قائمة الموقع

ضغوط "إسرائيل" حيال صفقة التبادل المفقودة.. بين حاجات الحاضر واعتبارات المستقبل

2023-11-15T16:35:00+02:00
شمس نيوز -

في اليوم الأربعين للحرب الكونية على غزة، تَتَوَاصَلُ الأنباء والتصريحات والتسريبات الصحفية عن قرب إنجاز صفقة تبادل بين "إسرائيل" وحركة “حماس”، فما مدى قربها من الواقع وهل تخلو من محاولات التضليل المتعمّد والتخدير؟ ما الذي يدفع "إسرائيل" لتلبية ضغوط عائلات المحتجزين في غزة باستعادتهم الآن بدلاً من مواصلة الزعم بأن الحملة البريّة تقصر الطريق لهذه الهدف أيضاً؟

صفقة وشيكة؟

تتواصل التسريبات عن الصفقة المفقودة، فقد نقلت الإذاعة العبرية، اليوم الأربعاء، عن مصدر إسرائيلي وصفتْه بالرفيع قوله إن هناك تقدماً هاماً في مفاوضات من أجل إنجازها، مرجّحا شقّ طريق لها في غضون 48 ساعة، لكن مصادر عبرية أخرى تتحدث عن أن الهوة بين موقفي الطرفين ما زالت كبيرة.

وتقول صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم، إن "إسرائيل" تريد الإفراج عن 80 محتجزاً على الأقل، مقابل أسرى فلسطينيين مسنّين، أعمارهم 68 سنة فما فوق، دون الكشف عن عددهم، وهدنة لثلاثة أيام، وفي المقابل تطالب “حماس” بعدد أكبر من الأسرى مقابل عدد أقل من المحتجزين وهدنة لخمسة أيام، وكمية أكبر من الوقود، وهذا ما ترفضه سلطات الاحتلال. وتقول مصادر صحفية عبرية أن رئيس “الشاباك”، بعد رئيس “الموساد”، يقوم بزيارات ولقاءات في القاهرة مع وزير المخابرات عباس كامل أيضاً، لا الدوحة فحسب، من أجل استنفاد مساعي عقد صفقة، علاوة على مسؤولين أمريكيين يتحركون علانية في المنطقة، ويقال إن الصفقة المطروحة هي عنوان نشاطاتهم.

وتزداد الأصوات "الإسرائيلية" الداعية للسعي الحقيقي لاستعادة المحتجزين عبر صفقة تبادل، وتكرّس صحيفة “هآرتس” افتتاحيتها لهذا الهدف تحت عنوان “صفقة الآن”. وتعلّل موقفها هذا بالقول إنه لا بدّ من استعادتهم فوراً، وذلك من أجل هؤلاء النساء والأطفال والمسنّين والجنود، من أجل عائلاتهم التي يلازمها كابوس وتعيش جحيماً متواصلاً، ويكاد هؤلاء يمسهم جنون، من أجل الجماعة التي ينتمون لها، ومن أجل آلاف من عائلات القتلى. وتلمح “هآرتس” أيضاً إلى أن الإفراج عن المحتجزين الآن يخدم أيضاً مصلحة الأمن القومي، لأن إهمالهم يعني ضربة لوعي "الإسرائيليين" ممن سيقولون لأنفسهم إنهم هنا غير آمنين، ولا يوجد أمل باستعادتهم في حال وقعوا في مأزق خطير كهذا.

وحملت المعلقة السياسية في “هآرتس” عنات كام، في مقالها اليوم، على حكومة نتنياهو، وتقول إنها تكذب هنا، وتتعامل مع "الإسرائيليين" باستخفاف. وتضيف مخاطبةً حكومتها: “إذا قررتم التضحية بالمحتجزين، فلا بد من البوح بالحقيقة. حتى الآن ما زالت "اسرائيل" تتعامل مع مواطنيها كقاصرين مع احتياجات خاصة، ولا تقول لهم الحقيقة”.

مكاسب “حماس” من الصفقة

ويزداد عدد السياسيين "الإسرائيليين" الداعمين للإفراج الفوري عن المحتجزين مع ما يترتّب على ذلك من أثمان، ومنهم النائب عن حزب “هناك مستقبل” المعارض رام بن براك، الذي قال للإذاعة العبرية، اليوم، إن على "إسرائيل" استعادتهم اليوم. فيما تقول سلطات الاحتلال إن استمرار التوغّل البري يخدم الهدف باستعادة المخطوفين، سئل بن براك إذا كان ذلك تحت أي ثمن، فقال إنه لا يفضّل الحديث بهذه المعادلات، لكنه يؤمن بأهمية قيام "إسرائيل" فعلاً بمحاولة الإفراج عنهم اليوم.

بن براك، الذي دعا، أمس، مع النائب في “الليكود” داني دانون، لترانسفير طوعي في غزة، ضمن مقال مشترك نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، حاول اليوم تخفيف وطأة دعوته العنصرية بقوله إنه يدعو لاحترام حق الشباب في غزة، وإنه يؤيد دولة فلسطينية.

وفي المقابل، هناك سياسيون إسرائيليون كثر يتهرّبون من اتخاذ موقف واضح من صفقة تبادل فورية، ويكتفون بصياغات فضفاضة تتحاشى المساس بعائلات المحتجزين.

في المستوى غير الرسمي تجد دعوة عائلات المحتجزين تأييداً متزايداً، ومن مؤيديها الباحث "الإسرائيلي" البارز في الشؤون الفلسطينية في جامعة تل أبيب دكتور ميخائيل ميليشتاين، الذي يقول إنه واع لمنافع تجنيها “حماس” من مثل هذه الصفقة، لكن لا بد منها، لأن الأمور بخواتيمها.

ويضيف ميليشتاين، الذي عمل باحثاً مركزياً في الاستخبارات العسكرية في الماضي: “الصفقة مكسب هام لحماس. على مستوى الوعي تتمة لـ “طوفان الأقصى”، كحدث تاريخي مؤسّس في تاريخ الصراع مع الصليبيين والصهاينة، كما سيقول سنوار لاحقاً. في مثل هذه الصفقة غير الكاملة تتطلع “حماس” لاقتناء وقت، لأنها باتت تدرك أن المعركة طويلة، مع الاحتفاظ بـ “أوراق ضغط”، إضافة للإفراج عن نساء وقاصرين فلسطينيين من السجون "الإسرائيلية". بحال استكمال صفقة جزئية من المرجّح أن تطرح “حماس” مستقبلاً الصفقة الكاملة من خلال استغلال ورقة الجنود الأسرى "الإسرائيليين" في قبضتها من أجل وقف الحرب.

وكرّر ميليشتاين تأييده لصفقة، رغم أثمانها، فقال، في حديث للإذاعة العبرية: “سنرى صورة مزعجة عندما يتم إطلاق مخربين من السجون، لكن هذا يبقى مرحلياً، وبعدها ستعود إسرائيل لمهمتها المركزية: تدمير حماس. والأمور في خواتيمها، والصورة النهائية هي الأهم”.

مع ذلك، ليس مؤكداً أن تقبل إسرائيل بمثل هذه الصفقة الجزئية، ومن غير المستبعد أن تواصل الثرثرة دون جهد حقيقي لإتمامها، إلا إذا تعاظمت احتجاجات عائلات المحتجزين، وانضم عددٌ كبير من "الإسرائيليين" لها، تزامناً مع ضغوط خارجية، خاصة من جهة الإدارة الأمريكية التي تبدي نوعاً من التململ المعلن، لكنها ما زالت تعطي "إسرائيل" فرصة لمواصلة الحرب.

اخبار ذات صلة