أتمّت الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة، شهرها الثاني، بالتزامن مع تقسيم جيش الاحتلال جهده الهجومي على منطقتَي شمال قطاع غزة وجنوبه. وفي الميدان اليوم، 3 عمليات توغّل بري: الأولى من الشمال الغربي في اتجاه مخيم جباليا، والثانية من الشرق في اتجاه الشجاعية، وكلتاهما في الشمال، والثالثة من الشرق في اتجاه خان يونس، وهذه في الجنوب. وفي ظل ذلك، تدور اشتباكات عنيفة ومتصاعدة بين المقاومة وقوات الاحتلال، مع ارتفاع واضح في درجة الاحتكاك الميداني المباشر، حيث باتت غالبية الاشتباكات، التحامات بالفعل، ومن مسافة صفر.
ومع حلول مساء الأمس، قالت «كتائب القسام»، وفي حصيلة الثلاثاء فقط، إنها أحصت «تدمير 24 آليةً عسكريةً كلياً أو جزئياً فقط في محاور القتال في مدينة خانيونس»، وإن مقاوميها استهدفوا «18 جندياً بالهجوم المباشر». كما «أوقع قنّاصة القسّام 8 جنود بين قتيل وجريح، ونسفوا منزلاً تحصّنت فيه قوة خاصة بالعبوات، فيما أوقعوا قوة أخرى في حقل ألغام أُعدّ مسبقاً، ودكّوا التحشّدات العسكرية بمنظومة رجوم قصيرة المدى، ووجّهوا رشقات صاروخية مكثّفة نحو أهداف متنوعة وبمديات مختلفة إلى أراضينا المحتلة».
وفي المقابل، دوّت صافرات الإنذار في عدد من مستوطنات غلاف غزة والوسط وتل أبيب، بينما وصلت بعض الصواريخ إلى قلب تل أبيب التي شهدت انفجارات عديدة. وكان الجيش "الإسرائيلي" أعلن، أمس، ارتفاع عدد الضباط والجنود القتلى إلى 84 منذ بدء العملية البرية في غزة، وإلى 408 منذ هجوم 7 أكتوبر.
في هذا الوقت، قالت «القناة 11» العبرية إن الرقابة العسكرية سمحت بالحديث عن أن «الجيش يتعقّب الأنفاق بين قطاع غزة وسيناء لمنع أي تسلّل». وفي السياق، وصف المتحدث باسم الحكومة "الإسرائيلية"، إيلون ليفي، الأنفاق التي تستخدمها حركة «حماس»، بأنها «فريدة من نوعها». وقال ليفي إن حكومة بنيامين نتنياهو «ملتزمة بتحقيق أهداف الحرب بما في ذلك إطلاق الرهائن وإنهاء حكم حركة حماس».
أيضاً، نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية عن مسؤول "إسرائيلي" قوله إن «تدمير أنفاق غزة أشبه بالخيال العلمي، رغم ما تنفقه الحكومة "الإسرائيلية" من موارد لإيجاد حلول لتحقيق هذا الهدف». وكشف المسؤول أن تل أبيب «تلقّت مساعدة أميركية قدرها 320 مليون دولار مخصّصة لتقنيات مكافحة الأنفاق لكن من دون جدوى»، حسب تعبيره. كما قال المسؤول الذي رفض الإفصاح عن هويته إن «حماس تعلّمت من الهجمات والحروب السابقة»، واصفاً ما «أنشأته حماس تحت قطاع غزة بأنه يتعدّى وصف الأنفاق، وهو أشبه بمدن تحت الأرض». وتابع أن «تقديرات الجيش "الإسرائيلي" تشير إلى أن شبكة أنفاق حماس بغزة أكبر من شبكة قطار أنفاق لندن».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال»، قد نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «إسرائيل أقامت نظاماً كبيراً من المضخّات قد يُستخدم لغمر الأنفاق التي تستخدمها حركة حماس أسفل قطاع غزة». وكانت قوات الاحتلال، زعمت قبل يومين، أنها عثرت على أكثر من 800 من فتحات الأنفاق في قطاع غزة منذ بدء العملية البرية الحالية، مضيفةً أنها «دمّرت نحو 500 من فتحات الأنفاق باستخدام متفجّرات لتدمير أنفاق طولها عدة كيلومترات".
على خطٍّ موازٍ، وبعد يومين من الأخذ والرد، وتأخير المواعيد، التقت عائلات الأسرى "الإسرائيليين" لدى المقاومة، بـ«كابينت الحرب» في تل أبيب. وبحسب «القناة 13»، فإن «الاجتماع كان صعباً جداً بكل معاييره، وستتبعه ردّات فعل تنعكس على نشاطهم في الشارع والضغط على صانع القرار، ولا سيّما الكابينت الموسّع»، في الكيان. وبحسب القناة نفسها، شهد الاجتماع «اشتباكات بالأيدي بين أهالي الأسرى، وتدافعاً في ما بينهم، ومع مجلس الحرب، وصراخاً وبكاء».
وأضافت القناة، في تقريرها، أن نتنياهو ردّ على أهالي الأسرى، قائلاً: «هل تعتقدون أن إطلاق سراح الأسرى مرة واحدة ممكن؟ إذا سمحت الفرصة لن نتردّد. حماس لا تريد مقابل الأسرى فقط أسرى، إنما تريد تحقيق أمور أخرى». وعقب انتهاء الاجتماع، قال نتنياهو: «نجحنا في استعادة 110 من المختطفين من خلال العملية البرية وهذه هي الطريقة الوحيدة لاستعادة البقية»، مضيفاً: «حاصرنا جباليا وخانيونس ولا يوجد مكان لا نستطيع الوصول إليه وجنودنا يقاتلون وجهاً لوجه». وأشار إلى أن "غزة يجب أن تكون منزوعة السلاح، والجيش الإسرائيلي هو وحده من يستطيع تحقيق ذلك، وليس قوات دولية".
أما وزير الحرب، يوآف غالانت، فادّعى أن «حماس تفقد السيطرة جراء ضرباتنا»، مضيفاً أنه «ليست لدينا شرعية لوقف الحرب، والأمر الشرعي الوحيد هو استمرار الحرب حتى القضاء على حماس»، مشيراً إلى أن «حربنا لا مفرّ منها، وإن لم نحقّق الانتصار فلن تكون لنا حياة في هذه المنطقة».
وحين قال الناطق باسم جيش العدو إنه «يوجد في غزة 138 أسيراً "إسرائيلياً"؛ نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن إحدى الأسيرات "الإسرائيليات" المُفرج عنهنّ قولها: «كل يوم في الأسر كان قاسياً جدّاً. كنت في منزل عندما بدأ القصف من حوله. جلسنا في الأنفاق، وخفنا جدّاً. ليس من أن حماس ستقتلنا، إنما من أن "إسرائيل" ستقتلنا، وبعد ذلك ستقول: حماس قتلتكم".