يحيي الفلسطينيون ذكرى اندلاع أوسع انتفاضة شعبية ضد الاحتلال الصهيوني عام 1987 "االانتفاضة الأولى"، هذا العام، متزامنة مع خوض المقاومة الفلسطينية على امتداد قطاع غزة والضفة والساحة اللبنانية معركة مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، أطلقت عليها اسم "طوفان الأقصى".
وأطلقت وسائل الإعلام مسميات عدة لهذه الانتفاضة منها: "انتفاضة الحجارة" أو "الانتفاضة الأولى" أو "انتفاضة 1987"، حيث تواصلت لسنوات عدة، متسلحة بالحجارة والسكاكين والمعدات البسيطة لمواجهة مركبات وعتاد جيش الاحتلال والمستوطنين.
ما فجّر شرارة الانتفاضة هو قيام جندي "إسرائيلي" بدهس مجموعة من العمال الفلسطينيين من قطاع غزة، وهم: الشهيد طالب أبو زيد (46 عاماً) من المغازي، والشهيد عصام حمودة (29 عاماً) من جباليا البلد، والشهيد شعبان نبهان (26 عاما) من جباليا البلد، والشهيد علي اسماعيل (25 عاماً) من المغازي.
بدأت الانتفاضة في غزة، وفي اليوم التالي مع تشييع جثامين الشهداء الأربعة، امتدت إلى الضفة الغربية.
"الانتفاضة الأولى" استمرت 7 سنوات
واستمرت الانتفاضة سبع سنوات وهي تدور، في كل بيت، وعائلة، وقلم، ومنبر، وجدار، وشارع، وحارة، وحي، ومدينة، ومخيم، وقرية في الضفة، وغزة، والقدس المحتلة، وأراضي عام 1948 المحتلة، كما تقول الأغنية الثورية: "في كل قرية وبيت وحارة، انتفاضتنا تظل دوارة".
تعداد الشهداء والجرحى والأسرى خلال الانتفاضة
وأفادت معطيات مؤسسة رعاية أسر الشهداء والأسرى أنه جرى استشهاد 1550 فلسطينياً خلال الانتفاضة، واعتقال 100-200 ألف فلسطيني. وأشارت مؤسسة الجريح الفلسطيني إلى أن عدد جرحى الانتفاضة يزيد عن 70 ألف جريحاً، يعاني نحو 40% منهم من إعاقات دائمة، و65% يعانون من شلل دماغي أو نصفي أو علوي أو شلل في أحد الأطراف، بما في ذلك بتر أو قطع لأطراف هامة.
كما كشفت إحصائية أعدتها مؤسسة التضامن الدولي، أن 40 فلسطينياً استشهدوا خلال الانتفاضة داخل السجون ومراكز الاعتقال "الإسرائيلية"، بعد ان استخدم المحققون معهم أساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات.
أدوات الانتفاضة
وعن أدوات الانتفاضة، استخدم الفلسطينيون حجارة بحجم قبضة اليد سلاحاً لمواجهة الجنود والمستوطنين "الإسرائيليين" في شوارع الضفة وغزة، كما استخدموا الحجارة الكبيرة والإطارات المطاطية لإغلاق شوارع يسلكها مستوطنون، أو لمنع تقدم الجيبات العسكرية خلال اقتحامها الأحياء والقرى والمدن الفلسطينية. وبعدها تطورت الأدوات واستخدم المنتفضون زجاجات "المولوتوف" المملوءة بالمواد الحارقة، التي تقذف بها نحو الدوريات العسكرية وسيارات المستوطنين، فتتحطم وتشتعل بها النيران.
عوامل اندلاع الانتفاضة
وجاءت الانتفاضة كما الهبَّات الفلسطينية اللاحقة في وقت كادت فيه القضية الفلسطينية تسقط من الأجندة العربية، إذ غاب الملف الفلسطيني عن طاولة القمة العربية الطارئة في العاصمة الأردنية يوم الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 1987 لصالح الحرب العراقية الإيرانية آنذاك.
وقبل كل ذلك، تعرض الفلسطينيون لضغوط وملاحقات الحكم العسكري "الإسرائيلي" على حياتهم اليومية، واستمرار تغول الاستيطان على أراضيهم.
وما أشبه اليوم بالأمس، فبعض الحكومات العربية تهرول باتجاه تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، على الرغم من تلقيه ضربة قاسية من المقاومة الفلسطينية، في عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي التي زلزلت وجوده، وكادت أن تجعله ينهار لولا التدخل الأمريكي الغربي وخذلان الدول العربية للمقاومة الفلسطينية، التي تسعى بكل جهد لمواجهة العدو الصهيوني ومخططاته التهويدية التي تستهدف كل الأرض الفلسطينية، والمقدسات ولا سيما المسجد الأقصى المبارك.
في الذكرى الـ36 للانتفاضة المباركة، فقد أكدت عملية "طوفان الأقصى" أن الكيان الصهيوني، فعلاً، "أوهن من بيت العنكبوت"، وأن هزيمة نكراء لحقت بالجيش الصهيوني الذي قيل يوماً "إنه الجيش الذي لا يقهر"، وأن تقسيم الساحات وتجزئتها فشل فشلاً ذريعاً، وهو ما أكده امتزاج دماء المقاومين في الضفة والقدس والداخل المحتل، مع المقاومين في غزة ولبنان واليمن والعراق، ما يعني أن معركة وحدة الساحات التي خاضتها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في عام (2022) واستشهد على اثرها ثلة من قادة الحركة ومجاهديها قد رسمت طريقاً منيراً في سبيل تحرير فلسطين من دنس الاحتلال الصهيوني، وفتحت أبواباً جديدة للمقاومة من ساحات عربية.. والقادم أعظم!..