في اليوم الـ73 من الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة، تابع العدو اعتداءاته على المدنيين والأحياء السكنية، حيث سقط أكثر من 100 شهيد في مجازر جديدة في مخيم جباليا، شمال القطاع. كذلك، استمرّت العمليات العسكرية "الإسرائيلية" في الشمال والجنوب، وسط تصدٍّ شرس من المقاومين على طول محاور الاشتباك، حيث أثبتت وقائع الأيام القليلة الماضية، أنه لا منطقة «آمنة» تماماً بالنسبة إلى العدو على امتداد غزة.
ونشرت، «كتائب القسام»، أمس، مقطع فيديو (بتاريخ الأول من أمس) يُظهر استهداف جيب عسكري "إسرائيلي" من نوع «همر» بصاروخ موجّه مضادّ للدروع «كورنيت»، شمال شرق بيت لاهيا. وبحسب الفيديو، فإن موقع الاستهداف يقع على مقربة من السياج الحدودي بين القطاع ومستوطنات «الغلاف»، قرب معبر «إيرز»، علماً أن تلك المنطقة دخلتها القوات "الإسرائيلية" في المرحلة الأولى من العملية البرية، بل في أيامها الأولى، ويعتبرها جيش الاحتلال شبه آمنة بالنسبة إلى قواته التي تتحرّك فيها بنوع من «الأريحية»، أكثر مما تفعله في مناطق أخرى في عمق غزة. كما أن استخدام صاروخ «كورنيت»، يثير أسئلة كبرى في رؤوس القادة العسكريين الصهاينة، حول القدرات التسليحية الحقيقية للمقاومة في القطاع، نوعاً وكماً، وإمكانية أن تكون في حوزتها أسلحة نوعية أخرى، تخفيها لمراحل قادمة من الحرب.
كذلك، نشرت «القسّام» مقطع فيديو آخر، يظهر اشتباكات يخوضها المقاومون مع قوات العدو وآلياته في مدينة غزة، حيث ظهر في الفيديو 10 جنود "إسرائيليين" وهم يختبئون خلف دبابة، قبل أن يتلقوا قذيفة صاروخية في وسطهم، أطلقها مقاوم، فأوقعتهم بين قتيل وجريح. كما أظهر الفيديو الجرّافات "الإسرائيلية" وهي تقوم بسحب وإخلاء دبابات «ميركافا»، تعرّضت للاستهداف من قبل المقاومين. أيضاً، أظهر المقطع جنوداً مصابين وموضوعين على الحمّالات، فيما من المرجّح أن يكون المقاومون قد حصلوا على هذه المشاهد، من خلال اغتنام «كاميرا رأس»، من أحدهم.
وفي المقابل، أقرّ جيش الاحتلال، أمس، بمقتل 7 من ضباطه وجنوده في معارك جنوب القطاع وشماله. كما أعلن مستشفى «سوروكا» (النقب)، وحده، عن استقبال 28 جندياً "إسرائيلياً" مصاباً جرّاء القتال.
وفي ما يتصل بالأسرى الصهاينة، عرضت «القسام»، مقطع فيديو يُظهر 3 من هؤلاء، كباراً في السنّ، وهم يطالبون حكومتهم بإخراجهم من قطاع غزة، مؤكّدين أنهم «لا يريدون الموت بالغارات الجوية». وفي حين اعتبر المتحدث باسم جيش الاحتلال، مقطع الفيديو، "رسالة إرهابية"، فقد جدّد القول إن «الجيش يقوم بكل ما يمكن لتحرير هؤلاء الأسرى». ومن جهته، قال القيادي في حركة «حماس»، أسامة حمدان، أمس، إن الحركة «منفتحة على مبادرات قطر ومصر بشأن صفقة التبادل»، لكنه عاد ليؤكّد أن «لا تفاوض على صفقة الأسرى حتى يتوقّف العدوان على شعبنا». وفي الواقع، يأتي نشر مقطع الفيديو ضمن مفاوضات تجري في الخفاء بين العدو والمقاومة، بوساطة مصرية وقطرية.
وفي هذا السياق، قالت مصادر مطّلعة إن «لقاء انعقد مساء أمس، في العاصمة البولندية، وارسو، ضمّ مدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس جهاز «الموساد»، ديفيد برنياع، لمناقشة إمكانية التوصّل الى اتفاق جديد لتبادل الأسرى».
كما أن بث المقطع في هذا التوقيت يمكن فهمه كإشارة على نيّة «حماس» التفاوض على فئة الرجال من كبار السنّ، حالياً، وعلى من تبقّى من غير الأسرى الجنود. وكان العدو قد رفض - قبيل انفراط عقد الصفقة الماضية - أن يجري تبادل على غير النساء والأطفال، حينذاك، إلا بالشروط نفسها، أي دفعة يومية تصل إلى 10 أسرى "إسرائيليين"، على قاعدة مقابل كل "إسرائيلي"، يُطلق سراح 3 فلسطينيين، الأمر الذي اعتبرته المقاومة أنه غير مناسب لتطبيقه على الأسرى الرجال، وإن كانوا من المسنّين، مطالبةً بتعديل شروط التبادل، كماً ونوعاً.
وفي موازاة ذلك، ومع زيارة وزير الدفاع الأميركي الكيان الصهيوني أمس، وتأكيده استمرار بلاده في تزويد الأخير بما يحتاج إليه من أسلحة وذخائر في حربه على غزة، وإعلانه عدم إملاء «أي جدول زمني أو شروط على إسرائيل» بخصوص هذه الحرب، كان «البيت الأبيض» والخارجية الأميركية يطلقان مواقف لا توافق عليها حكومة العدو، وخصوصاً رئيسها بنيامين نتنياهو، الذي ما لبث يعاكس الأميركيين في هذا المسار، إذ قال «البيت الأبيض»، أمس، إن واشنطن «لا تزال تؤمن بحلّ الدولتين، وهو الطريق الصحيح للمضيّ قُدماً بالنسبة إلى إسرائيل والفلسطينيين»، مشيراً إلى اعتقاد الإدارة بأنه «بعد تعزيز السلطة الفلسطينية، ينبغي أن تدير غزة، ولم نغيّر رأينا بهذا الشأن».
وأضاف أن «الشعب الفلسطيني يستحقّ صوتاً يعبّر عنه، وحكماً شفّافاً يساعده على تحقيق حل الدولتين»، في إشارة إلى اعتباره السلطة بديلاً من حركة «حماس» في حكم غزة.
وفي السياق نفسه، رفض القيادي في «حماس»، أسامة حمدان، التصريحات الأخيرة لمسؤولي «فتح» بشأن «محاسبة المقاومة»، معتبراً أنها «لا تعبّر عن مسؤولية وطنية»، في إشارة إلى تصريح أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير»، حسين الشيخ، لقناة «العربية» السعودية، والذي قال فيه إنه «ستتمّ محاسبة حركة حماس، لكن بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة». (المصدر: الأخبار)