاهرة على أن "إسرائيل"، باعتبارها القوة المحتلة، هي المسؤولة عن القطاع، وأن التركيز يجب أن يكون منصباً على حماية المدنيين.

يقول الدبلوماسي محمد حجازي، مستشار وزارة الخارجية المصرية السابق: "مصر تفتح حدودها أمام الجرحى في غزة، ولطلبة التعليم، ولجميع الجنسيات في قطاع غزة. لكن التهجير القسري، خضوعاً لإرادة دولة احتلال تريد تصفية القضية بالتواطؤ مع حكومات غربية ودولية، أمر ترفضه مصر، وستعمل على إفشال هذه المخططات".

وتشعر مصر بالقدر نفسه من القلق، أو أكثر، من أن التهجير القسري للفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء سيشكل تهديداً للأمن القومي للبلاد. فمن ناحية، يمكن للفصائل الفلسطينية المسلحة أن تهاجم "إسرائيل" من الأراضي المصرية، الأمر الذي سيعطي "إسرائيل" أسباباً لمهاجمة الأراضي المصرية. وفي الوقت نفسه، يمكن لهذه الفصائل إعادة تنشيط الجماعات المتطرفة في شمال سيناء، تمامًا بعدما تمكنت مصر أخيرًا من إعادة تأكيد سيطرتها على المنطقة بعد حرب وحشية استمرت عقودًا ضد الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية، الذي ضم العديد من الأعضاء من غزة.

يحذر مهند صبري، الخبير الأمني في شبه جزيرة سيناء: "ستعيد الفصائل المسلحة [الفلسطينية] بناء قدراتها بدرجة أكبر بكثير داخل مصر، لأنه سيكون لديها حدود أكبر بكثير، ومساحة أكبر بكثير، وسيكونون في سيناء، حيث تأتي الأسلحة". ويضيف: "في تلك اللحظة، يمكنك أن تقول وداعاً لاتفاقيات السلام [بين مصر وإسرائيل]".

الإعفاء من الديون

العرض الرئيسي الذي يتم اقتراحه لإغراء السلطات المصرية بقبول التهجير القسري للفلسطينيين هو إلغاء كبير لديونها في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية خطيرة. لكن القاهرة تعارض هذا الخيار بشدة؛ في 31 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن خطة خمسية جديدة لتطوير شمال سيناء.

تثير الشائعات حول الترحيل القسري لسكان غزة المخاوف أيضًا، لأنه، على عكس ما تقترحه السلطات الإسرائيلية، فإن شمال شرق سيناء ليس صحراء فارغة. خلال العقد الماضي، وفي إطار حملتها لمكافحة الإرهاب، أنشأت مصر منطقة عازلة حول الحدود مع غزة، حيث هدمت آلاف المنازل وطردت عشرات الآلاف من الأشخاص. وأثار احتمال تهجير سكان غزة قسراً إلى تلك المنطقة احتجاجات في الأسابيع الأخيرة، حيث طالب مئات السكان بحقهم في العودة، وفقاً لجماعات حقوق الإنسان المحلية.

يقول صبري: "لم تكن شمال سيناء فارغة أبدًا، بل كانت دائمًا مكتظة بالسكان".

ويضيف: "كان الجيش [المصري] قد وعد النازحين في سيناء بالعودة إلى أراضيهم في 10 أكتوبر/تشرين الأول، وهو الأسبوع الذي بدأت فيه الحرب.. مصر لديها مشكلة داخلية متفاقمة مع هؤلاء السكان النازحين".

ويقول عمر شعبان، مدير مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية في غزة، إن اقتراح التهجير القسري "يواجه أيضًا معارضة تامة من قبل الفلسطينيين". بالفعل، يشير شعبان إلى أن هناك المئات من الفلسطينيين في مصر ينتظرون العودة إلى غزة، وأن جزءًا كبيرًا من السكان في شمال غزة رفضوا الأمر الإسرائيلي بالمغادرة إلى الجنوب.

دبلوماسيًا، ساهمت العلاقات الأمنية والسياسية المصرية مع إسرائيل وحماس في جعل مصر وسيطًا رئيسيًا في أوقات الأزمات في غزة. ففي العام 2021، على سبيل المثال، تمكنت مصر من التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعد 11 يومًا من القصف على غزة. وهو ما سمح لها برفع مكانتها في المنطقة، خاصة في أعين واشنطن.

حدود النفوذ المصري

لكن حجم الأزمة الحالية كشف عن حدود النفوذ المصري. على الرغم من جهودها المتواصلة، فإن مصر لم تتمكن من وقف دوامة العنف في غزة. علاوة على ذلك، فإن صورتها كوسيط فعال في القضايا الحساسة، مثل إطلاق سراح الرهائن المختطفين في غزة، قد طغى عليها تدخل قطر، التي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع الذراع السياسي لحماس ومع الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن النجاح النسبي الذي حققته مصر في إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتنسيق إجلاء الأجانب، وتنظيم قمة دولية لمعالجة الوضع - حتى لو انتهت دون اتفاق أو بيان مشترك - سمح لمصر بالاستفادة من موقعها الاستراتيجي، والحفاظ على بعض السيطرة على جدول الأعمال.

على الصعيد الداخلي، يشكل الهجوم "الإسرائيلي" على غزة والجرائم المسجلة تحدياً سياسياً كبيراً للسلطات المصرية، التي تضطر إلى الحفاظ على توازن متزايد الصعوبة بين علاقاتها مع "إسرائيل" والغرب والدعم الشعبي الساحق للقضية الفلسطينية.

حتى الآن، حاولت السلطات توجيه الغضب الواسع النطاق إلى مظاهرات خاضعة للرقابة، لكنها عززت أيضًا الإجراءات الأمنية خوفًا من أن تنقلب موجة الغضب الجماعي والإحباط هذه ضدها.

في الأسابيع الأخيرة، اندلعت احتجاجات كبيرة في الجامع الأزهر، أحد أهم المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، وقامت النقابات والجمعيات المهنية والمنظمات الطلابية بتعبئة جميع المجموعات التي تعرضت لقمع شديد في العقد الماضي . كما جرت احتجاجات في ميدان التحرير الشهير في القاهرة، مركز ثورة 2011.

يقول ماجد مندور، المحلل السياسي المصري: "القضية الفلسطينية قضية معقدة للغاية داخل مصر نفسها". ويشير إلى أن "[الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي] في وضع معقد للغاية، لأنه لا يستطيع حقًا تلبية المطالب التي يطالب بها "الإسرائيليون" والأمريكيون". ويقول إن الرئيس يحقق "توازناً صعباً للغاية"، مضيفا أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت.

 

العنوان الأصلي: Israel’s devastation of Gaza puts Egypt before its greatest fear

الكاتب: MARC ESPAÑOL

المصدر: EL PAIS

التاريخ: 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2023

 

اخبار ذات صلة